في جامعة القاهرة في أوائل الثمانينيات كان نادي الفكر الناصري بكلية الحقوق، مدرسة تأهيل وإعداد الكوادر الناصرية، حيث تقام معسكرات لهؤلاء الشباب لتلقينهم وتحفيظهم مبادئ الفكر الناصري، وتولي عملية التدريس عدد من أساتذة الجامعة والكوادر الناصرية منهم الكثير من أصحاب الرؤي المميزة، لكن في المقابل كان هناك تيار ديماجوجي فوضوي ينمو عبر ثلاثة كوادر حرصوا علي بث هذه الحالة الفوضوية داخل الطلبة الناصريين. ومن بين من ساهموا في اختراق عقول شباب نادي الفكر الناصري حمدين صباحي وكمال أبو عيطة وعبد الحليم قنديل، وطبعوا هذا الجيل الذي تلقن علي أيديهم بثقافة الصوت العالي، أكثر من الحوار.. أتذكر جيداً في مظاهرات جامعة القاهرة عام 1984 للمطالبة بتعديل لائحة الاتحادات الطلابية وإلغاء الحرس الجامعي، كان أعضاء نادي الفكر الناصري ينقسمون إلي فريقين الأول: فريق التصوير والثاني: فريق التهييج. ويحرص فريق التصوير علي ارتداء البدل الكاملة والكرافتات في المظاهرات وإلقاء الكلمات أمام الحشود، أو للتسجيل والتصوير مع صحف المعارضة مثل التجمع والشعب التي كانت تتابع هذا التحرك الطلابي. أما فريق التهييج فكان كل هدفه الخروج بأي مظاهرة من داخل أسوار جامعة القاهرة إلي خارجها، في هذا التوقيت لم تكن مظاهرات الشوارع عملاً مألوفًا، وتتصدي لها الشرطة بعنف، ومعني خروج آلاف الطلاب إلي الشوارع مصادمات لا يعرف أحد كيف ستنتهي، وبالطبع نهاية التحرك الطلابي الذي حرصنا علي استمراره أطول فترة ممكنة داخل أسوار الجامعة لحشد التأييد الطلابي له. هذا التاريخ يقودنا مباشرة لما يحدث في نقابة الصحفيين الآن، فالزميل ضياء رشوان هو الابن الشرعي المعتمد لكل أفكار حمدين صباحي، وليس سرًا أنه بدأ حياته العملية في مركز صاعد للإعلام الذي يمتلكه ويديره حمدين صباحي الذي توسط لدي إبراهيم نافع لتعيين ضياء رشوان في مركز الأهرام للدرسات السياسية والاستراتيجية. ضياء رشوان صعيدي جدع يمكن الاعتماد عليه كصديق، لكن كنقيب يختلف الأمر اختلافًا كبيرًا، فنقيب الصحفيين يجب أن يكون له رصيد مهني كبير، بينما تجربة ضياء النقابية تقتصر علي محاولة واحدة لعضوية مجلس النقابة عام 1999 لم يكتب لها النجاح. ويفترض بنقيب الصحفيين أن يتمتع بتاريخ مهني حافل، ولا أعرف مثل هذا التاريخ لضياء رشوان، ورغم أنه بدأ حياته كباحث مميز في الإسلام السياسي، وشارك تحت رئاسة الأستاذ نبيل عبد الفتاح في إصدار موسوعة الحركات الإسلامية في منتصف التسعينيات لكنها توقفت بعد ذلك ويمكن للأستاذ نبيل عبد الفتاح الإدلاء بشهادته عن أسباب التوقف، لكن المهم أن مسيرة ضياء المهنية لم تكتمل، فلا هو أتم دراسته الأكاديمية ولا هو تحول إلي صحفي، وظل مجرد باحث فقط. ما يهمني أكثر أنه حين انتهت انتخابات الجولة الأولي لنقيب الصحفيين مساء الأحد الماضي، حمل الناصريون الجدد ماركة حمدين صباحي الزميل ضياء رشوان ونزلوا به إلي الشارع وهم يعتزمون الخروج في مظاهرة حتي محكمة جنوبالقاهرة في باب الخلق.. وهنا تذكرت طلبة جامعة القاهرة الناصريين، الذين يعشقون الخروج إلي الشارع بمناسبة أو بدون مناسبة.. رغم أنه لا يوجد في قضايانا المهنية ما يستدعي التظاهر في الشارع.. وأن كل من كان يريد التظاهر يحمل قلمًا ويكتب في جريدة ويعرف جيدًا كيف يعبر عن رأيه في مئات الصحف الورقية والإلكترونية والمدونات والفيس بوك.. لكنها مرحلة المراهقة الناصرية التي لم يستطع حمدين صباحي عبورها لا هو ولا من لعب في أدمغتهم.