الصحافة المصرية باتت في حاجة ملحة لإعادة صياغة البنية التشريعية الحاكمة والمنظمة لعملها، فكما أن قانون النقابة أصبح كالثوب الذي ضاق بالجسد الصحفي فاهترأ وملأته الثقوب، كذلك قرارات الجمعية العمومية المتعلقة بمنع التطبيع مع الكيان الصهيوني وغيرها من لوائح منظمة للقيد بجداول النقابة. فعقوبة الحبس التي مازالت تنص عليها بعض المواد في القوانين التي لا تليق بمصر وصحافتها، كما أنها لا تعود بالفائدة علي المتضرر بينما التعويضات المالية تشرك مالك المؤسسة في تحمل نتيجة الأخطاء المهنية كما يستحوذ علي الأرباح، خاصة أن عدداً من ملاك الصحف الخاصة والحزبية يسمح بابتزاز مواطنين وإن لم يكن قد أنشأ الصحيفة بالأساس للترويج لمشروعاته والتربح سياسياً ومحاربة خصومه. لجوء هيئة الإذاعة البريطانية للتفاوض مع الطبيب المصري المقيم في بريطانيا للتنازل عن دعوي السب والتشهير التي أقامها أمام المحاكم البريطانية والاتفاق علي دفع مبلغ مليون جنيه استرليني دليل دامغ علي احترام ال»بي بي سي لسمعتها المهنية فهي لم ترغب في الانتظار حتي يصدر ضدها حكم يشكك في مهنيتها ويلزمها بتعويض قد يفوق ما توصل إليه الاتفاق ويعكس أيضًا يقينًا بأن التشريع البريطاني يكفل حماية حقيقية لسمعة المواطنين وحرياتهم مهما كانت جنسياتهم.. بينما ترتكب الصحافة المصرية آثام تصل إلي درجة إشعال الفتنة الطائفية وهتك الأعراض وشرف العائلات. تجاوزات الصحافة جعلت مقولة كلام جرائد تتردد فاختلط الغث بالسمين ولم يعد المسئولون يلقون بالاً لما ينشر في الصحف.. فهناك من يتربص بسمعة الصحافة ويسعده تجاوزاتها ليثبت للشارع المصري أن كلام الصحافة ليس كله حقائق ومن ثم تفقد مصداقيتها وفاعلية ما تنشره من حقائق عن الفساد والمفسدين. سمعة الصحافة تتطلب وقفة حقيقية من شرفاء المهنة والعمل جديًا للخروج بقوانين جديدة تليق بتاريخ وعظمة الصحافة المصرية. وفي المقابل تنظيم عملية القيد وتحديد من هو الصحفي والمؤهلات الواجبة لحمل القلم وتمثيل ضمير الأمة وكذا قرارات مثل منع التطبيع مع إسرائيل تلك القرارات المخترقة، فلابد من السماع لمعارضي هذا القرار والخروج بصياغات دقيقة لا تحتمل التأويل. ومن اللافت ذلك الجدل الذي أثير علي خلفية صدور قرار من لجنة التأديب الابتدائية بحق الزميلين حسين سراج والدكتورة هالة مصطفي فخرج الزميل مجدي الدقاق يعلن أنه لن يمنع سراج من الكتابة ثلاثة أشهر وهي العقوبة التي حددتها هيئة التأديب. وثار البعض معتبرين ذلك تحديًا للنقابة في الوقت الذي لم يلتفت أحد إلي أن هذا الحكم ابتدائي وليس نهائياً، أو بات، ومن ثم لا يجوز تطبيقه طالما هناك درجات أخري من التقاضي كالطعن أمام لجنة التأديب الاستثنائية واللجوء لمحكمة القضاء الإداري والأهم هو لماذا تتم هذه الانتقائية وهل تقف خلفها حسابات انتخابية؟!