حسب التركيبة العمرية لأعضاء مكتب الإرشاد الجديد، يوجد اثنان فوق السبعين عاما، ومثلهما فوق الخامسة والستين، بينما ثلاثة عشر عضوا تتراوح أعمارهم بين الخمسين والستين، وواحد فقط تحت الخمسين، هذا التوزيع العمري يمكن اعتباره مؤشرا علي وجود جيل جديد في قيادة الإخوان، ممن لم يواكبوا التأسيس التاريخي للحركة ولا مراحل صداماتها المتعددة مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. لكن الارتكان فقط إلي متوسط أعمار أعضاء مكتب الإرشاد يعطي قراءة خادعة لتوجهات الجماعة وخياراتها المستقبلية، فباستثناء عصام العريان الذي انضم إلي الإخوان المسلمين، بعد مرحلة تكوين سياسي في جماعات دينية مختلفة، لا يبدو أن جيل الوسط الحالي داخل الجماعة مختلف عن أعضاء النظام الخاص، ومن يؤمنون بأفكار سيد قطب القائمة علي تكفير الحاكم والمجتمع. حسب تواريخ الميلاد يتغير الإخوان، لكن بالحكم علي الأفكار لا توجد مؤشرات علي انفتاح حقيقي داخل الجماعة، فكلما تقدم عمرها زادت أفكارها انغلاقا وانعزالية.. لكن المؤشر الأكثر أهمية أن استبعاد محمد حبيب وعبد المنعم أبو الفتوح، ومنع أي فرصة لتقدم رموز هذا الجيل إلي موقع القيادة، لا يعني فقط، سيطرة ما يسمي بالمحافظين من أصحاب الأفكار القطبية، بقدر ما يعني مرحلة انتقالية تسبق تسليم قيادة الجماعة لجيل جديد يؤمن بنفس الأفكار المتشددة التي قامت عليها الجماعة وأعادت تكريسها في مرحلة سيد قطب. وبينما يبدو واضحا للجميع أن أمين عام الجماعة محمود عزت، قاد الانقلاب الأخير داخل مكتب الإرشاد علي من تربوا خارج الجماعة، فإن القراءة الدقيقة تكشف عن أن هذا الانقلاب يستهدف في الأساس اختيار مرشد انتقالي هو محمد بديع "66 عاما"، ولدورة واحدة لحين خروج خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد من السجن، وعندها سيتم الإعلان رسميا عن تولي الشاطر مقاليد الجماعة. وتقوم فلسفة التغيير داخل الإخوان خلال المرحلة الحالية وفي المستقبل، علي شرطين أساسيين، الإخلاص للجماعة وأفكارها، والقدرة الاقتصادية علي التمويل سواء من خلال المشروعات الاقتصادية الشخصية أو القدرة علي إعادة التمويل الخارجي، والتمتع بشبكة علاقات رأسمالية كبيرة مع أغنياء الجماعة. من أجل هذا الهدف وكما نشر الزميل حسام سعداوي في "روز اليوسف" قبل يومين اعتمد محمود عزت علي رجال أعمال من أصحاب المشاريع الاقتصادية الكبيرة في الأمانة العامة في كل المحافظات، والدفع بعدد منهم إلي مكتب الإرشاد ليكون الفريق الاقتصادي الجديد جاهزا للتعامل مع المرشد التاسع خيرت الشاطر. ورغم أن البعض لا يزال ينادي باختيار جمعة أمين أو رشاد البيومي وهما اكبر أعضاء مكتب الإرشاد سنا، جريا علي عادة اختيار الأكبر لمنصب المرشد، فإن محمد بديع سيحظي في النهاية بالمنصب، ليصبح المرشد الثامن الانتقالي، بينما سيدير الجماعة مرشد آخر من داخل السجن هو خيرت الشاطر.