في تحرك جديد لرأب صدع اليسار أطلقت لجنة "التجمع" بالإسكندرية مبادرة يسارية جديدة تهدف لجمع شمل اليسار المصري والالتفاف حول مجموعة من الأهداف لتحقيقها.. وحصلت "روزاليوسف" علي نسخة من المبادرة اليسارية التي تتلخص أهدافها في الآتي: الخطوط الأساسية قراءة سريعة لطبيعة المرحلة الراهنة في مصر: يتضح للملاحظ أو المتابع للخطاب السياسي لأغلب التحركات السياسية في مصر عموما أن مطالبها لو جمعت سويا فلن تختلف كثيرا عن أهداف ثورة يوليو الست التي لن تخرج بدورها عن الخطوط العامة للتحرك الذي نفذه الفصيل الوطني من الجيش المصري عام 1881 بقيادة أحمد عرابي الأمر الذي يوضح لنا النقاط الآتية: مصر مازالت تمر بمرحلة تحرر وطني، وأن النخبة السياسية المصرية "علي تباين اتجاهاتها" هي التي قادت التحركات الشعبية ابتداء من عبدالله نديم مرورا بثورة يوليو وانتهاء بالمعارضة اليسارية في الستينيات من القرن الماضي والتي فشلت نظرا للطبيعة المترددة لهذه النخبة وانعزالها عن الطبقات الشعبية المستغلة والمقموعة وصاحبة المصلحة الأساسية في التغيير. إشكالية اليسار في ظل هذه الظروف الموضوعية المواتية تماما للثورة كلحظة تاريخية فارقة تنتقل فيها السلطة من الطبقة المسيطرة للطبقات المقموعة والمنهوبة، فإن غياب دور اليسار المصري كقوي اجتماعية فاعلة قائدة للطبقات المنهوبة وصاحبة البديل الحتمي لعلاقات الانتاج الراهنة يرجع لعدة عوامل: 1 - النشأة ظهر اليسار في مصر حينما كانت الطبقة العاملة المصرية في طور التكوين، وكانت تلك الطبقة لم تتكون عضويا، ولم يكتمل وعيها بذاتها كطبقة، ولأن اليسار المصري آنذاك كان مؤلفا من شرائح متباينة من الطبقة الوسطي فإن التنظيمات اليسارية نشأت منعزلة وتعتمد في نضالها علي نظريات ومناهج جاهزة مما أدي لغياب منهج ثوري علي تطابق مع الواقع المصري. 2- التبعية أدي غياب المنهج الثوري المحلي المتطابق بالواقع المصري، إلي تبعية التنظيمات اليسارية للاتحاد السوفيتي، واستيراد مناهج ونظريات ماركسية واسقاطها علي الواقع الاجتماعي المصري، مما جعل التنظيمات اليسارية في حالة عزلة وحولهم إلي مجموعة من المثقفين النظريين. 3 - التردد أدي غياب الرؤية الناتج من غياب المنهج الثوري وغياب المعارضة إلي حالة التردد والانهزام الدائم لدي اليسار المصري وهو ما بدا واضحا في انتفاضة 1977 الذي كان الشارع فيها سابقا لليسار، وإلي الآن. 4 - التشرذم أدت سيادة النزعة النظرية لدي اليساريين وطبيعتهم البرجوازية المصبوغة بالفردية إلي تفشي الخلافات التنظيمية وتحولها لحلقات صغيرة منعزلة. البديل اليساري طبيعة المرحلة تحدد مهام اليسار وتفرض إعادة تكوينه: اليسار يجب أن يكون هو المعبر عن مصالح الطبقات المقهورة صاحبة المصلحة في التغيير، وينبغي علي اليسار أن يسعي لتشكيل الحزب الثوري الذي يتسم بالانضباط ويضم في صفوفه شرائح واسعة من هذه الطبقات ويتسم بتقسيم العمل إلي الحد الذي يجعله نواة الدولة الموازية لدولة "القهر والتبعية" علي حد وصف المبادرة!.. متابعين: ولما كان الوعي الطبقي التلقائي لهذه الطبقات المقهورة وافرادها يرفض هذا الواقع. مما أفرز عديدا من التحركات الاجتماعية التي تنظم نفسها ذاتيا، وهذا يتضح في العديد من التحركات والاضرابات الفئوية. فإن هذه المبادرة تقوم علي ما يلي: التخلي ولو تدريجيا عن اسقاط المناهج والنظريات الثورية علي الواقع المصري وقراءة الواقع الاجتماعي المصري قراءة علمية جدلية نحو إنتاج منهج جدلي ثوري خاص بالواقع المصري! من الناحية التنظيمية التروي في تشكيل فصيل يساري منظم والاعتماد علي الالتحام بنضال الشعب المصري الذي لابد وأن يشارك فيه اليساريون من شتي الاتجاهات والتنظيمات! إن وحدة النضال والعمل الجماهيري ستفرض تدريجيا واقعا جديدا يتم خلاله إنتاج رؤية موحدة تؤدي في النهاية إلي وحدة نظرية انتهاء بالوحدة التنظيمية. لأن التسرع والقفز علي المرحلة واستباق الواقع لتشكيل حزب يساري جديد سيؤدي بهذا الحزب إلي ذات المصير الذي لاقته جميع الفصائل والمجموعات اليسارية السابقة. وهناك نقط أساسية مطروحة للمناقشة كبداية: 1 - المستوي المرحلي "الحشد" من وجهة نظر المبادرة فإن نضالات الشعب المصري حاليا هي ضمن نطاق رد الفعل علي تزايد الهجمة الشرسة التي يقوم بها التحالف الطبقي الحاكم علي حقوق الشعب المصري. ولذا فإن الاشتباك والالتحام مع هذه التحركات لا يكفي رغم أهميته لذا لابد من ممارسة الخطاب التحريضي في الشارع بشكل مستمر، مع التركيز في هذا الخطاب علي الأزمة الاقتصادية الشاملة التي يعاني منها فقراء البلد ويستفيد منها التحالف الطبقي. 2 - الخطاب للشعب المصري - حتي في أبسط مستوياته - خطابه الخاص الثوري الرافض للواقع، والواعي تماما لواقع الاستغلال ومعطياته لذا لابد من استلهام هذا الوعي الطبقي التلقائي وتسييسه!