الأمين العام الجديد لمجمع البحوث الإسلامية يوجه رسالة للإمام الطيب    «سجل الآن» فتح باب التقديم على وظائف بنك مصر 2024 (تفاصيل)    محافظ الإسكندرية: استثمارات مشتركة بين مصر والسعودية لتحقيق تنمية متكاملة    ننشر أسعار اللحوم والدواجن اليوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2024    شركة مياه الشرب بقنا ترد على الشائعات: «جميع العينات سليمة»    موعد صرف الدعم السكني لشهر سبتمبر    وزير الخارجية ونظيرته الكندية يبحثان إلغاء التأشيرات المسبقة    السعودية تتابع بقلقٍ بالغ تطورات أحداث لبنان وتجدد تحذيرها من خطورة اتساع العنف    جيش الاحتلال الإسرائيلي: صفارات الإنذار تدوى جنوب وشرق حيفا    جسر جوي وبري لنقل المساعدات والوقود من العراق إلى لبنان    جوتيريش يجدد دعوته إلى أطراف الصراع في لبنان وإسرائيل لحماية المدنيين    تضامن وتحذيرات.. تفاصيل اجتماع وزراء الخارجية العرب بشأن لبنان    مسؤول أمريكي: الولايات المتحدة تُعارض غزوًا بريًا إسرائيليًا للبنان    ملف مصراوي.. قائمة الزمالك لمواجهة الأهلي.. أزمة أحمد فتوح بالسوبر الأفريقي.. وسرقة حسام غالي    أسامة عرابي: مباريات القمة مليئة بالضغوط ونسبة فوز الأهلي 70%    وكيل ميكالي: كان هناك سوء تفاهم مع اتحاد الكرة.. ومرتب المدرب لم يتضاعف    «ساعدني لإكمال الدراسة».. مهاجم الإسماعيلي يروي موقفًا مؤثرًا لإيهاب جلال    موتسيبي: زيادة مكافآت الأندية من المسابقات الإفريقية تغلق باب الفساد    "لم أقلل منه".. أحمد بلال يوضح حقيقة الإساءة للزمالك قبل مواجهة الأهلي في السوبر الأفريقي    محافظ الجيزة يعاين جهود السيطرة على حريق مدينة الإنتاج الإعلامي    بلاغ جديد ضد كروان مشاكل لقيامه ببث الرعب في نفوس المواطنين    عاجل - الثلاثاء يشهد طقسًا حارًا ورطبًا في معظم الأنحاء مع تحذيرات من التعرض للشمس    "هذا ما لم نسمع به من قبل".. كيف علق عمرو أديب على تقدم أحمد سعد ل"خطبة" طليقته؟    مؤسسة محمد حسنين هيكل تحتفل بميلاد «الأستاذ».. وتكرّم 18 صحفيا    مدين يكشف كواليس مكالمة عمرو مصطفى والصُلح بينهما    مسعد فودة: اتحاد الفنانين العرب يواصل رسالته في دعم القضايا العربية    أضف إلى معلوماتك الدينية| دار الإفتاء توضح كيفية إحسان الصلاة على النبي    دولة آسيوية عظمى تؤكد أول إصابة بمرض «جدري القرود»    الصحة اللبنانية: ارتفاع شهداء الغارات الإسرائيلية إلى 492 والمصابين إلى 1645    أحمد سعد: اتسرق مني 30 قيراط ألماظ في إيطاليا (فيديو)    إصابة 5 أشخاص في تصادم سيارتين بطريق أبو غالب في الجيزة    هل منع فتوح من السفر مع الزمالك إلى السعودية؟ (الأولمبية تجيب)    فرنسا تدعو لاجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي حول لبنان    هبوط تجاوز ال700 جنيه.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2024    أول تعليق من هند صبري بشأن الجزء الثاني ل«أحلى الأوقات»    تأثير القراءة على تنمية الفرد والمجتمع    وزير الأوقاف يستقبل شيخ الطريقة الرضوانية بحضور مصطفى بكري (تفاصيل)    مسؤول بمجلس الاحتياط الأمريكي يتوقع تخفيض الفائدة الأمريكية عدة مرات في العام المقبل    مصر للطيران تعلن تعليق رحلاتها إلى لبنان    الفوائد الصحية لممارسة الرياضة بانتظام    محارب الصهاينة والإنجليز .. شيخ المجاهدين محمد مهدي عاكف في ذكرى رحيله    تعرف على موعد ومكان عزاء رئيس حزب الحركة الوطنية    ارتفاع حصيلة مصابي حادث أسانسير فيصل ل5 سودانيين    اخماد حريق نشب بمخلفات في العمرانية الشرقية| صور    هيفاء وهبي جريئة وهدى الإتربي تخطف الأنظار.