أطفال في سن الزهور تيتموا ونساء أرامل وأمهات ثكلي، هؤلاء هم المجني عليهم في حادث نجع حمادي الإجرامي الذي حاول البعض وصفه بالطائفي واذكاء نار الفتنة بين مواطنين مصريين منهم من يعتنق الإسلام ومنهم من يعتنق المسيحية. الاثنين الماضي زرت موقع الأحداث شاهدت بقايا الدماء التي مازالت محتضنة للرصيف لكن الصورة جاءت مغايرة تماماً لما عرضه بعض وسائل الإعلام غير المسئولة في أذهان الرأي العام، فرغم التحذيرات المتوالية من خطورة المجازفة بالزيارة في هذا التوقيت خاصة أنني كنت برفقة وفد صحفي من نقابة الصحفيين إلا أن المدينة سارت بها الأوضاع هادئة والمواطنون يمارسون حياتهم اليومية المعتادة والمارة يجوبون الشوارع والمدارس منتظمة كأن شيئاً لم يكن، باستثناء عربات الأمن المركزي التي ارتكزت بالقرب من بعض الشوارع الرئيسية كإجراء أمني احترازي. الجريمة بشعة والجناة معدومو الضمير والإنسانية، والدماء التي سالت مصرية لم يفرق الرصيف عندما ابتلعها بين دم أيمن حامد هاشم المجند المسلم ورفيق رفعت وليم صديقه تاجر الجملة المسيحي الصديقان استقلا تاكسي أجرة برفقة صديق ثالث سامح صلاح المحامي شقيق زوجة رفيق الذي أنقذه القدر بأن تركهما وغادر التاكسي قبل موقع الحادث ب100 متر ليفاجأ بأصوات أعيرة نارية. قال: ساورني القلق حاولت الاتصال برفيق فلم يرد حاولت الاتصال بأيمن فلم يرد فأدركت أنهما في خطر وإذا بهما استشهدا برصاص غادر. سامح أضاف: أيمن ورفيق صديقان حميمان يسهران معاً بشكل دائم، أيمن أنهي خدمته في السادسة مساء وجاء إلينا والقاتل لا دين له.. وفي المقابل قال وليد حامد هاشم شقيق أيمن: نعيش سوياً مسلمين ومسيحيين جيراني ميسحيون ولا فرق بين مسلم ومسيحي نحن جميعاً ضحايا القتلة، ماذنب آية وأحمد ومحمد أبناء شقيقي وما هو مصيرهم وعقد الشقة الذي يسكنونها بالإيجار وسينتهي بعد بضعة شهور وإيجارها 3000 جنيه ورتب شقيقي 370 . المسلمون والمسيحيون يتألمون.. أهالي الضحايا كلماتهم تصرخ في الآذان كأنها تقول كفي متاجرة بآلامنا وأوجاعنا.. كفي تحريضاً علي سفك مزيد من الدماء القتلة لا دين لهم والضحايا لا ذنب لهم. المؤسف أن الانبا كيرلس أسقف إبراشية نجع حمادي غلب علي حديثه نبرة الإثارة والتحريض الطائفي وادعي أن الجناة سيخرجون براءة، مصادراً علي الحكم قبل أن يصدر. - نقدر غضبه وألمه، لكننا في دولة القانون وشدد علي أن هناك احتقاناً طائفياً.. نعم هناك احتقان لكن جميعنا شركاء، الإعلام شريك برسائله المؤججة للمشاعر الطائفية والمنظومة التعليمية بمناهجها العقيمة ورجال الدين علي الطرفين بخطابهم المتشدد والمجتمع المدني الذي تجاهل دوره في غرس بذورالوحدة ليقتات علي بذور الفتنة بدعوي حماية حقوق الإنسان وفي روايات حقوقية حقوق الأقليات. مطلوب استراتيجية قائمة علي غرس المضادات الحيوية ضد الفتن من خلال المعالجات الإعلامية والدراما التليفزيونية والمناهج التعليمية والمجتمع المدني والتشريعات القانونية التي تزيل الاحتقان ليمنح كل ذي حق حقه ومواجهة مخططات الخارج والمتاجرين بأمن ومستقبل الوطن. قيل إن القصد الجنائي الانتقام لاغتصاب طفلة مسلمة من قبل شاب مسيحي، السؤال في مثل هذه البيئة التي تلجأ إلي الثأر وإسالة الدماء لتطهير الخطيئة: هل لو كان المغتصب مسلماً ألم يكن سينال نفس الجزاء؟ وماذا كان الحال لو أن المغتصب مسيحي والطفلة مسيحية ألم يكن الثأر هو الحل؟! والأهم: هل القتلة حماة الإسلام؟ لا بل هم عصبة من البلطجية والمسجلين خطر. سؤال آخر مهم: لماذا يوم العيد؟ الجواب: اعتاد أهالي الصعيد علي تأجيل الثأر إلي يوم الفرح واختيار أفضل أبناء العائلة صاحبة الدم لتكون الخسارة فادحة، فكثيراً ما شاهدنا روايات عن قتلة ينتظرون طفلاً حتي يكبر ويقتلونه في حفل زفافه جزاء له علي جريمة اقترفتها يد والده أو شقيقه.. الرهان علي العقلاء وشرفاء الوطن لوأد الفتنة.