في كثير من الأحيان، قد يؤدي فحص جثث ضحايا جرائم القتل وتشريحها إلي تأخير التحقيقات الجنائية بضعة أيام. والأهم من ذلك أن الأطباء المعنيين قد لا تتوافر لهم فرصة معرفة أشياء كثيرة عن الجثة إلا مرة واحدة عند تشريحها. إلا أن مركز البصريات والتصوير العلمي في السويد استطاع تجاوز هذه المشكلة بفضل جهود عدد من الباحثين الذين توصلوا إلي ابتكار نظام تشريح افتراضي. فقد بات بالإمكان مسح الجسم المراد تصويره عن طريق الرسم الطبقي بأشعة إكس اعتمادا علي الكمبيوتر في عملية لا تستغرق أكثر من 20 ثانية، وتقدم حتي 25000 صورة، وكل منها تمثل شريحة من الجسم. ومن خلال هذه العملية يمكن لمختلف الأنسجة ومواد الجسم الأخري والأجسام الغريبة (الطلقات علي سبيل المثال) أن تمتص أشعة إكس بكميات مختلفة. ويستطيع البرنامج الإلكتروني في هذه الحالة تمييز هذه المكونات المختلفة ويعطيها قيما تناسب كثافتها. وهناك بطاقة جرافيك تحولها إلي تجسيدات بصرية ثلاثية الأبعاد بألوان وظلال مختلفة.. وعلي سبيل المثال، تظهر الجيوب الهوائية بلون أزرق والألياف الطرية بلون بيج والأوعية الدموية باللون الأحمر والعظام باللون الأبيض. وبضغطة من مؤشرة الكمبيوتر، يستطيع الطبيب أن يخترق طبقات الجلد والعضلات الافتراضية. ولجعل العملية أكثر سهولة تم تصميم طاولة تشريح افتراضية تعرض عليها صورة الجثة ويتجمع حولها حتي ستة أشخاص. وبلمسة إصبع يمكن استبعاد طبقات العضلات، وتبعيد وتقريب أعضاء الجثة وتقطيع الأنسجة بواسطة مبضع افتراضي. حتي الآن، استخدمت الشرطة السويدية هذه التقنية في تشريح حوالي 350 حالة. وقد أثبتت أنها قادرة علي كشف أدلة غاية في الأهمية كان من الصعب الوصول إليها، مثل معرفة زاوية دخول الطلقة إلي الجسم، وكشف الجيوب الهوائية في أماكن غير صحيحة منه، وكسور العظام لدي ضحايا الحريق. ويمكن للتشريح الافتراضي أن يحدد أسباب الوفاة خلال ساعات. فخلافا للتشريح الفيسيولوجي، لا يغير هذا النوع من التشريح من وضع الأدلة في حين يسمح للمعنيين بالعودة مرات أخري إلي الجثة بحثا عن أدلة إضافية قد يظهر في وقت لاحق أنها ضرورية. عن مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية