ليس الهدف من الاستعراض.. نفي التهم ولكن إجراء حوار تفاعلي مع جميع أعضاء الأممالمتحدة بهذه الكلمات شدد السفير وائل أبوالمجد مساعد وزير الخارجية لشئون حقوق الإنسان في حوار ل"روزاليوسف" بشأن المراجعة الدورية الشاملة علي أن إعداد التقرير خطوة والأهم هي عملية متابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عن المراجعة.. قائلاً: إن وزارة الخارجية دائمًا تستقبل كل من يطرق بابها من المنظمات الدولية كاشفًا عن أسباب تحفظات الحكومة المصرية علي بعض الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية. * ما هي منهجية العمل التي اعتمدت عليها اللجنة الحكومية في إعدادها للتقرير الوطني بشأن المراجعة الدورية الشاملة؟ - في البداية الإعداد للمراجعة لا ينتهي بإعداد التقرير الذي سوف يعرض في فبراير المقبل بجنيف ولكنها محطة وانتهينا منها مؤخرًا، حيث شكلت اللجنة المشرفة علي إعداد التقرير بقرار من د.أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء ويرأسها د.مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والبرلمانية وتضم في عضويتها جميع الوزارات ذات الصلة بحقوق الإنسان وهي الداخلية والخارجية والتضامن الاجتماعي والنيابة العامة والعدل والصحة والتربية والتعليم، وعقدنا 20 اجتماعا بالإضافة إلي أننا انقسمنا لفريقي عمل معني بكل طرف من الحقوق ثم انعقدت لجنة الصياغة وكانت مهامها صعبة للغاية لأن التقرير لابد أن يضم 10 آلاف و700 كلمة فقط بعكس الصورة الحقوقية بأكبر قدر من الدقة لما تم إنجازه والتعهدات الطوعية التي أخذتها الدولة علي عاتقها. * وماذا عن إسهامات وزارة الخارجية؟ - وزارة الخارجية طرف أصيل من أطراف عديدة منوط بها توفير بعض البيانات الخاصة بحالة حقوق الإنسان، فمثلاً وزارة الاتصالات كان عليها أن تستحدث البيانات بشأن المشاركة في الإنترنت وخدمات المحمول وعدد المدونين، وفوجئنا أنه يوجد "160" ألف مدون في مصر يهتم بالأمور السياسية أو الاجتماعية أو الدينية وذلك حتي لا يكون هناك أرقام مضللة كأن يقال هناك ملاحقات للمدونين. * توجد انتقادات ذكرها تقرير المجلس القومي حول رفض استقبال الوفود الأجنبية؟ - هذا الكلام غير دقيق.. فنحن نستقبل في وزارة الخارجية كل من يطرق بابنا بل وأحيانًا نكتشف بعد زيارة بعض الوفود لنا أو المنظمات أنها لم تكن جادة بالمعني الحقيقي، ولكن المبدأ الراسخ عندنا أن الدعوة عامة لكل من يريد التحدث إلينا في الأمور التي تدخل نطاق اختصاصنا. * ولماذا إذن لم يتم إسناد مقر المفوضية السامية لحقوق الإنسان في شمال أفريقيا لمصر؟ - استضافة مقر للمفوضية مسألة قديمة جدًا فمنذ ثلاث سنوات تقريبًا كانت الأممالمتحدة تسعي لإقامة مكاتب إقليمية في بعض الدول وتحفظنا علي ذلك لأننا وجدنا أن سكرتارية الأممالمتحدة التي يفترض فيها الحياد لم تفكر في إنشاء مكتب إقليمي لها في أي دولة غربية ورغم ذلك فإن هذه مسألة شكلية فالأممالمتحدة لديها 10 مكاتب عندنا والمسألة حسمت للمغرب بالموافقة علي استضافة المفوضية. * لماذا لم تنضم مصر لميثاق إنشاء المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب؟ - مصر انضمت للميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وملتزمة به، وفكرة إنشاء المحكمة الأفريقية أحدثت مشاكل خاصة بتكاملها مع الاختصاصات الوطنية المصرية. * تطالب كثير من المنظمات برفع تحفظات الحكومة المصرية علي بعض الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية مثل اتفاقية القضاء علي التمييز.. ضد المرأة فكيف تري ذلك؟ - كل دولة ذات سيادة تدخل في اتفاقية لها الحق في أن تتحفظ علي ما تراه من المواد وهي فكرة جيدة في القانون الدولي، ولكن القرار السيادي للدولة بإيداع أو سحب أي تحفظ علي الاتفاقية لابد أن يتخذ بشكل جماعي لأنه ليس بالهين وله توابعه، وتحفظ الحكومة المصرية في اتفاقية "التمييز ضد المرأة" المعروفة "بالسيداو" وتحديدًا في المادة (2) تحفظ عام لمنع تعارض ما ورد في الاتفاقية مع أحكام الشريعة الإسلامية، وهذا في الحقيقة ليس مريحًا من وجهة نظري لأن الأفضل من التحفظ العام هو الوقوف عند مادة بعينها. * المجلس القومي اثبت من خلال دراسة حديثة اعدتها د.زينب رضوان وكيل مجلس الشعب عدم وجود تعارض بين بعض مواد اتفاقية السيداو والشريعة الإسلامية؟ - أنا متفق مع د. زينب ولكنها وجهة نظر لابد أن يتم بشأنها حوار مجتمعي هادئ نتوصل من خلاله لإتفاق عام، ولكن نفترض أن الحكومة قررت علي الفور سحب جميع هذه التحفظات استنادًا للرأي الذي يقوله البعض.. الرأي العام والاعلام للأسف سيتعامل مع هذا بشكل مختلف حيث سيقال أن الدولة فرطت في الشريعة الإسلامية ووافقت علي تعهدات والتزامات دولية تتنافي معها. * ولماذا لم تنضم مصر حتي الآن للإتفاقية الدولية لحماية الأفراد من الاختفاء القسري؟ - فكرة الانضمام لاتفاقيات دولية دون التنفيذ الفعلي لها مسألة زائدة علي الحد.. لأن مصر من أكثر دول العالم التي تسعي للانضمام لاتفاقيات في مجال حقوق الإنسان، واتفاقية الاختفاء القسري هي الاتفاقية الوحيدة التي أعلم أن مصر لم تنضم إليها وجار النظر في ذلك. * هل هناك أسباب أو تحفظات معينة علي تلك الإتفاقية؟ - بالتأكيد لأن الاتفاقيات لا تؤخذ بعنوانها ولكن بجملة الإلتزامات الواردة فيها ومدي اتفاقها مع الإطار القانوني للدولة.. أما بالنسبة للبروتوكولات الإضافية الخاصة بمناهضة التعذيب فهي رضائية يجوز للدولة أن تنضم إليها أولا والدليل أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تنضم حتي الآن علي إتفاقية الطفل اضافة إلي أن غالبية دول أوروبا لم تنضم لاتفاقية حقوق المهاجرين ولا تريد ذلك. * وما هي الآليات المناسبة لتفعيل الاهتمام بالمصريين في الخارج وتيسير حقهم في الانتخاب؟ - موضوعات الهجرة والمهاجرين في غاية الأهمية ولكن منظور حقوق الإنسان فيها ضيق جدًا لأننا نتحدث عن انتهاكات الحقوق في دولة المهجر وهذه مسئولية القنصلية وعلي الدولة التعامل معها ولها مسئوليات محددة في حماية مصالح رعاياها في الخارج، وقضية المهاجرين مازالت بالغة التعقيد لأن هناك نوعيات مختلفة من الهجرة سواء مؤقتة أو بالاقامة أو حمل الجنسية. أما حق الانتخاب فهذا حق أصيل لكل مواطن ولكن قانونًا لا يوجد ما يسمي بحق الناخب في أن تذهب إليه العملية الانتخابية بل الالتزام يقتضي توفير الدوائر الانتخابية في الدولة ذاتها، والاستثناء هو تيسير الناحية الشكلية لإجراء الانتخابات في الخارج وهذه مسألة معقدة ولا يقوم بهذا إلا دولة غنية أو لديها مهجر مهول ونحن لا هذا ولا ذاك، وندرس حاليا النواحي القانونية والمالية والتنظيمية لذلك. * بماذا تفسر قانون منظمات أقباط المهجر بالخارج التي تروج لفكرة التمييز الداخلي؟ - في موضوعات الحريات الدينية لا يهمني مصدر القول بشأن وجود انتهاكات من عدمه ولكن التدقيق الموضوعي فيما يرد إلينا فأي مواطن مصري مهما كانت ديانته شعر أنه يمارس ضده تمييز بسبب الدين بشكل أو بآخر فلابد أن تتخذ هذه الأمور علي محمل الجد حيث إن لها مخاطر ليس فقط من المنظور الأمني ولكن المجتمعي أيضًا ومن هنا جاءت قيمة التعديل الدستوري والتركيز علي فكرة المواطنة، وهذا مبدأ مريح للجميع والدستور المصري بالغ الوضوح في حظر التمييز من خلال المادة "40". * ما حقيقة ما تردد عن معارضة الحكومة الانضمام لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد؟ - مصر طرف أصيل في هذه الاتفاقية وهي ليست من ضمن اتفاقيات حقوق الإنسان ولكن هي اتفاقية منفصلة في مجال منع الجريمة والجدل المثار حولها الآن يخص آلية إضافية للرقابة يتم البحث فيها خاصة أن النيابة العامة لها دور مشهود في مكافحة الفساد وحقيقة الأمر أنها تدور حول حق جهات خارجية في الدخول لممارسة عمل شبه قضائي داخل المجتمع وهذا ما يتم التفاوض بشأنه ولكن التغطية الإعلامية هولت من الموضوع. * وما خطورة مثل هذه التغطية الإعلامية غير الدقيقة التي تساند أحيانا رأي بعض المنظمات الأجنبية؟ - بالتأكيد يشكل خطورة كبيرة حيث إن كل قضية تحمل عدة مواقف ووجهات نظر مع أو ضد الموقف الوطني الذي تتبناه الحكومة.. فمن الطبيعي أن نجد منظمات تدين مصر لأنها اتخذت موقفًا قد يعارض مصالحها بشكل عام مثلما حدث بالنسبة لتقرير جولدستون وما تردد بشأن أن مصر تهيمن علي المجلس الدولي لحقوق الإنسان وتسيء استخدامه ضد إسرائيل.. فهل يجوز للإعلام المصري أن يستعرض هذا، إذًا ليس من التفوق أو الشطارة أن نردد ما تنقله عنا بعض المنظمات الأجنبية دون دراسة أو تحليل.