كيف قامت ثورة يوليو بتوزيع ضباطها الأحرار خاصة من ضباط الصف الثاني علي المناصب السياسية المهمة تأمينا لمواقعها؟، وكيف وزعتهم علي الشركات والمصانع في حركة التمصير، وكيف استغل بعضهم تلك المناصب؟، وماذا فعلوا في الشقق التي استأجرتها الثورة لتخزين السلاح والأموال تحسبا لقيام ثورة مضادة؟، وكيف كان شكل العلاقات التي جمعت بين جماعات الضباط الأحرار سواء المتعاونة أم المتصارعة؟، جميعها أسئلة تطرحها رواية "فيوليت والبكباشي" الصادرة حديثا عن دار "هفن" لعمرو كمال حمودة، وهي إنتاجه الروائي الأول بعد تخطيه الخمسين من عمره. اضطر الكاتب حسن سرور للتنبيه علي أن الرواية عمل فني وليس تأريخيا ردا علي الهجوم علي الثورة من قبل حضور الندوة التي أقامتها ورشة الزيتون لمناقشة الرواية قائلا: "لا تنسوا أن مؤلف الرواية باحث، ولم يكن مضطرا لتأليف رواية حتي يتمكن من الكتابة عن ثورة يوليو". المفكر اليساري الدكتور فخري لبيب وصف الرواية "بالكتاب السياسي بامتياز" وقدم قراءة لأحداث الرواية قائلا: "بطل الرواية البكباشي يوسف عبد المنعم يشبه الملك فاروق في الملامح، وكشفت شخصيته أن رجال الثورة لم يكن عليهم سوي قطف ثمار مصر، والبطل نموذج من ضباط الصف الثاني من تنظيم الضباط الأحرار الذين حولوا الشقق التي أجرتها الثورة لأوكار للحب، وقد اتصفوا بالفراغ وبالاستماتة علي مناصبهم، واعتبر لبيب أن الكاتب حاول من خلال روايته تتبع سبل إفساد الناس عن طريق تنصيبهم في مناصب سياسية مهمة. ومثلت الدكتورة ثناء أنس الوجود الاستثناء الوحيد الذي عبر عن اندهاشها من حدوث مثل تلك الأحداث قائلة: "إذا كان ما جاء بالرواية من كواليس صحيحا، فذلك يعني أننا حقا في مستنقع من الطين، وسيدفعني ذلك للبكاء علي الإنجازات التي حققها عبد الناصر، واعتبرت أن هدف الكاتب من روايته كان انتقاد أوضاعنا السياسية الحالية عن طريق استدعاء الثورة التي اعتبرها الكاتب سببًا لتدهور الأوضاع الحالية. بينما تفاجأ الشاعر شعبان يوسف باندهاش أنس الوجود وسألها: "لماذا تندهشين من شخصية البطل، فهو رجل طبيعي وجد نفسه موضوعا في مناصب ليس أهلا لها اضطرته أن يصبح متسلطا باطشا، و ألم نسمع جميعا عن الفاشية التي مارسها ضباط الثورة علي معارضيهم من اليساريين والإخوان المسلمين وغيرهم؟"، ونفي يوسف أن يكون بطل الرواية نموذجا لكل ضباط الصف الثاني من الضباط الأحرار، وتساءل:"هل كان يقصد الكاتب أن مآل البكباشي يوسف عبد المنعم هو مآل ثورة يوليو ومصيرها؟". وقال الدكتور حسام عقل: "أراد الكاتب أن يستنفر أذهاننا لإعادة قراءة هذا الحدث التاريخي، وكذلك تتبع طريقة تحول القيادات العسكرية لقيادات سياسية واقتصادية وقد اقترب في الرواية مما كان يدور بالداخل الذي كان يغطي عليه خطب عبد الناصر وكاريزمته، وأشاد عقل بتقنية الراوي العليم التي استخدمها المؤلف لضمان الحيادية، وبراعته في السرد التي أخرجته من التحليلات التاريخية الجافة، وعاب عليه قيامه بتوضيح بعض الأحداث، وقلة استخدام الحوار داخل الحكي. وانتقد الفنان التشكيلي عدلي رزق الله هجوم البعض علي علاقة البطل الجنسية بالمرأة الشامية وقال: "أنا لا أدين الجنس في الرواية، وإذا كنا نريد أن نتحدث عن الفساد داخل الرواية فسيكون استيلاء الثورة علي بيوت الناس وعلي مصانعهم ومنحها للضباط لتخريبها، وأشار إلي أن الضباط الأحرار كانوا يتسمون فيما بينهم بالجدعنة والكرم. ووصف الدكتور حنا جريس الرواية قائلا: "أشعر أن الرواية تأخذني لكواليس صعود وانكسار الثورة". بينما قالت الروائية عزة رشاد:" تهدف الرواية للتأكيد علي مطلب عودة الجيش إلي ثكناته وهو مطلب مازال قائما حتي الآن".