قد لا يكون من حسن حظ وزير النقل الجديد علاء فهمي أنه من أبناء المعادي، ففي هذه الضاحية التي تكاد تكون مغلقة علي سكانها منذ سنوات بعيدة، إضافة إلي الدبلوماسيين الأجانب الذين يزيدون من عزلتها، تبدو المعادي مثل قرية صغيرة يعرف سكانها بعضهم بعضًا.. أصلاً وفصلاً.. وحكايات ونوادر، ربما تبدأ من الولادة وأيام المدرسة وتستمر طيلة العمر. ولأن علاء فهمي هو الرئيس الحالي لنادي المعادي، فإن سكان هذه الضاحية بعائلاتها المعروفة استعادوا طوال اليومين الماضيين ذكريات آخر انتخابات جرت في ناديهم عام 2006 حين تحالف علاء فهمي مع مرشحين تابعين لجماعة الإخوان، وضمهم إلي قائمته، وخاض معهم الانتخابات، وأدخلهم أو أدخلوه إلي مجلس الإدارة. ولا يزال سكان المعادي يتذكرون قصة الأتوبيسات التي توقفت فجأة أمام النادي ونزلت منها منتقبات للتصويت لقائمة علاء فهمي والإخوان، كما يتذكرون المعركة التي أثيرت حول الفصل بين المايوه الشرعي.. والمايوه غير الشرعي! عام 2006 الذي شهد دخول الإخوان نادي المعادي، كان عامًا لاستعراض القوة الإخوانية في الشارع عبر مظاهرات في معظم المحافظات، ترافق مع صيف ساخن جدًا شنت إسرائيل خلاله حربها علي لبنان، واستغل الإخوان تلك الأجواء لتهييج الشارع، والتسلل إلي مجالس إدارات الأندية الرياضية، وتكرار ما فعلوه في النقابات المهنية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، حين أصبحت النقابات المهنية قاعدة مهمة خاض من خلالها الإخوان انتخابات مجالس الشعب المتتالية بداية من عام 1984حتي 2005 . لم يكن علاء فهمي وزيرًا حين تحالف مع الإخوان وأدخلهم إلي نادي المعادي، لكن التحالف الذي أبرمه لا يزال حديث هذه الضاحية الهادئة، علي ما يعتبره أهل المعادي كارثة حلت علي ضاحيتهم الهادئة، وناديهم العريق. لن نسأل كيف يأتي وزير سبق له التعاون والتنسيق مع الإخوان، في الوقت الذي يبدو فيه الصراع علي أشده بين أنصار الدولة المدنية، والتنظيم السري الذي يحاول الانقلاب علي مدنية الحكم، وإقامة دولة دينية، وإحياء الخلافة حتي لو حاكم مصر ماليزي.. لكن من حقنا السؤال عن ضمانات عدم تكرار مثل هذه التحالفات في وزارة النقل. وليس بعيدًا عن هذا أن علاء فهمي حين تعرض لهجوم عنيف في أخر جمعية عمومية للنادي، تقريبًا اختفي من النادي، ولم يعد يرد علي اتصالات الأعضاء، وأصبح سكرتيره الشخصي "أسامة" هو وسيلة الاتصال الوحيدة فيما يخص النادي الذي يترأسه.. فكيف سيكون الحال في وزارة استقال وزيرها السابق محمد منصور، ليس فقط بسبب حوادث القطارات المتتالية، وإنما لافتقاد لغة التواصل بين الوزير، وعمال السكك الحديدية من سائقين ومحصلين وعمال إشارات! نرجو أن يخيب الوزير ظنون أهل المعادي ويفتح جسورًا للتواصل مع العاملين في وزارته، فهيئة مثل السكك الحديدية رغم ميكنتها لا يزال العنصر البشري هو العامل الحاكم والحاسم في توافر عوامل الأمان.. أما النادي فأعضاؤه يملكون حق تغيير علاء فهمي.. لكن من الصعب تغيير وزير.