المؤتمر الثالث للدول الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد عندما تجتمع وفود ممثلة ل 141 دولة من أنحاء العالم وقعت علي اتفاقية مكافحة الفساد منذ أن أعلنت عنها الجمعية العامة للأمم المتحدة في أول أكتوبر 2003 وقد بلغت موادها 71 مادة، واعتبرت الأول من ديسمبر من كل عام يوما دوليا لمكافحة الفساد، ومن أجل إذكاء الوعي بقضايا الفساد ودور الاتفاقية في مكافحته ومنعه. وعندما يجتمع مسئولو هذه الدول ال 141 الموقعة علي الاتفاقية، ومازال الباب مفتوحا للانضمام إليها من دول أخري، عندما يحضر ممثلو هذه الدول في دورتهم الثالثة في الفترة من 9 إلي 14 نوفمبر الجاري، وقد استضافت المؤتمر دولة قطر وهي دولة عربية شقيقة.. ويبدأ المؤتمر أعماله منذ الاثنين الماضي وتستمر الاجتماعات والتشاور بين الأعضاء حتي مساء الجمعة أول أمس، وصولا إلي التشاور حول آليات لوضع هذه الاتفاقية الدولية موضع التنفيذ من أجل تحسين قدرة الدول الأطراف وتعاونها علي تحقيق أهداف الاتفاقية والترويج لأغراضها لمنع ومكافحة الفساد والتعاون بين الدول وتعزيز النزاهة والمساءلة. تندهش عندما تسمع أصوات هذه الدول جميعا، اعترافا بخطورة الفساد وإقرارا بآثاره المدمرة علي التنمية، وسباقا للإعلان عن محاربة الفساد.. واستصدار التشريعات.. وتأسيس وإنشاء الأجهزة.. والتعاون مع المجتمع المدني.. وتعزيز الشفافية والنزاهة والفصل بين العام والخاص.. ومحاربة الآثار الناجمة عن الفساد بالحاضر والمستقبل ومن أجل الأجيال القادمة.. وإنه - أي الفساد - وهم أسطوري أو إرهاب اجتماعي علي حد تعبير ممثل دولة فنزويلا، وإن الحوكمة.. والإدارة الرشيدة.. والديمقراطية.. وحقوق الإنسان.. كلها ضمانات لمحاصرة الفساد ومكافحته. ومن الدول من تباهي بأنها الدولة الوحيدة في السباق والمبادرة والمكافحة ضد الفساد ومنها من قال لنا إن الدولة قامت بتقديم خمسمائة مسئول للمحاكمة منهم خمسة وزراء، ومنهم من تكلم عن بلده كيف كان وكيف أصبح الحال، وعن توفيق التشريعات مع أحكام الاتفاقية التي وافقت عليها الدول وصادقت عليها، ومنهم من هاجم تلميحا أو تصريحا.. دولا أخري يري أن الفساد مازال فيها وعلينا أن نكشف عنه، ومنهم من طالب بالرقابة والتفتيش بين الدول وبعضها البعض آلية الاستعراض وحتي ولو كان ذلك خرقاً لأحكام الاتفاقية ذاتها ولأهدافها التي أكدت المحافظة علي مبدأ سيادة الدولة والمساواة بين الدول جميعا.. وعدم التدخل في الشئون الداخلية، ومنهم من اكتفي عند الاستعراض بالوقوف عند أحكام الاتفاقية وأهدافها بالاعتدال والحكمة والعقل وحسن فهم الاتفاقية ومنها وفد مصر ومعها سبع وسبعون دولة والصين ودول أفريقيا وغيرها من الدول الكبري. المهم أن الجميع تحدث عن الفساد بلغة واحدة وعن حتمية محاربته، ومحاصرته ومكافحته، واستصدار تشريعات لمكافحة أو حتمية وضرورة تطبيقها تطبيقا جامعا شاملا دقيقا وضروريا ومنهم من قال لنا عن ضرورة وجود الإرادة السياسية وجديتها لمحاربة الفساد.. لكنهم لم يقولوا لنا ماذا لو لم توجد الإرادة السياسية التي تعلن وتعمل ضد الفساد..!! وعند مناقشة آلية الاستعراض والتنفيذ وكيفية ممارسة الكشف والاستعراض والتعاون، جري الخلاف بين الوفود.. وعندما جاء دور المرجعية في البيانات وما إذا كان لازما أن تكون مصدرها الحكومة أو جهات مدنية أخري من المجتمع المدني.. وعند مناقشة كيفية التمويل.. بالتبرع من الدول أو من ميزانية الأممالمتحدة.. دب الخلاف وربما وجهت الاتهامات.. يا سبحان الله. طبعا الخلاف وارد واختلاف الآراء متوقع.. المهم ألا تستمر الألاعيب السياسية لتصطدم بالأهداف.. أو الوصول إلي نقطة البدء بالخطب وضياع الوقت، وأهم من هذا وذاك إذا لم تتحقق الإرادة الوطنية أي الشعبية من داخل البلاد ولدي المسئولين.. والإعلام.. إذا لم يتحقق ذلك وكان التحدي حقيقياً ضد الفساد، فإن اتفاقية مكافحة الفساد التي صادقت عليها الدول لن تنتج شيئا إلا المؤتمرات.. والمناقشات وربما الشعارات وتبادل الاتهامات. جميل أن الاتفاقية أقامت وسط العالم ضجة أو صحوة ضد الفساد.. وأن الدول الأطراف التي صادقت عليها قامت باستصدار عديد من التشريعات.. أو تعديلها وإنشاء الأجهزة والسلطات المعنية بمحاربة الفساد ومحاصرته ومحاكمة الفاسدين.. وجميل أن تستشعر الدول أنها مسئولية وطنية، وأيضا دولية أمام قضايا الفساد حتي ولو كانت بينها دول تشجع عليه أو تفتح الأبواب له وتكشف عن تكاسلها في محاربة الفساد ومكافحته وسد منابعه أو تتستر عليه، لأن الأمر يعوق التنمية ولربما يقوض اجنحتها كلها، كما تقضي علي الديمقراطية وحقوق الإنسان وهو أمر يتطلب محاصرته.. جميل كل هذا وأكثر منه.. لكنه عندما نجد العالم كله يتحدث بلغة واحدة وفي اتجاه واحد.. عن خطورة الفساد.. وضرورة مكافحته ومحاربته.. وأنها مسئولية صارت دولية قبل الشعوب والإنسانية، عندما نسمع كل ذلك من ممثلي الدول وأكثر منها.. ضد الفساد والفاسدين، ولسوف يربح أخيرا الحق والعدل والإنسانية، والذين قالوا لنا عن الإرادة السياسية وعلقوا الأمر في رقبتها وحدها.. فلنا أن نتساءل.. ماذا لو لم توجه الإرادة السياسية أو تعمل علي محاربة الفساد في أي دولة من هذه الدول كما قال لنا البعض؟ هل سيبقي الحال علي ما هو عليه.. وعلي المتضرر اللجوء إلي القضاء أم سوف تزداد الصحوة حتي ينتشر الخير والحق والسلام..؟!