في خطاب الرئيس مبارك في عيد العلم (21 يناير) أشار سيادته إلي أن "العالم يتجه اليوم للاقتصاد القائم علي المعرفة والتقدم التكنولوجي، وأصبحت القيمة المضافة للناتج القومي من الاستثمار في البحث العلمي وحقوق الاختراع والابتكار تتجاوز بكثير القيمة المضافة من الاستثمار في قطاع الصناعة وغيره من قطاعات الإنتاج والخدمات". ومن ثم أكد سيادته أهمية البحث العلمي لا كنشاط ترفيهي، وليس كحاجة ثانوية لمصر، ولكن كمطلب حيوي لها، وكضرورة حتمية للاستمرار، ولأخذ موقع بين الدول المتقدمة . في زيارة لي للولايات المتحدةالأمريكية، لحضور أحد المؤتمرات العلمية، تحديت مضيفي الأمريكي أن يشتري لي أي سلعة أو منتج في الأسواق الأمريكية مكتوب عليه "صنع في الولاياتالمتحدةالأمريكية" !! فالصناعة كانت العمود الفقري والأساسي لنهوض الولاياتالمتحدة في القرنين التاسع عشر والعشرين حتي منتصف السبعينيات .. أما في العقود الأربعة التالية فقد استغنت الولاياتالمتحدة عن المصانع، ونقلت الشركات الأمريكية الكبري مصانعها إلي دول العالم لا سيما الصين وهونج كونج، وتايوان وماليزيا، وسنغافورة .. حتي السيارات في شوارع الولاياتالمتحدة، صاحبة الماركات الشهيرة، يتم تجميعها حالياً في أوروبا، أو يتم استيرادها من اليابان .. لقد استغنت الولاياتالمتحدة عن معظم الأنشطة التقليدية، وأبقت الولاياتالمتحدة نشاطاً واحداً يمثل أكثر من 70٪ من النشاط الاقتصادي، ويتمثل هذا النشاط في الإنتاج الفكري، وفي إنتاج برامج الكمبيوتر (السوفت وير)، وفي مجال الذكاء الاصطناعي، وفي مجال الخدمات اللوجيستية. وعلي نفس خطي الولاياتالمتحدة، يسير كثير من الدول حالياً، مثل اليابان، التي أصبحت تركز بشكل كبير علي إنتاج "الشرائح الذكية"، وعلي " الميكرو تكنولوجي"، وعلي أجهزة " الروبوت" والذكاء الاصطناعي، وغيرها من المجالات الحيوية. وفي المقابل، فإن الأنشطة الاقتصادية التقليدية، ومجالات الإنتاج الكلاسيكية، أصبحت موضع تنافس الدول الفقيرة، أو الدول التي تبدأ أولي خطواتها علي طريق التقدم .. الدول الفقيرة تبدأ من حيث بدأت الدول المتقدمة لا من حيث انتهت .. لذا فعليها الانتظار لمدة قرنين حتي تصل إلي ما وصلت إليه الولاياتالمتحدة وغيرها من الدول المتقدمة . صحيح أن الإمكانيات الحالية متباينة بين الدول المتقدمة والدول النامية ،وصحيح أن التخصص في مجال التكنولوجيا والإنتاج الفكري يحتاج إلي بنية اقتصادية قوية وراسخة، ولكن لابد من البدء في هذا الاتجاه، وعدم تأجيل هذه المرحلة، لأن التأخير معناه زيادة الفجوة، واتساعها، بين الدول المتقدمة وغيرها من الدول . كلمة السر في التقدم حالياً هي الإنتاج الفكري والبحث العلمي علي ما أشار إليه الرئيس مبارك.