لم تفلح فرقعات روتانا الإعلامية في التشويش علي الصفقة السرية التي كانت تتم بين الوليد بن طلال ونيوزجروب فعلي الرغم من حرص روتانا علي أن تتكتم تفاصيل الصفقة ظهرت إحدي المطبوعات الإنجليزية تحمل مفاجأة من العيار الثقيل وهي دخول نيوزجروب كشريك في روتانا التي تعتبر الأكثر حضورًا وتأثيرا في المشاهد العربي بما تمتلكه من 6 قنوات تليفزيونية ورصيد سينمائي كبير يصل إلي 0002 فيلم وهي ثروة لها قدرها ووزنها في نظر الإعلاميين الأجانب الذين ينظرون إلي الصفقة بمنطق المستثمرين ويبدو أن اللعبة قد بدأت تتسع أكثر وأكثر ليجمع الاخطبوط الأمريكي أكبر عدد من القنوات السينمائية فبعد أن ضمن قنوات روتانا في جيبه بدأ يجري المفاوضات أيضا علي قنوات ال ART وهي تملك باقة متعددة من القنوات لا تقل عن روتانا في العدد وفي الحضور الجماهيري، كما أنها تمتلك رصيدا كبيرا أيضا من الأفلام السينمائية تم الاستيلاء عليها في ظروف لا تخفي علي أحد وهي أيضا ثروة كبيرة إذا ما تم تقييمها بميزان الذهب، ولكن لماذا تزحف نيوزكروب نحو ابتلاع التراث السينمائي المصري عبر روتانا وART مع أنها قادرة بإمكاناتها المادية علي إنتاج مكتبة أفلام جديدة تحشد خلالها كل الطاقات وعوامل النجاح وتكسب من ورائها الربح الوفير، في الحقيقة أنا لا أري أن الامتداد الإعلامي لهذه الشركة في الشرق الأوسط يكون بهدف الاستثمار، وإنما بدافع أقوي وهو الإحلال والتجديد وأقصد بهما إزاحة الثقافة العربية الماضية والقضاء عليها ووضع تصورات جديدة برؤي مختلفة تشكل وعي المواطن العربي وفق التوجه الأمريكو إسرائيلي الذي يحمل علي عاتقه فكرة العولمة والإنسان الجديد الذي يتخلي عن هويته ولغته ودينه مقابل الدوران في فلك الثقافة الأمريكية التي تختلف في جوهرها عن المبادئ الموجهة التي كانت السينما المصرية تصر علي تقديمها طوال قرن كامل يحمل في خباياه عداء ظاهرا لليهود، والأدهي أن يتم تجميد هذا التراث ليصبح كأن لم يكن إن لم يتم التخلص منه لأن المتابع لقناة fox movies والتي تبث برامجها من خلال قنوات روتانا سيلاحظ أنها تقدم كل ما هو جديد لتغرس توجهات محددة في السينما الأمريكية تقوم علي العنف والبقاء للأقوي وهي قيم لا يمكن أن تتيح الفرصة لأفلام عربية قديمة 09٪ منها يدعو إلي التحرر ومقاومة الظلم وقهر المستبدين، فهل ستحافظ نيوزجروب علي روتانا زمان وهل تسمح بعرض الأقلام التي تنقل صورة كاريكاتورية عن اليهود مثل فاطمة وماريكا وراشيل أو حسن ومرقص وكوهين أشك في أن تكون النتائج مثل المقدمات لأن دخول نيوزكروب إلي روتانا وسعيها للتفاوض علي ART قد جاء مدفوعاً برياح التغيير والتي يهمها أن تطيح بالفن القديم مع التلاعب بمفاهيم ووعي الجيل الجديد وهذا معناه أن انهيار روتانا ككيان كبير لن يتيح الفرصة للشركات الصغيرة أن تستعيد مكانتها لأنها ستعوض اخفاقها عن طريق تسهيل الطريق لكيان أكبر يفرض نفسه علي الجميع وكما بدأت روتانا بابتلاع الشركات الصغيرة وبسط نفوذها علي المطربين فإن نيوزجروب تتبع نفس التوجه ولكن بطريقة أكثر دهاء وخبرة فإذا كانت روتانا قد بدأت شمسها تغرب فقد حل محلها الكيان الاخطبوط الذي يملك ألف ذراع وذراع ولا تنقصه الأهداف وجودة التخطيط. أما الشيء الذي يؤكد أن روتانا قد بدأت تستسلم لرياح التغيير فهو أن سالم الهندي قد بدأ يؤسس قناة فضائية خاصة به بالإضافة إلي شركة توزيع للكاسيت يحقق بهما الاستقلال التام عن روتانا كما أنه يحرص في الآونة الأخيرة علي أن يشارك في كل الحفلات الاجتماعية وإعادة أواصر الصداقة بينه وبين المطربين بعد أن كان معزولاً في برج عاجي عن الجميع ويسيطر عليه التعالي، ويبدو أنه قد شعر بأنه مستهدف من خلال الخطة الأمريكية للتطوير، فهل ستنتهي روتانا بنفس الطريقة التي بدأت بها لتكون نهايتها علي يد كيان أكبر منها؟ وأن ما يحيط بها من مشاكل هو نتيجة طبيعية لسوء استغلال رأس المال الكبير.