لم نكن نتخيل أن تتحول المباراة الفاصلة بين مصر و الجزائر الي مطاردات ليلية في شوارع السودان .. بهذه الكلمات بدأ المهندس تامر وجيه عضو أمانة الشباب حديثه عن رحلة الموت في السودان حيث كان تامر أحد أفراد الأتوبيس الذي هاجمته الجماهير الجزائرية . يقول تامر " علي الرغم من التحذيرات التي وجهت إلينا قبل السفر الي السودان حيث طالبنا البعض بعدم السفرخوفا من المناوشات التي قد تحدث من قبل الجماهير الجزائرية المتعصبة فإنني صممت علي الذهاب وراء المنتخب المصري مع أصدقائي .. وصلت طائرتنا التي كانت تقل مجموعة من الفنانين وفي مقدمتهم محمد فؤاد و هيثم شاكر في الساعة 12 ظهرا وبدا كل شيء عاديا في المطار لكنني لاحظت عدم وجود أي وسيلة من وسائل التفتيش داخل مطار الخرطوم حيث إننا بعد أن هبطنا من الطائرة و جدنا أنفسنا في جراج المطار الذي استقللنا منه أتوبيسًا ليتوجه بنا الي استاد أم درمان " أضاف تامر " أثناء الطريق الي الاستاد وصلتنا أخبار أن الجزائريين في الخرطوم منذ عدة أيام وأنهم اشتروا السلاح الأبيض من المدينة ودفعوا أموالاً بسخاء السودانيين لمؤازرتهم في المباراة كما اشتروا لهم تذاكر لحضور اللقاء ووزعوا الأعلام الجزائرية علي الجميع مما أصابنا بحالة من القلق الا أنها لم تستمر طويلا .. ولسوء الحظ قرر السائق السير في طريق مختصر ليمر بنا دون أن يعلم من أسفل مدرجات الدرجة الثالثة شمال لملعب أم درمان وهي المدرجات التي كانت تحوي الجماهير الجزائرية التي القت علينا وابل من الطوب أصاب زجاج الأتوبيس بشروخ الا أن سرعة الأتوبيس حالت دون اصابة أحدنا لننجو من أول فخ في هذه الرحلة الصعبة " وأكد تامر أنه عند وصوله الي بوابة استاد أم درمان فوجيء بعدم وجود أي نقاط تفتيش و تم دخول الاستاد بدون أي معانه و لا أي اجراءات أمنية من قبل الشرطة السودانية مشيرا الي أن ذلك هو السبب الذي أعطي للجماهيرالجزائرية الفرصة للدخول بالسكاكين داخل الاستاد .. وهو ما يوضح الخلل الأمني الذي اتسم به ملعب أم درمان . اضاف تامر قائلا " حضرنا المباراة وشجعنا المنتخب الوطني بكل مثالية حتي بعد الهزيمة وكنت متفقًا مع المجموعة علي التقابل عند مدخل الشيخ شاخور وبالفعل تقابلنا في المكان نفسه المتفق عليه بصحبة محمد فؤاد وهيثم شاكر وأحمد عبد العزيز ومفيدة شيحة وركبنا الأتوبيس وكان من المفترض أن يأخذ الطريق الي المطار نصف ساعة.. وقبل مسافة كيلو تقريبا من الوصول الي بوابة المطار فوجئنا بجماهير الجزائر المنتظرة تلتف حول الأتوبيس واذا بوابل من الطوب يصوب الينا من كل اتجاه وأصبنا جميعا بحالة من الذعر والهلع لدرجة أن الفنان محمد فؤاد احتضن ابنه ونام به في طرقة الأتوبيس خوفا عليه وطلب منا أن نضع فوقه " شلته " حتي لا يصاب بأذي.. ومع كثرة الضرب أصيب السائق بطوبة الا أنه تحامل علي نفسه واستمر في السير وقتها قمنا بالاتصال بجهاز أمن الدولة في مصر الذي قام بدوره يإعطاء تعليمات للسائق بغلق الأنوار وتغيير سير الاتجاه وبالفعل نفذ السائق التعليمات وتوجهنا الي فيللا الاعلامي طارق نور في السودان وكان نجله أحمد نور الذي استضافنا ووفر لنا كل احتياجتنا.. وقتها كان الجميع علي اتصال بنا في مصر سواء مكتب رئيس الجمهورية أو الخارجية المصرية وكانت رسالة الرئيس مبارك التي نقلت الينا من مكتب الرئاسة بمثابة عامل الفرحة حيث كان مضمون الرسالة " لو ما خرجتوش خلال ساعة الرئيس هيتصرف و هيعرف يحميكوا " مما جعل مصريتنا في السماء .. بعد ذلك جاءتنا مكالمة من السيدين جمال وعلاء مبارك قالا مش هانمشي بدون كل المصريين من السودان كل الناس وقفت تصفق وقالت تحيا مصر .. بعد ذلك فوجئنا بزيارة نائب رئيس مخابرات السودان بصحبة القنصل المصري وقاموا بتوصيلنا الي المطار معززين مكرمين و سط مراقبة أمنية مشددة.. لنستقل الطائرة وننجو من تلك الرحلة الصعبة« بعد أن تأكد كبار مسئولي الحزب الوطني من سلامتنا وقد ظل م. أحمد عز أمين تنظيم الحزب بالسودان ولم يعد إلي القاهرة إلا بعد أن اطمأن علي عودة المصريين والتأكد من ذلك من خلال كشف الاسماء.