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    إبراهيم عيسى: تهويل الحالات المرضية بأسوان "نفخ إخواني"    حتحوت يكشف رسائل محمود الخطيب للاعبي الأهلي قبل السوبر الإفريقي    وزير البترول يؤكد استدامة الاستقرار الذى تحقق في توفير إمدادات البوتاجاز للسوق المحلي    الآن رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2024 لطلاب المرحلة الثالثة والشهادات الفنية (استعلم مجانا)    أحمد موسى يناشد النائب العام بالتحقيق مع مروجي شائعات مياه أسوان    طريقة عمل الأرز باللبن، لتحلية مسائية غير مكلفة    عمرو أديب: حتى وقت قريب لم يكن هناك صرف صحي في القرى المصرية    الاقتصاد ينتصر| تركيا تتودد لأفريقيا عبر مصر.. والاستثمار والتجارة كلمة السر    جامعة عين شمس تستهل العام الدراسي الجديد بمهرجان لاستقبال الطلاب الجدد والقدامى    في إطار مبادرة (خُلُقٌ عَظِيمٌ).. إقبال كثيف على واعظات الأوقاف بمسجد السيدة زينب (رضي الله عنها) بالقاهرة    خالد الجندي: بعض الناس يحاولون التقرب إلى الله بالتقليل من مقام النبى    أستاذ فقه يوضح الحكم الشرعي لقراءة القرآن على أنغام الموسيقى    وكيل الأوقاف بالإسكندرية يشارك في ندوة علمية بمناسبة المولد النبوي الشريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغيبوبة العربية عن المشهد الدولي
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 11 - 02 - 2010

في حديثه التليفزيوني "الحرب الباردة وأثرها علي العرب " ضمن الحلقة المؤرخة 2004/7/15، يتكلم هيكل عن غياب العرب عن الساحة السياسية الدولية.. وقد بدأ الكلام عن قاعدة تقول: "لا يمكن أن يكون هناك نفع لرأي إلا إذا كان مبنيا علي قاعدة خبر ولا يمكن أن تكون هناك فائدة لخبر إلا إذا كان داخل سياق لأنه السياق هو اللي يعطي المعني.." هنا أسأل هيكل: هل تطبق هذه القاعدة علي نفسك بالدرجة الاولي، إذ أجد أنك لو طبقت ذلك تماما لما احتجنا إلي أي تفكيك لما تكتبه أو أي مكاشفة لما تتحدث فيه!، ذلك أن آراءك لا تستند أبداً علي قواعد خبرية.. ولم نجن مما تقوله أو تكتبه أي شيء ذي فائدة كونك تخرج دوما عن سياقات النص والموضوع لتهرب إلي الذات أو الشخوص أو متاهة الضياع. كنت أتمني عليك أن تأخذ بهذا المبدأ، ولكن قبل أن أعارضك لنقصانه، ينبغي القول إنك تفتتح حلقاتك كوننا اتفقنا علي عدة أمور أو قواعد! انك تفترض حصول الاتفاق، إذ لا أعتقد أن سامعيك سيتفقون كلهم معك، فأتمني عليك أن تقول إن البعض اتفق معي علي كيت وكيت.. أرجع لمعارضتك ليس حول المبدأ بحد ذاته، بل علي القاعدة، ذلك أن كنت تبني الرأي علي خبر كونك صحفيا من جيل قديم، فإن العلماء يبنون آراءهم علي المعلومات المؤكدة وليس علي أي خبر من الأخبار.. أما فائدة الخبر، فلا يمكنها أن تترسخ ليس لوضعها داخل سياق، أي سياق؟ كنت أتمني أن تكمل المبدأ.. سياق منهجي، فلا يمكن لأي كاتب أن يكتب بلا منهج. وعليه، فإن المعني لا يأتي من فراغ، بل من تكامل، والتكامل لا يكون الا بمنهج.
