أكدت الشاعرة فاطمة ناعوت أن الجيل الجديد واقعي جدا، يري الحقيقة أكثر من سابقيه، وأرجعت ذلك إلي ما يتميز به هذا الجيل من ثقافة ومعلومات تتحكم في رؤيته للأشياء، وأكدت أننا برغم حاجتنا للقراءة، فإن الجهل أحيانا يكون متعة، وضربت مثلا بالمعرفة التي حرمتنا من استمتاعنا بتخيلاتنا حول القمر الجميل الرائع، بعدما كشفت لنا أنه مجرد صخرة ضخمة. واعترفت ناعوت في الأمسية التي أقامتها مكتبة "حنين" لمناقشة كتابها الصادر عن "كتاب اليوم" "المغني والحكاء"، وحضرها كل من الكاتبة نوال مصطفي، والناقد الدكتور أيمن تعيلب، والشاعر سمير درويش، أن دراستها العلمية أفقدتها الاستمتاع بالأمور التي كانت ترسم لها صورا في رأسها، حينما كانت تسمع فيروز بقاموسها الوهمي الخاص. قال سمير درويش: كتابة ناعوت عن الشعر هو إبداع علي إبداع، إلا أنها كانت بخيلة في اختيار الألفاظ و بناء الجمل؛ فتشعر أن خلف تلك المقالات التي لا يزيد عدد الواحدة منها عن ألف كلمة، آلاف الجمل والكلمات المدسوسة بين السطور، لا يراها إلا القارئ الواعي، ولعل السبب في ذلك؛ أن المقالات في الأصل كتبت لصحف تحكمها المساحات. وأضاف: برغم أن الكتاب يضم مقالات متفرقة، إلا أن هناك خيوطا تربط المقالات، كتناول المؤلفة لنوع معين من الشعر وهو قصيدة النثر، وذلك المزاج الثقافي الواحد الذي يربط المقالات التي تبدأ بمقدمات ثقافية مع بعضها، بالإضافة إلي أن الأفكار والنصوص تحيل بعضها إلي بعض، فتتحول المقالات لخيوط ثقافية معقدة. ورصد درويش الملامح الرئيسية لكتاب ناعوت، بأنها لا تشغل نفسها بالمحتوي الإبداعي كله، بل تقف عند فقرة واحدة أو سطر أو معني واحد في جميع المقالات، ذلك السطر دال حسبما تراه، ثم تحيل هذا السطر لحكايات أو أشعار أخري، بالإضافة إلي أنها حاولت أن تتوحد مع المبدع -الذي تتناول عمله- في المنطقة صفر، التي وجد فيها فكرته التي انطلق منها في عمله الإبداعي. ومن جانبه أكد الدكتور أيمن تعيلب أن "المغني والحكاء" كشف ناعوت كناقدة متمرسة، تعي جيدا الاتجاهات الشعرية الجديدة، والحس الأصيل للعالم قائلا: تناولت ناعوت في كتابها شعراء يرون الواقع كله أيديولوجيا، في ظل تأطير تمارسه مؤسسات المجتمع التي أصبحت تحذف الواقع ولا تفككه، وعلي الجانب الآخر نجد النقاد يدعون الموضوعية والدقة والصرامة رغم أن المفهوم النقدي لابد أن يسير في تعرجات وتشعبات. وأضاف: بالرغم من اعتناق المثقفين بصفة عامة للنظريات الغربية التي تتسق مع الواقع الغربي أكثر مما تتسق مع الواقع العربي، تجد الكاتبة من آن لآخر تطرح شكوكا حقيقية حول الأساسات في كتابها، تتساءل وتستنبط المعاني الجمالية من الأعمال الشعرية، التي وضعت ناعوت يدها منها علي منطقة البين بين، التي تستهويها في القراءة والكتابة.