قبل أيام صدر التقرير العالمي حول التعليم 2010، عن منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). حيث انقضي عقد تقريبا علي اعتماد المجتمع الدولي للأهداف الستة للتعليم للجميع في داكار (السنغال) في أبريل عام 2000، وتعهدت البلدان المشاركة في المنتدي العالمي حول التعليم (عددها 164) بالعمل علي ضمان تعليم أساسي للجميع بحلول عام 2015. وبعد بضعة أشهر، تجدد هذا الالتزام من طرف الدول الأعضاء في الأممالمتحدة (عددها 191) بالتوقيع علي أهداف التنمية للألفية الثالثة التي تنص بوضوح علي أن التعليم الابتدائي للجميع يجب أن يصبح ضمن أولويات المجموعة الدولية للسنوات التالية. حسب "كارلو سانتاريللي"، ممثل الشبكة السويسرية للتعليم والتعاون الدولي، فإنه: "بدون تعليم أساسي جيد لا يمكن تحقيق تطورات مستديمة في مجال الصحة وفي المساواة بين الرجل والمرأة وفي الدخول إلي سوق العمل وفي الأمن الغذائي وفي عملية الدمقرطة وفي القدرة علي استخدام التكنولوجيات الحديثة". وفي هذه المسألة بالتحديد، يهدد التطور السريع لمجتمع المعلومات في البلدان الصناعية بتوسيع إضافي للهوة القائمة مع السكان الأكثر فقرا في العالم . الجديد في تقرير هذا العام 2010 والمعنون ب"السبيل إلي إنصاف المحرومين"، والذي يجعله مختلفا عن التقارير العالمية السابقة لرصد التعليم للجميع، وهي علي التوالي: التعليم للجميع : هل يسير العالم علي الطريق الصحيح عام 2002، قضايا الجنسين والتعليم للجميع : قفزة نحو المساواة 2003 - 2004، التعليم للجميع: ضرورة ضمان الجودة 2005، القراءة من أجل الحياة 2006، إرساء أسس متينة من خلال الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة 2007، التعليم للجميع بحلول عام 2015، هل سنحقق هذا الهدف؟ 2008، أهمية الحوكمة في تحقيق المساواة في التعليم 2009. أن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية حاضرة حضور الأرقام الصادمة والاحصائيات المحبطة (17 مليون أمي - من الكبار - في مصر)، حيث ألقت بظلالها علي كافة مجالات التنمية البشرية بما في ذلك التعليم. صحيح أن هناك مكاسب قد تحققت منذ اعتماد الاهداف الإنمائية للألفية عام 2000، باتجاه تعميم التعليم الابتدائي وزيادة نسبة الالتحاق بالتعليم الثانوي والعالي وتحسين معدلات المساواة بين الجنسين في الكثير من البلدان، لكن كل هذه المكاسب باتت عرضة لتغيير جذري بسبب الأزمة المالية العالمية، فالتقرير يبين أن انخفاض الإيرادات الحكومية وارتفاع نسبة البطالة يشكلان تهديدا خطيرا للتقدم في كافة مجالات التنمية البشرية. كما صارت الميزانيات الحكومية تعاني من ضغوط كبيرة وأضحي تمويل التعليم في وضع لا يحسد عليه. يؤكد التقرير العالمي لهذا العام أن الطريق أمامنا لايزال طويلا ، فهناك 72 مليون طفل علي الأقل لا يتمتعون بحقهم في التعليم ، كما يوجد ملايين الشباب الذين تركوا المدرسة بدون أن يحصلوا علي المهارات اللازمة للانخراط في صفوف القوي العاملة بنجاح ، كما أن واحدا من كل ستة كبار لايزال محروما من الحق في القراءة. إن تقرير عام 2010، حسب إيرينا باكوفا مديرة عام اليونسكو - هو نداء من أجل العمل ومد يد العون إلي الجماعات المحرومة لكي ننصف حقها في التعليم وفي الحياة الكريمة . والنظم الاستيعابية أو الجامعة هي وحدها التي تمتلك القدرة علي تسخير المهارات اللازمة لبناء مجتمعات المعرفة في القرن الحادي والعشرين. وللمجتمع الدولي دور حاسم في دعم جهود البلدان الساعية إلي حماية نظمها التعليمية وتوسيع نطاقها. أهم ما جاء في تقديم "باكوفا"، هو "علينا أن ننتهز الفرصة لبناء مجتمعات تكافح عدم المساواة لكي تزدهر بمن فيها ويعمها الرخاء . ويقف التعليم في الصف الأول في هذه المعركة. وذلك ليس فقط لأن المدارس تعلم مهارات القراءة والكتابة وإنما أيضا لأنها تقوم بدور حاسم في تعزيز التسامح والسلام والتفاهم بين الشعوب وفي محاربة التمييز بكل أشكاله".