بين الذات والهوية
تقول مستطردا: "وأنا هنا ما بتكلمش علي بلد عربي بالذات أنا بتكلم علي العالم العربي كله وعندما أقصد بلد محدد بالذات أقدر أتكلم عليه لكن مش عاوز حد يتصور ولأسباب منطقية جدا بأني.. لأني بتكلم من مصر يبقي كلامي كله بالدرجة الأولي مُنصب إلي مصر، أنا بأتكلم أنا قلت المرة الماضية إن أنا قومي عربي باتكلم عن الأمة العربية وباتكلم للأمة العربية وأنا يمكن حد يقول إنه العصر مبقاش عصر لا وطنيات ولا عصر قوميات وإنه اللي بيتكلموا وطنية أو قومية متخلفين (Alright) أنا معترف قد أكون متخلف وأنا معنديش اعتراض علي هذا.." (نص هيكل).
أستطيع القول، وأنا واثق مما اقول، أن هيكل من أبعد الناس عن فكرة القومية العربية ومن ابعد الناس عن فكرة الوطنية المصرية.. فالرجل من أقرب الناس إلي فكرة الذات.. ذات هيكل نفسه والتي تتعاظم نرجسيتها إلي حد القداسة. لم تتكلم يوما بمنطق قومي أبداً، إلا علي عهد الرئيس عبد الناصر لضرورات انت تعرفها! أما وقد فحصنا كتبك وأحاديثك التي جاءت بعد العهد الناصري، فلم نجد ما يميزك قوميا.. إنك دوما ما تتكلم عن حالات معينة لهذا البلد أو ذاك، أو هذا الحاكم أو ذاك.. صحيح أن جل ما تدور حوله هو مصر، ولكن بدوافع لا تتسق مع كل أبناء مصر تاريخا وكيانا ووجودا.. إنك مع مصر لمرحلة أو عهد سياسي معين، ولكنك ضد تاريخها الحديث لرفضك إياه جملة وتفصيلا! وأستطيع القول إنك قد ضيعت المشيتين، فلا انت بقومي عربي، ولا بوطني مصري.. إنك تسكن مصر، ولكن لم تكن يوما مع تطلعات شعبها، ولم تقدم يوما شيئا له خصائصه عن المجتمع المصري.. لقد شغلتك الدولة المصرية عن المجتمع المصري، وشغلك نظام الحكم عن نسيج أوضاعها التي تردت منذ خمسين سنة.. إنك دوما تتطلع بعد أن يأخذك خيالك كي تكون سيدا لمصر ولا غير مصر.. إنك لم تعلن يوما عواطفك القومية مع أي جرح عربي ينزف، وإن حكيت شيئا، فمن اجل هدف سياسي معين! بل أجدك تعلن شماتتك بالآخرين سواء في حروبهم أو في لهيب الفتن التي يعيشونها..
أين أنت من التكوين القومي؟
إنك لم تتكلم في يوم من الأيام عن بنية عربية مجسمة، ولكنك تطرق في كل حين باب دولة معينة لتنال منها، أو أن ثمة دولا عربية تؤرقك دوما، فكثيرا ما تجعلها مادة دسمة كي تستلب منها تاريخها، وتشوه أبعاد منجزاتها.. إنك قليلا ما تردد مصطلح (الأمة العربية)، فلا تزايد علينا هنا أو هناك! وردا عليك، أسألك: من قال لك إن من يتكلم بالوطنية والقومية هو من المتخلفين؟ ما هذا "التوصيف" الذي لا يستقيم أبدا مع طبيعة الاشياء؟ إذا كان المد القومي العربي قد انحسر منذ ثلاثين سنة، بفعل الهجمة الدينية والطائفية، فليس معني ذلك أن الأوطان قد ماتت، ولا النزعة الوطنية غدت متخلفة؟ لماذا تعترف بأنك متخلف؟ ولماذا لا تعترض علي هذا التوصيف السقيم؟ لماذا لا تقدم أي اعتراض؟ بمعني أنك قد آمنت بما آمن به السفهاء والجهلة الذين لم يعودوا يؤمنون بالأوطان وبالتراب.. وقد هرعوا إلي انتماءات لا أول لها ولا آخر! هل أصبحت أنت ايضا تضحك علي الموسيقار سيد مكاوي وهو ينشد: الارض بتتكلم عربي؟
