قال الفرنسي المسلم يوسف بن لوز في كتابه الجديد، إن الذين يقولون إن كلام الرسول وحي، وإن حديثه من عند الله لا يفهمون الإسلام، وهم يفتون في عضد العقيدة أكثر من الذين يطعنون في الدين. كلامهم لو صحيح، فالمعني أن دوره "ص" يتعدي نقل الرسالة إلي التشريع.. والنتيجة مصيبة! فهم الصحابة الآيات الكريمة "إن هو إلا وحي يوحي"، و"ما أتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا" في حدود ما نزلت فيه. المقصود في الأولي هو القرآن، وما أتانا به "ص" في الآية الثانية فهي أحكام الرسالة، نحل حلالها، ونحرم حرامها دون تدخل لا منا، ولا من النبي "ص". ما فهمه الصحابة تبدل، بعدما لعب فكر العوام بالدين، فخلط المسلمون بين الوحي، وبين أفعال النبي، ولم يفرقوا بين القرآن الذي هو كلام الله سبحانه، وبين كلام النبي، فظهرت مثلاً الأزمة في معارضة أحداث التاريخ لنبوءاته "ص". نسب للرسول "ص" قوله: "خير القرون قرني والذي يليه".. الأمر الذي أدخل به المسلمون قداسة من نوع ما علي الصحابة، والتابعين، وتابعي التابعين.. بوصفهم منزهين بالسنة، مع أنه لا قرن النبي "ص" كان خيراً، ولا المائة عام التي تلت وفاته "ص" كانت سعيدة. ففيها مات عمر بن الخطاب مقتولاً، وقتل عثمان بن عفان، بعدما تسبب في فتنة بين المسلمين. وفيها خرجت السيدة عائشة مع الزبير بن العوام لحرب علي بن أبي طالب في أول قتال بين المبشرين بالجنة. ثم قتل الحسين بن علي في كربلاء، واختلف ابن عباس مع علي ابن أبي طالب، فتركه إلي صف معاوية، بعدما أخذ ابن عباس من بيت مال المسلمين ما أخذ!! وفي المائة عام التي تلت وفاة النبي، دخلت السيدة زينب والسيدة عائشة سبايا علي يزيد بن معاوية خليفة المسلمين، فقال لهما كلاما فظا.. واتهم أبوهما وجدهما بالخروج عن الدين! كانت المائة عام الأسوأ في تاريخ الإسلام، ولو كان الحديث النبوي صحيحا؟ً، فقد تمني "ص" ما لم يحدث، وإذا كان الحديث ليس صحيحاً، فالمعني أن المسلمين دونوا في الصحاح ما شهر عن النبي، دون أن يقوله، ثم آمنوا بأن ما لم يقله "ص".. من عند الله! الكارثة التي لاحظها يوسف بن لوز، إباحة بعض مدارس الفقه الإسلامي الغاء أحكام آيات القرآن، بالحديث النبوي، اعتماداً علي أن النبي "ص".. لا ينطق عن الهوي! المعني أن بعضنا فضل التعبد لله، باستبدال كلام الله.. بكلام "رسول الله"!!