ليست أمة بمعناها القرآني (جماعة) بل أمة بمدلولها السياسي - أرض وشعب وحكومة وتاريخ مشترك وخصوصية ثقافية. الحكاية بدأت في العام 1907مصطفي كامل (الحزب الوطني) (جريدة اللواء) يؤسس ويدعو للجامعة علي أساس الدين ويقول الجامعة الإسلامية، ويؤسس للتبعية لقصر عابدين (الخديو)، وللسلطان العثماني، ويسب عرابي وينعته بالخائن إمعانا في إرضاء الخديو. أحمد لطفي السيد أستاذ الجيل يرد (حزب الأمة) (جريدة الجريدة) ويؤسس ويدعو للجماعة الوطنية ويرفض ما اسماه سياسة العواطف الدينية ويقول بضرورة إدراك سياسة المصالح المصرية ويبلور شعار العرابيين (مصر للمصريين). الشعب المصري يحسم الموضوع وينحاز بأغلبية كاسحة لحزب الأمة ويختفي الحزب الوطني ويضمر ويموت، ويلد حزب الأمة حزبين: الأحرار الدستوريين والوفد ويضع لطفي السيد الأساس النظري المتين لثورة الشعب الخالدة عام 1919، ويصك الشعار (الاستقلال التام) لا للقصرين عابدين والدوبارة، وتؤرخ ثورة المصريين لوحدة وطنية ولأمة مصرية وليس لأمة إسلامية، جعلت أكبر دولة في العالم وقتها تركع لإرادة المصريين وتفقد آمالها في تفتيت وحدتهم المقدسة، التي أقاموها علي أساس المصالح الوطنية، وليس علي أساس دين الأفراد. سعد زغلول يقول: احثوا التراب في وجه الدساسين الذين يفرقون بين مصري ومصري لا يوجد لدي مسلمون وأقباط لا يوجد إلا مصريون وفقط، وحسن البنا يخرب ما أنجزه المصريون ويؤسس جماعة تفتت وحدة المصريين ويؤكد لمريديه أن الرابط الوحيد هو الدين وليس التاريخ المشترك والنضال المشترك والوطنية والجنسية ويقول إن ثورة 19 عقوبة إلهية للمسلمين الذين تركوا كتاب الله وسنة رسوله، ويضع البنا الدين في تناقض شديد مع الوطنية، لا يمكن أن تكون غير مسلم ووطني في نفس الوقت ولا يوجد رباط بين المسلم المصري والمسيحي المصري، والدولة هي دولة المسلمين فقط، سمي الرابط الديني الرابط المقدس ورفض أي روابط أخري حتي قال أحفاده طظ في مصر وأبو مصر وإللي في مصر، المهم يحكمنا مسلم يارب يكون ماليزي، هكذا تربوا وتم إرشادهم بواسطة المرشد الأول لكن بعيدا عن مصطفي كامل ولطفي السيد وحسن البنا وانهيار الخلافة الإسلامية وهزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولي وإنشاء جماعة الإخوان المسلمين في العام 28، هل فعلا هناك ما يسمي أمة إسلامية (؟!) وهل المسلمون أمة واحدة؟! الإسلام كدين كبير ورئيسي في العالم، موجود في جميع دول العالم، لا تكاد توجد دولة في العالم ليس لديها مواطنون يدينون بالإسلام، لكن ما علاقة مسلم مصري بمسلم شيشاني أو كشميري أو كندي أو استرالي وما هي المصالح التي تربط بين مسلم يمني أو صومالي أو جيبوتي وآخر بلجيكي أو سويدي أو فرنساوي وهل المسلمون اليوم لهم أرض مشتركة أو تاريخ مشترك أو مصالح مشتركة؟! العالم دول قومية منذ ما يزيد علي 500 عام صحيح أننا تأخرنا 400 عام عن الركب وظللنا ولاية عثمانية تابعة، لكن لكل دولة الآن مصالحها ولكل دولة مصالح مواطنيها بدياناتهم المختلفة والمتعددة. الوطن أرض وشعب وتاريخ مشترك وخصوصية ثقافية وأديان متعددة، معظم شيوخ الأزهر والأوقاف لا يعرفون هذا ولا يدركون الدولة القومية ويدعون كل يوم جمعة علي منابر مساجد مصر اللهم انصر المسلمين ؟! ولا أدري علي مين؟! ولا أدري أي مسلمين؟! هل هم المسلمون الأمريكان أم الطليان؟! إنهم لا يزالون يعيشون في عالم الفسطاطين عالم بن لادن الذي ولي منذ أكثر من خمسة قرون ولم يعد له وجود، وزارة الأوقاف وخطباء المساجد في حاجة إلي إدراك وتوعية وتدريب لأنهم صاروا خطرا جاثما علي أمن مصر القومي وعلة لا تطاق. دولة المسلمين فقط والأمة الإسلامية لا توجد إلا في عقول وأذهان الإخوان ومن والاهم. دولة كل مواطنيها هي الدولة التي أقامتها الحركة الوطنية منذ مائة عام وهي الدولة التي مات فداء لها المصريون وهي الدولة التي نريد غرسها في نفوس المصريين ونريد استكمال دعائمها ونريد الدعاء لها علي المنابر وفي الكنائس، بينما يريدون هدمها وادخالنا إلي فتن كقطع الليل المظلم، أفيقوا قبل الانهيار يرحمكم الله، ويبقي السؤال ملحا: هل المسلمون في العالم أمة واحدة بالمعني السياسي للكلمة حتي يدعوا لهم بالانتصار؟! وبالمقابل هل المسيحيون أمة واحدة؟! وهل هناك شيء اسمه الأمة الإسلامية؟! وهل هناك شيء اسمه الأمة المسيحية؟!