لا اعتراض عليك يا هيكل إن تكلمت عن العالم العربي، أو عن مصر، أو عن أي بلد عربي.. الخلاف ليس هنا، ولكن الخلاف ينصب علي مصداقية ما تقول، وأيضا علي افتقاد المنهج وبالتالي افتقاد السياق الذي يضر بالمعاني أو يهشم المعاني أو يضيعها.. إن اعتراضنا علي عدم استقرارك في موضوع معين بكل جوانبه.. وانت القادر علي أن تبقي نفسك داخل أي سياق، بدليل إن اخترت أحدا ليكون مادة شخصية لك، فإن باستطاعتك أن ترفعه إلي السماء أو أن تنزله إلي الدرك الأسفل.. أن كلا منهما باستطاعتك أن تتلاعب بأخبارك عنهما من دون أن نقف علي أي معلومات دقيقة ومن دون وجه حق أبدا. وسنري أنك غير مستقر علي ادعائك الكلام عن العالم العربي، فسرعان ما تذهب هنا أو تشرد هناك، ثم تعود إلي مصر في نهاية المطاف. إن مصر حاضنتك الاولي والأخيرة، وانا واثق أن هيكل يعيش مع مصر، فهو ابن حقيقي لمصر، ولكن في إطار افكار تسيطر عليه منذ بداياته الاولي، ولا يستطيع التحرر منها ابدا! إن هيكل مشوش التفكير دوما، فهو يترفع، كما هو واضح، عن القومية العربية.. وهو ينال من مصر دوما إن استطاع دون أن يفصل العامل الشخصي عن الموضوعي أبدا.. إنه غير مستقر علي ذوات وشواهد معينة، ودوما ما تكون أجنبية وغير مصرية أو عربية أبدا.. إذ إن انعدام استقراره يجعله يستدعي ذاته مرات ومرات.. ويدخل نفسه في الموضوع، وكأنه مشارك في صنع حدث أو شاهد علي حدث لم يشهده.. وإن شهده، فليس من العقل أن يشارك فيه!
العرب لم يعودوا لاعبين سياسيين في العالم
يقول هيكل: "أنا وعدد من الدبلوماسيين العرب سمعوا مسئول كبير في الأمم المتحدة بيقول لنا ببساطة كده إن العرب لم يعودوا لاعبين سياسيين في العالم ولا في منطقتهم لا علي المستوي الفردي ولا علي المستوي الجماعي، وأنا مش عايز أسمي أسماء لكي لا أحرج أحد أنا باخد مسئولية ما أقول لكنني لا أحمله للآخرين.." (نص هيكل).
أسألك: هل قال هذا المسئول الكبير في الامم المتحدة شيئا نادرا لم يعرفه الجميع؟ إذا كنت انت قد سمعته، فمن هم بقية الدبلوماسيين العرب الذين سمعوا مثل هذا الأمر الخطير؟ وهل هو امر خطير إلي درجة تجعلك مش عايز تذكر أي اسم من الاسماء؟ وسواء ذكرت أم شخصت، فهل هذا الامر سيكون مثار احراج لأحد؟ ما معني أنك تأخذ بمسئولية ما تقول، ولكنك لا تحمله للآخرين؟ إذن، ما معني ما تتحدث عنه؟ وما معني أن تتحدث في هذا الموضوع؟ وهل أن غيبوية العرب عن الساحة السياسية الدولية مسئولية فلان أو علان.. أم أنه مسئولية المنظومة العربية قاطبة، لكي تنهار بالشكل الذي هي عليه الآن؟ وتعال يا هيكل لأسألك سؤالاً واحداً: متي نجح العرب في استقطاب العالم.. وإذا كان العرب قد عرفوا كيف يلعبون في السياسة إبان النصف الأول من القرن العشرين مقارنة بمن أتي ليحكم ويتسلط في النصف الثاني منه! فإن العرب لم يستقطبوا العالم معهم في أية لحظة تاريخية علي امتداد مائة سنة مرت!
