تستضيف القارة السمراء في عام 2010 للمرة الأولي في تاريخها بطولة كأس العالم وتتجه أنظار العالم إلي جنوب أفريقيا التي تنظم ذلك الحدث الضخم بمشاركة ست دول أفريقية تتسابق من أجل الحفاظ علي الهوية والكبرياء التي باتت كرة القدم مصدراً لهم مثل الجزائر والكاميرون وغانا وساحل العاج ونيجيريا وجنوب أفريقيا. فبعد مرور قرابة نصف قرن علي نيل الدول الأفريقية الاستقلال من القوي الاستعمارية فإن الأمور تتحول من سيئ إلي أسوأ وتتزايد الهوة الاقتصادية بين الدول الأفريقية نظيرتها الصناعية الكبري لذا فباتت كرة القدم هي الملاذ أمام تلك الدول الأفريقية حيث تريد القارة السمراء أن تظهر بأنها قادرة علي استضافة هذا الحدث المهم فالرياضة يمكن أن تكون بمثابة تعويض عن شعور القارة بالنقص ويقول المهاجم السابق لمنتخب جنوب أفريقيا شون بارتليت في تصريح له مؤخراً لإذاعة البي بي سي أن كل دولة من دول القارة الأفريقية لها مشكلاتها الداخلية التي تعاني منها ولكن كرة القدم يمكنها أن تصنع العجائب للشعوب.. فعلي الرغم من أن عام 2010 هو المرة الأولي علي الإطلاق التي تستضيف فيه أفريقيا كأس العالم إلا أن القارة السمراء ليست غريبة عن لعبة كرة القدم التي جمعت جميع دول العالم علي حبها وعشقها فلا توجد بقعة من بقاع القارة الأفريقية تشرق عليها الشمس لا تمثل فيها كرة القدم جزءاً مهماً من الحياة اليومية بها بداية من معسكر اللاجئين في السودان وحتي منطقة الحرب في مقديشو.. وتشير مجلة دير شبيجيل الألمانية التي أعدت تقريراً لها في هذا الصدد بأن هناك اختلافاً بين كرة القدم في ألمانيا وكرة القدم في أفريقيا، فالأولي التي حازت علي كأس العالم والبطولة الأوروبية لثلاث مرات تنحصر متابعة كرة القدم فيها علي التواجد في الاستاد أو النوادي الخاصة لكن في أفريقيا والصورة مختلفة تماماً فكرة القدم منتشرة بكل ربوع القارة والأمر لا يقتصر علي متابعة المباراة في الاستاد أو النادي فالبرغم من الأوضاع المأساوية في معسكرات اللاجئين في السودان وتشاد تنجح كرة القدم في رسم البسمة علي وجوه الأطفال هناك الذين يلعبونها وسط الطين بل أن الكرة في كثير من الأحيان لا تزيد عن كونها مجموعة من الأكياس البلاستيكية مربوطة بإحكام فالغاية واحدة وهي متعة كرة القدم وإن اختلفت وسيلة اللعب.. وتكمن شعبية كرة القدم في القارة الأفريقية في بساطتها فهي لا تتكلف الكثير من الأموال ولا تحتاج ممارستها إلي ملابس باهظة التكاليف وقال النجم الكبير والأسطورة الغانية عبيدي بيليه الكرة هي جزء منا فنحن نقوم بممارستها بجوار المنازل وفي الشوارع وفي أي منطقة نجدها ويقول المهاجم الكونغولي السابق بيير كلالا عندما نستيقظ من النوم نتنفس كرة القدم، فحان الوقت أن ندرك أن الفرق الأفريقية ليست تتدلي من الشجر لنركض وراء أكل الموز، وأن نغير الصورة النمطية المأخوذة عن القارة الأفريقية التي أطلق عليها الروائي البولندي البريطاني جوزيف كونراد قلب الظلام فالفرق الرياضية حفت اسمها في البطولات الدولية بالإضافة لانضمام اللاعبين الأفارقة إلي الأوروبية جعل هذه من هذه الفرق الأفضل في العالم فالساحر النيجيري جاي جي أوكوشا أثري الدوري الألماني، فضلاً عن المهاجم الليبري جورج وياه أحد أفضل أساطير القارة السمراء في اللعبة والحاصل علي لقب أفضل لاعب في أوروبا وأفضل لاعب في أفريقيا وأفضل لاعب في العالم، بالإضافة إلي المهاجم الكاميروني صمويل أيتو الذي أمتع الجماهير في فريق برشلونة بطل الدوري الإسباني، ثم انترميلان الإيطالي، وكذلك العاجي الدولي ديديه دروجبا مهاجم نادي تشيلسي الإنجليزي وأسطورة الكرة النيجيرية نوانكو كنو.. ولكن علي الرغم من سحر الكرة الأفريقية إلا أن العالم في انتظار أن تفوز دولة أفريقية ببطولة كأس العالم.. فهل سيطول الانتظار أم أن عام2010 سيهدي كأس العالم إلي القارة الأفريقية التي طالما حلمت به؟! نقلاً عن دير شبيجل الألمانية