رسخت بطولة الأمم الأفريقية 2010 المقامة بأنجولا بالدليل القاطع أن المنتخبات والفرق المصرية تحقق نتائج رائعة وغير متوقعة عندما تكون الجماهير ووسائل الإعلام متشائمة وقلقة من هذه المباريات. وعلي النقيض تماما تصاب المنتخبات والفرق المصرية بإخفاقات وتعثرات كبيرة وغير متوقعة أيضا في حال كانت الجماهير ووسائل الإعلام متفائلة وواثقة من النجاح. فالجميع سواء خبراء أو لاعبون أو جماهير كانوا يتوقعون خروجا مدويا للمنتخب المصري في بطولة امم أفريقيا المقامة حاليا بأنجولا والتي يسدل عليها الستار مساء الأحد القادم.. خاصة وأن كل الظروف التي أحاطت بالمنتخب أشارت الي ذلك حيث ضربت الاصابة صفوف الفراعنة قبل انطلاق البطولة مباشرة وتسببت في غياب القوة الضاربة المتمثلة في محمد أبو تريكة وعمرو زكي ومحمد بركات ومحمد شوقي فضلا عن الحالة النفسية السيئة التي عاشها اللاعبون والجهاز الفني بسبب الخروج من تصفيات مونديال 2010 بجنوب أفريقيا علي يد الجزائر بعدما كانوا قاب قوسين أو أدني من الحصول علي بطاقة التأهل الي كأس العالم. ورغم تلك الظروف وحالة التشاؤم التي سيطرت علي الجميع الا أن أبناء شحاته نجحوا في عزف سيمفونية رائعة وقدموا نتائج طيبة وفازوا علي معظم الفرق التي صعدت الي المونديال ليؤكد ذلك علي أن التشاؤم خير طريق للفراعنة من أجل تحقيق نتائج طيبة. ولم تكن بطولة أمم أنجولا هي الدليل الأوحد علي ذلك.. ففي كأس أمم افريقيا 98 ببوركينا فاسو تشاءمنا وتوقعنا أن نحتل المركز ال13 فعدنا بكأس البطولة ، وفي كأس أمم 2006 تشاءمنا أيضا وقلنا أن المنتخب ضعيف خاصة وأنه حقق نتائج متواضعة في المباريات الودية وقلنا أن حسن شحاتة مدرب مؤقت ولم يحصل علي وقت كاف مع المنتخب ففزنا بكأس البطولة، وفي 2008 تشاءمنا وقلنا أننا سنخرج من الدور الأول للبطولة وأن انتصاراتنا في 2006 كانت بالجمهور فقط فعدنا أيضا بكأس البطولة. حدث ولا حرج عن بطولة كأس القارات عام 1998 تشاءمنا من المكسيك وبوليفيا فتعادلنا معهما، وعقب ذلك تفاءلنا بفوز كبير علي السعودية والتأهل لقبل النهائي فخسرنا 5 - 1 وودعنا البطولة، وفي كأس القارات 2009 تشاءمنا في لقاء البرازيل فقدمنا مباراة رائعة وخسرنا "بالعافية"، وتشاءمنا في لقاء إيطاليا ففزنا بهدف حمص، وتفاءلنا كثيرا في لقاء أمريكا وتوقعنا التأهل لقبل النهائي فخسرنا بثلاثية وودعنا البطولة. علي النقيض في تصفيات كأس العالم 2010 تفاءلنا بشدة في البداية وتوقعنا التأهل للمونديال فتعادلنا علي ملعبنا مع زامبيا ثم خسرنا من الجزائر، فتشاءمنا وقلنا إن التأهل صعب إن لم يكن مستحيلا ففزنا علي رواندا مرتين ثم علي زامبيا في لوساكا. وحتي مع منتخب الشباب بعد الفوز علي ترينداد تفاءلنا بالفوز علي باراجواي فخسرنا منها، فعدنا للتشاؤم مرة أخري وقلنا إننا سنخسر من إيطاليا فسحقناها برباعية، فتفاءلنا كثيرا وتوقعنا التقدم في البطولة خاصة بعدما أوقعتنا في طريق كوستاريكا المتواضعة فخسرنا منها. لعل ميزة التشاؤم تكمن في أنها تزيل الضغوط النفسية عن اللاعبين حيث يدفعهم الي اللعب بهدوء أعصاب حيث إن الخسارة بالنسبة لهم لن تتسبب في مشكلة أما اذا حققوا الفوز فإنه سيصبح انجازا كبيرا فضلا عن اللعب بتركيز وبدون غرور أو استرخاء أو تقليل من مستوي المنافس. كذلك يعمل التشاؤم علي تهيئة الجمهور للنتيجة الأسوأ، فإذا حدثت يكون الجمهور متوقعا ذلك، وإذا حدث العكس فتكون الفرحة أكبر بعد تحقيق المعجزة. وكالعادة لم يسلم شحاتة من الانتقادات وحالة التشاؤم التي تحيط به قبل أي بطولة قارية يدخل غمارها وذلك منذ تعيينه علي رأس الادارة الفنية عام 2004، لكنه في كل مرة يثبت أنه دائما علي حق سواء في اختياراته التكتيكية أو الفنية أو تشكيلة اللاعبين، مما يفعله في النسخة الحالية ليس سوي دليل واضح علي ذلك خاصة ان اللاعب محمد ناجي جدو الذي راهن عليه شحاتة كان كلمة السر في ترجيح كفة الفراعنة في معظم المواجهات. وواجه "المعلم" صعوبات كثيرة في مرحلة الاعداد بدءا من المعنويات المهزوزة للاعبيه بسبب نكسة الفشل في التأهل الي المونديال بالسقوط في المباراة الفاصلة أمام الجزائر كذلك الغيابات المؤثرة في خط الهجوم. لكن شحاتة وب"ضربة معلم" أثبت العكس ونجح في مواصلة نتائجه الرائعة مع الفراعنة في العرس القاري بفضل احد اللاعبين الواعدين غير المرغوب فيهم من جميع وسائل الإعلام المصرية وهو مهاجم الاتحاد السكندري جدو. ويعد شحاتة المدرب التاسع عشر في مسيرة المنتخب المصري الذين يتقدمهم حسين حجازي ومراد فهمي ومحمد الجندي وفؤاد صدقي ومحمد عبده صالح الوحش وحمادة الشرقاوي وعبد المنعم الحاج ومحمود الجوهري وطه اسماعيل ومحسن صالح وفاروق جعفر وأنور سلامة. أما المدربون الاجانب فهم الالمانيان كرامر وفايتسا واليوغوسلافي بوبوفيتش والويلزي مايكل سميث والهولندي كرول والفرنسي جيرار جيلي والايطالي ماركو تارديللي.