نشرت جريدة المصريون الإلكترونية في صدر صفحاتها يوم الجمعة 6 نوفمبر الحالي، مقالاً لرئيس تحريرها محمود سلطان، يحمل عنوان التجربة المصرية.. وجدل المآذن في أوروبا، يقارن فيه سيادته بين نصاري مصر، والمسلمين المهاجرين إلي بعض الدول الأوروبية، لا سيما فيما يختص بالهوية وبناء دور العبادة: وليسمح لي القارئ العزيز بنقل بعض العبارات كما جاءت بالمقال: تعتبر التجربة المصرية، خاصة فيما يتعلق بالملف الطائفي، هي التجربة الأهم التي يمكن أن يستفيد منها المسلمون في أوروبا. إذ لم تضطرب الأوضاع الطائفية في مصر، إلا منذ عام 1972، وفي الثلاثين عامًا التي تلتها، بعدما أحالت الكنيسة الأرثوذكسية النصرانية من عقيدة إلي هوية موازية لهوية الدولة الأم والتي تستقي من العروبة والإسلام قوامها الأساسي. لا يمكن - بحال - أن نساوي بين محاولات الكنيسة المصرية نصرنة الوجهة الحضارية المصرية، بالتمدد الخرساني والأسمنتي الكنسي غير المشروع، في الشارع المصري وبين انتشار المآذن في بعض العواصم والمدن الغربية، فالأولي لا حاجة إليه علي صعيد التعبد إنما يأتي في سياق مخطط حقيقي لانتزاع مساحات عمرانية تخصم من رصيد الإسلام الحضاري لمصر، وهو سلوك كنسي رسمي يستفز الرأي العام، ويعيد اصطفاف المجتمع وتسخينه وتهيئته لصدام طائفي كبير ومتوقع.. فيما يظل انتشار المساجد في أوروبا - حتي اليوم - عند حدوده الدنيا والأقل من المطلوب لحاجات تعبدية محضة، ولم يتحول بعد إلي أداة مقصودة لأسلمة المجتمع الغربي. اكتفي بهاتين الفقرتين، وأقول أن الأستاذ محمود سلطان وشقيقه جمال سلطان ينتميان صحفيا إلي ما يعرف بصحافة الإثارة، فقد تلقنا أبجديتها جيدًا من خلال عملهما السابق بجريدة الشعب. وهما دائمًا ما يهاجمان الكنيسة بصفة عامة، وشخص البابا شنودة بصفة خاصة، زاعمين أن البابا أخرج الكنيسة من داخل القوقعة التي لا يجوز لها الخروج منها. أعود للفقرة الأولي التي يتحدث فيها الكاتب عن تحول النصرانية من عقيدة إلي هوية موازية لهوية الدولة.. أي موازية للهوية الإسلامية. الهوية الوطنية يا سيدي الفاضل التي ترفض أن ينتهجها نصاري مصر، لا تعني علي الإطلاق الانغلاق علي النفس، ورفض الآخر، الهوية الوطنية هي الانتماء للأرض التي تعني الوطن وفقًا للتعريفات التاريخية القديمة والحديثة. هي مجموعة من القيم والأخلاق يجب أن تنعكس أفعالاً بما تعنيه من استقرار في الوطن والدفاع عنه، والتقيد بنظمه واحترام قوانينه. هي الانتظام العام في المجتمع وفق مبدأ أخلاقي ضمن نسيج مجتمعي متماسك، قائم علي التعاون والمحبة واحترام والتقاليد والأسرة والبيئة والتمسك بالقيم الدينية السائدة واحترام الرأي الآخر ومعتقده ووجهة نظره إن لم تمس القيم والانتظام العام وسيادة الوطن. الهوية الوطنية تعني الوعي الذي يجب أن نربي عليه أولادنا في حب الوطن والإخلاص له والتضحية في سبيله حفظًا لأهلنا ومستقبل أولادنا ليبقي وطنًا منيعًا ضد الفاسدين والمخربين والطامعين والأعداء، والجهل العدو الأول للوطن. فهل من الجرم أن تعمل الكنيسة المصرية علي تأكيد هوية أبنائها؟ أليس هؤلاء النصاري هم من يقفون جنبًا إلي جنب مع أشقائهم في الوطن للدفاع عن الأرض والعرض ضد أي مغتصب؟ أليسوا أصحاب حق في هذا الوطن شأنهم شأن أشقائهم لهم حقوق وعليهم واجبات! أما الفقرة الثانية فليعذرني سيادته، حيث لم أفهم معني نصرنة الوجهة الحضارية المصرية؟ هل تقصد سيادتكم أن وجود الكنائس علي أرض مصر يسيء للحضارة المصرية؟ أيضًا سيدي لا أعرف قصدكم بالبناء غير المشروع، أليس بناء الكنائس في مصر تحكمه لوائح وقوانين تعلم سيادتكم مدي قسوتها وصرامتها. ألا تعلم سيادتكم أنه مازال حتي يومنا هذا إصلاح دورة مياه في كنيسة يحتاج إلي إجراءات وموافقات متعددة، قد تستمر لسنوات، ثم تنتهي بصدور قرار جمهوري وليس قرار محافظ، فما بالكم ببناء كنيسة جديدة. أما بخصوص التمدد الخرساني الأسمنتي في الشارع المصري، أي الكنائس - التي لا حاجة إليها للتعبد، والتي تأتي في سياق متعمد بحسب قولكم تخصم من رصيد الإسلام الحضاري، وتستفز المشاعر.. إلخ. سيدي هذه أول مرة أعرف فيها أن النصاري ليسوا في حاجة لبناء كنائس للتعبد، وأنهم عندما يشيدون كنيسة ينقصون من رصيد الإسلام الحضاري.. سيدي أعتذر عن عدم التعليق علي هذه العبارة، فالرد أنت تعرفه جيدًا، وتعرف أيضًا من يعمل علي تهيئة المناخ لصدام طائفي متوقع كما تقول. يا أستاذنا الفاضل لماذا تحلل ما تطلبه لنفسك، وتحرمه علي غيرك؟ أنا معك وأؤيدك في كل ما تقوله بشأن المهاجرين المسلمين للدول الأوروبية، وحقهم الكامل في بناء دور عبادة لحاجة تعبدية محضة، وجميعنا يرفض أي حدث من شأنه أن يقلل من كرامة أو حق أي إنسان في أي مكان، وفي نفس الوقت ترفض حق أبناء هذه الأرض في بناء دور عبادة ليسوا في حاجة لها للتعبد، وإذا صلوا لربهم في المنازل تقوم الدنيا، وتحرق المنازل وتسفك الدماء، وكل ذلك بفضل كتاباتكم، ومن علي دربكم يسير. سيدي: أرجع لتعليقات قرائك علي مقالك هذا وسوف تعرف من الذي يهيئ المناخ للصدام؟