مصر ليست فقط ( أغلي اسم في الوجود ) كما تقول الأغنية. بل هي أيضا أغني بلد في الوجود!. فهل رأيت مصريا يقتصد في استهلاك الماء وسواء كان صالحا للشرب أم لا؟. فالماء عندنا بلا ثمن.وإذا شح لأي سبب يمكن أن نشرب من النيل أو نشرب من البحر.أرأيت مصريا يقتصد في شراء العيش حتي لو لم يأكل نصفه؟. فرغيف العيش المدعم كموائد الرحمن في رمضان حاجة ببلاش كده!. أرأيت بلدا يبدد ثروته من الزبالة الكثيفة علامة الخير الوفير فيرميها في الأرض بدلا من أن يستغلها اقتصاديا؟. أو بلدا يترك مصابيح النور في الشوارع مضاءة طول النهار؟. أو بلدا يتسع لكل مواطن ليتمرغ علي أرض براح وهو متهني ومرتاح؟. فالشوارع والحارات والدكاكين والأرصفة والحدائق والمقابر وفوق الكباري وما تحتها من أرض أو مراكب أو سلالم وداخل السيارات وأسطح القطارت كلها فنادق مجانية يقيم فيها المواطن يأكل ويحلق ويغتسل ويتبول وينام مجانا ولا تحاسبه الضريبة العقارية. ومن يهوي البناء يبني حيث شاء في الريف والبنادر وداخل النيل وعلي شواطئ البحر الأبيض والأحمر مباشرة.ويركن سيارته في صفين و ثلاثة بجوار الرصيف وفوقه و تحت يافطة ممنوع الانتظار أو يتركها بعرض الطريق. فهي أرضنا جميعا وما عاد فيها مكان لأجنبي أو محتل يستغل خيراتها غيرنا. أرأيت بلدا مهما كان ثريا يكون فيه التعليم مجانيا من الحضانة للجامعة؟ فالتعليم عندنا كالماء والهواء.وكما يفيض النيل يفيض عدد خريجي الجامعات عن الحاجة لأننا نطلب العلم للشهادة.وهو كالهواء بالفعل فمن حق الجميع أن ينجحوا دون جهد حتي ولو كان هذا الهواء مشبعا بسحابة سوداء. أرأيت بلدا يكفل التأمين الصحي لمواطنيه مثلنا فيدخلون مستشفياته مرة فلا يخرجون وإذا خرجوا لا يعودون لها أبدا؟. أرأيت بلدا فيه الوظيفة حق كل مواطن علي الدولة الثرية تكفل له المرتب والمكافآت والأوفر تايم سواء وجدت له عملا أم لا.. حضر أم غاب أم اختلس؟. وتكفل للعاملين حق تقاضي الرشوة ليصبح المال في أيدي الجميع. إذا عرف العالم بكل هذا سيدرك أننا أغني دولة لأنه لا أحد غيرنا يفعل ذلك .ولكننا نتعمد أن نداري علي شمعتنا خوفا من الحسد. أما ثروتنا الكبري فهي للأسف مكشوفة للدنيا كلها. فنحن نتمتع بمخزون لانهائي من الكلام يكفينا لعدة قرون لأنه مجاني بامتياز وإذا كان البترول يسمي بالذهب الأسود فكلامنا أسود منه بكثير.. فكلامنا بلا حساب وليس عليه جمرك. نأخذه مجانا ونعطيه للآخرين مجانا وهو زكاة تخرج من أفواهنا ليل نهار .والكلام حق وواجب وفرض عين علي كل مصري. وأكاد أسمع خطيبا يتفوه بلسان حالنا يقول : ما مات شعب توقف لحظة عن الكلام. في برنامج فضائي سأل المذيع رجلا مصريا عن رأيه في تأمين مصر لحدودها عند رفح لمنع المائتي نفق التي يهرب منها إلي غزة السلاح والسلع المدعمة والسيارات والمجرمون ويدخل إلينا منها الحشيش والإرهابيون. قال الرجل البسيط أنه ( لا يصح منع الأنفاق فالناس في غزة أخوتنا ونحن بلد واحدة). كم مرة سمع هذه الجملة من أهله وأصحابه وخطيب الجامع والراديو والتليفزيون ودرسها في المدرسة وقرأها بالصحف وحفظها من أفواه الأشقاء العرب ؟. وكم مرة ستتكرر في السنوات القادمة؟.الرجل كما أخذ الكلام مجانا وأهداه للمشاهدين مجانا لوجه الله والوطن!. لسنا وطنا واحدا إذن. وكان يجب أن نغني ( يا أحلي اسم في الوجود يا مصر وغزة معا). ما قالش الضفة يا محترم؟! لا. يا خسارة نسي. ولو ذكرته لقال( والضفة طبعا فهم بلد واحد.) ولو سئل ( وليه غزة ما تاخدش من الضفة ما تحتاجه بالتراضي أو بالسرقة عبر أنفاق أو أي وسيلة للتهريب؟) لرد ( أصل فيه سحابة صيف بينهم بس إحنا بنصالحهم) ولو قيل له أنهما تبادلا الاتهام بالخيانة وتبادلا التعذيب والقتل والأسر والسجن.أو سئل ( وليه حماس المقاومة ما تعملش أنفاق وتسرق من إسرائيل؟ أو من الأردن ومن لبنان؟.مش كل العرب بلد واحدة؟) سيرد الرجل فورا ( طبعا بس مصر هي الكبيرة ودا قدرها)!. صحيح أن الصغير يجب أن يسمع كلام الكبير. لكن الكبير لازم يتحمل الصغير خاصة ونحن الأغني ولا نعاني أي مشاكل وهي فرصة نسلي وقت فراغنا بحل مشاكل دول المنطقة ونتغاضي عن المجرمين الذين يهربون من عندنا والإرهابيين والحشيش الذي يأتينا من غزة لأنه يجعلنا نقول أحلي كلام ونساعد الزعيم هنية ورجالته ليربحوا الملايين التي يبيعون بها السلع المهربة بثلاثة أضعاف ثمنها ولتخرق مصر الاتفاقيات الدولية ولتحارب إسرائيل بدلا منهم أو نملكهم المنازل في العريش بالمجان أو نوزع علي كل فرد خمسة فدادين فعددهم مليون ونص بس. هل تأكدت الآن أن مصر أغني بلاد العالم من حيث ثروتها الكلامية ؟!. لهذا أعطينا إخوتنا كلمة من سبعين سنة نبقي دولة واحدة ولا يمكن نرجع فيها ولو دخلنا بدل الخمس حروب خمسين لأننا أغنيا قوي وجدعان قوي. ( كلنا بلد عربي واحد) حدوتة جميلة تصلح للأطفال ليناموا أطلقها مصري منذ نصف قرن ليهيمن علي جيرانه فلم يصدقها أحد إلا نحن. ومازال بعضنا يرددها علي أسماع بسطاء الناس ويصرخون في نفس الوقت أن مصر لم تعد الكبيرة وصارت ضعيفة فقيرة ذليلة فقدت الريادة فانتقلت لحماس وحزب الله ولا ينتبه أن معني ذلك أن مصر هي التي تحت الحصار لا غزة!. وهي تحت الحصار منذ النكبة التي جرت لمصر المحروسة عام 1948 عندما دخل جيشها يحرر فلسطين ناسيا أن يحرر مصر من الاحتلال الإنجليزي فحوصر في الفالوجا. وهو اليوم محاصر في رفح!!.