مسألة الإصلاح
يقول هيكل مستطردا: "القضية المهمة إنه بسبب عجزنا عن الإصلاح وبسبب عجزنا عن إن إحنا نلحق بالعالم أو حتي نبص لعيوبنا ونقدرها ونحاول أن نسبق إحنا محدش قرأ بالقدر الكافي بيان الثمانية هذا البيان طلع ومعه ملحقاته، الحاجة الخطيرة أو اللي أنا مش يعني بأستغرب عليها إنه هذا البيان بيحدد مسئوليات محددة يسندها إلي بلاد غربية معينة بمعني إنه هذا البيان وأنا يعني هنا مضطر أقول إنه علي سبيل المثال يتكلموا علي البيان نص البيان بيتكلم علي ضرورة إصلاح كل إيه؟ بيتكلم علي ضرورة الإصلاح البرلماني والحزبي القانوني والقضائي التعليمي والإعلامي حقوق الإنسان وحقوق المرأة الإذاعة والتليفزيون وكل اللي إحنا عاوزينه طيب مش بس كده لو إنه بيقول والله ده كله محتاج لإصلاح كنت فهمت لكن هو يسند مسئوليات معينة إلي دول معينة بالذات يعني معني بيقول إيه مثلا بيقول إنه والله فرنسا هتتولي الإشراف علي الإصلاح الإداري والقضائي في سوريا إنه إيطاليا مسئولة عن النظام القضائي في أفغانستان إنه إنجلترا هتشوف جرائم العنف وجرائم في الشرف في الأردن إن إنجلترا هتشوف الإعلام العربي وإنها هتكلف ال(BBC) في الجامعات العربية إنها تعمل برامج شبه أكاديمية لإعادة تدريب إعلاميين عرب، ألمانيا هتعمل مسئوليات اليابان هتاخد مسئوليات محددة وهكذا قُسِم العالم العربي والاختصاصات الداخلية فيه الإصلاح علي الدول واحدة واحدة باختصاص معين، لما ال (BBC ) خدت الإعلام أنا فوجئت بإنه مش فوجئت يعني واحد صحفي مصري مهم ونقابي كلمني في التليفون إمبارح وبيقول لي ال(BBC) هتعمل برنامج كبير قوي لتدريب الصحفيين في العالم العربي وعلي فكرة أنا بأقدر الدور اللي بتعمله (BBC) ولو إني عندي تحفظات علي الجهات التي تقف وراءها وده مش عيب يعني.. لأنه الدول مش مؤسسات خيرية الدول مؤسسات مصالح يعني فبيقول لي إنه ال (BBC) هتعمل برنامج إعادة تدريب وأنا شايف إيه اللي حاصل متابع إيه اللي جاري وهم بيسألوا إذا كان ممكن حضرتك تفتتح هذا الموسم قلت له أنا مع الأسف الشديد لا أستطيع وشرحت له أسبابي لكن إحنا حتي مش بس هم بيكلَّفوا دول أخري بتُكلَّف بمهام محددة لإصلاح عالمنا ولكنه هناك أيضا رغبة في الاستعانة بمن يقدر منا إنه يوظَّف في هذه المسائل" (انتهي النص).
بيان الثمانية
هل يتصور هيكل أنه الوحيد المتابع لما يجري في العالم؟ لقد تابعنا ما تضمنه بيان الثمانية ما بين 8 10 يونيو 2004، وكان يعني بحد ذاته استجابة لدعوة الرئيس الأمريكي جورج بوش، حين عقدت قمة الدول الصناعية الثماني، وكان موضوع الاصلاح ضمن جدول للاعمال، ولكن ليس اساسيا أو رئيسيا فيه لما يعانيه الواقع العربي، ولكنه أخذ حيزا مهما علي جدول أعمال القمة. ولقد انتهي مؤتمر القمة إلي صياغة تقرير حول خطة "إصلاح" أوضاع الأنظمة والشعوب ومشكلات الثقافة العربية الإسلامية، بما يؤمن الظروف الملائمة للتغيير.
