بابا نويل هو العلامة العالمية لقدوم السنة الجديدة، وهو الشخصية التي عرفها العالم كله منذ زمن قديم.. فهو بهداياه للأطفال رمز للسخاء والعطاء دون مقابل وافتتاح طيب للعام الجديد.. ولكن صورة بابا نويل المعروفة قد تغيرت عندنا في مصر هذا العام وتبدلت ابتسامته الطيبة بعبوس ونظرته الحانية بنظرة خوف بل ورعب!! ليس الأمر غريباً بالنسبة للفيس بوكرز، ولا أصحاب البريد الإلكتروني.. فقد شاهد معظم هؤلاء الذين يستخدمون الإنترنت صورة بابا نويل في مصر.. وهي صورة كاريكاتيرية المفروض أنها مضحكة.. والتعليق علي الصورة هو "العام الجديد في مصر" وهي عبارة عن صورة في بيت مصري لعائلة يزورها بابا نويل في رأس السنة.. والأطفال قد أخذوا منه "جواله" المليء باللعب ويأخذون ما فيه لأنفسهم بينما يمسك الأب بابا نويل من ملابسه وهو يهدده والأم علي طرف الصورة تولول.. وبابا نويل علي الأرض بعين متورمة يبدو عليه البؤس والرعب. قد تبدو الصورة مضحكة للوهلة الأولي، ولكن بعد برهة يتحول الضحك إلي كوميديا سوداء.. فهل أصبحنا بهذا الجشع؟ وهل صار أولادنا طماعين بهذا القدر؟ وهل فقدنا القدرة علي الحلم وعلي أن نؤمن بالأفكار الطيبة حتي بتنا نضرب بابا نويل ونسرق هداياه تحت التهديد في نكاتنا؟ صحيح أنها مجرد نكتة أو كاريكاتير، ولكنها تعبر عما وصل إليه مجتمعنا من إهمال الخيال والتقليل من قدر القيم الطيبة وعدم زرع حب الجمال والخير في أولادنا. أذكر أن ابنتي ظلتا حتي عام مضي تؤمنان بوجود بابا نويل الرجل العجوز الطيب الذي يحب الأطفال، ويزور بيوتهم جميعاً حول العالم ليلة رأس السنة وهم نائمون ليضع هداياه لهم أسفل الشجرة المضاءة.. وإذا كانوا أطفالاً طيبين فهم يستحقون الهدية ولابد أنهم سيجدونها في صباح أول أيام العام الجديد.. ولم يجد كلام الصديقات بأن بابا نويل هذا شخصية خيالية، وأن الآباء والأمهات هم الذين يبتاعون الهدايا ويضعونها تحت الشجرة بعد أن ينام الأطفال! وأذكر أن صديقتي "أماني" قصت علي كيف أنها اعتادت علي أن تأتيها هدية بابا نويل كل عام جديد.. وحتي بعدما كبرت وعرفت أن بابا نويل الذي زرعه فينا آباؤنا موجود في قلوبنا فقط، استمرت والدتها في شراء هدية رأس السنة لتضعها علي سرير أماني ليلاً فتجدها بجانبها علي طرف السرير عندما تصحو في الساعات الأولي للسنة الجديدة.. ولم تكن والدتها تفصح عن شيء بالرغم من أن كلتيهما تعرفان من هو بابا نويل الحقيقي. إن دعاوي التخلص من تلك الأفكار الجميلة مثل بابا نويل الكريم والشجرة دائمة الخضرة والعطاء هي دعاوي لنبذ الجمال، وكره الخير، ولتعليم أبنائنا الشراسة بدلاً من الحنو، والقسوة بدلاً من المحبة، والعنف بدلاً من الخيال.. كما أنها دعاوي لتعذيب وقتل بابا نويل في كل منا فبدلاً من أن نتمثل به في محبة الآخر، نتقوقع حول أنفسنا في أنانية وانعزالية.