السؤال: هل كان ذلك لمصلحة مجتمعاتنا ودولنا؟ أم كان من اجل مصالح الحياة البشرية في العالم المتغير كله؟ أم جاء ذلك من اجل مصالح أو بالاحري تأمين وتمكين مصالح الدول الثماني في منطقتنا عموما؟ أم انه قد جاء استجابة للحد من المخاطر المحتملة التي تجدها هذه الدول الثماني انها ستأتي علي ايدي عناصر وقوي عربية واسلامية؟ لقد عالج بعض الكتاب والمتابعين والمحللين العرب وغير العرب هذه المضامين.. تلك المعالجات التي لم يطلع حسب زعمي عليها الاستاذ هيكل، والا ما معني قوله " محدش قرأ بالقدر الكافي؟ وهل هو نفسه قد قرأها بالقدر الكافي مقارنة بقراءة الاستاذ عوني فرسخ في مقالته "استراتيجية الهيمنة من بنرمان إلي بوش"؟ إن الرجل قد أشبع الموضوع درسا ومقارنة وخرج بنتائج ممتازة، وكان له موقفه الصريح في هذا "الموضوع".. ولا نعرف بعد إعادة قراءتنا لهيكل في النص اعلاه: هل هو موافق علي ذلك أم مخالف له؟ ما الذي يريد قوله؟ من هذا الذي كلمك في التليفون من ال»بي بي سي« وهو مهم ونقابي؟ وماذا قال لك؟ لم أجد أي توضيحات بشأن ما تقول! انت تقدّر الدور الذي ستقوم به ال»بي بي سي« ولكن لماذا حوّلت الموضوع كله إلي ذاتك الشخصية، كونهم قد سألوا حضرتك أن تفتتح هذا البرنامج.. وانت قد تعززت وتمنعت وشرحت لهم أسبابك! طيب اذا كنت قد وافقت وقدرت الدور الذي ستلعبه ال»بي بي سي« في إصلاح الاعلام العربي.. فلماذا تقول إن لك اسبابك في عدم افتتاحك للبرنامج؟ كنت أتمني عليك ألا تقحم نفسك في موضوع تطرقت إليه، ولكنك لم تعالجه معالجة صريحة كما عالجه غيرك من الكتاب العرب.. كان عليك أن تقول من هو الذي كلمك في التليفون.. ومن هو الذي دعاك.. إن صناعة الأخيلة وترجمتها وتسويقها علي الناس شيء.. وأن مبدأ الصراحة واقرار موقف من هذا "الموضوع" شيء آخر! وهل تعتقد أن مشروع الاصلاح الذي تبناه مؤتمر قمة الثماني كان حقيقيا وأنت الذي اجهضته.. أم انه كان ضمن حملة أمريكية قادها الرئيس جورج بوش الابن من أجل اهداف إعلامية.. لا اساس لها من الصحة؟ ومن مصائب القدر أن الذي تقوله وتحكي فيه تتناساه أو تنسي أنك قلته بعد زمن قصير، كون ما تقوله لا أساس له من الصحة. واخيرا، إذا كان المشروع جادا علي أيدي الدول الثماني.. فلماذا أصبح في خبر كان اليوم؟
مصر.. مرة أخري
نتابع هيكل الذي وعدنا بأنه سيتكلم عن كل المنطقة، وليس عن مصر بالتحديد.. نجده ينتهز الفرصة ليعبر عن رأيه في أوضاع مصر، أنه ينتقل من موضوع عام إلي موضوع خاص عن غزة واعمار غزة، وينتقد الدور المصري انتقادا شديدا كونه دوراً أمنياً وليس دور اعمار، وهو يقول بعد أن يسهب بكلامه: "طيب إذا كان لم نعد لاعبين في المنطقة وإذا كانت أدوارنا أدوار أمنية وعلي فكرة غزة مهياش موضوع جديد أنا قبل كده من سنوات طويلة نسبت للرئيس ميتران وهو صحيح إنه رابين قال له مرة إنه كل ليلة بيحلم بغزة لما كان رابين رئيس وزراء يعني وإنه يتمني يحلم ويمكن بالتمني إنه قطاع غزة كله غرق في البحر بكل من فيه عشان يخلصه لكن بيصحي الصبح يلاقي قطاع غزة لا يزال في مكانه لا غرق ولا الناس اللي فيه اختفوا في البحر.." (نص هيكل).
بالرغم من إنه لا معرفة كبيرة لي حول هذا "الموضوع"، ولكن ماذا كان هيكل سيفعل لو كان رجلا مسئولا؟ وأي دور سيقوم به؟ وما هي الافكار الجديدة التي يحملها كي يكون القادة العرب من أمهر اللاعبين في المنطقة؟ طيب، وإذا كان الرجل يحمل هكذا فكرة نقلا عن الرئيس ميتران.. فما الذي ينفعنا من هذا القول؟ وهل باستطاعة رابين أو غير رابين أن يخفوا قطاع غزة وكل أهلها بين طيات البحر.
انتظروا الحلقة القادمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.