لن نبالغ إذا قلنا إن مباراة مصر والجزائر التي ستقام غدًا - السبت - في تمام السابعة والنصف باستاد القاهرة الدولي في ختام مباريات المجموعة الثالثة بتصفيات القارة الأفريقية المؤهلة لنهائيات كأس العالم التي ستقام بجنوب أفريقيا شهر يونيه من العام المقبل هي حدث فريد لم يتكرر منذ عشرين سنة.. أو أكثر وأن اللقاء أصبح هدفًا قوميا واستراتيجيا نجح منذ فترة ليست بقليلة في التفاف جميع فئات الشعب المصري حوله بمختلف ألوانه فلا حديث في الشارع وعلي المقاهي وفي الفضائيات والمنتديات إلا عن شيء واحد فقط هو مباراة مصر والجزائر فهي تحظي ليس باهتمام الجماهير الرياضية فقط، بل إنها استحوذت علي شغف الشعبين المصري والجزائري، بل امتدت آثارها إلي عدد من الدول العربية وتخطت الجانب الرياضي إلي المجال السياسي بسبب الشحن المعنوي الرهيب الذي كان وراءه التراشق بين الجانبين علي المستوي الإعلامي في الفضائيات والمنتديات وعلي المواقع الرسمية.. الأمر الذي جعل المسئولين في الدولتين يقومون بالتدخل في محاولة منهم للتهدئة.. ولعل أكبر دليل علي الشحن الإعلامي الزائد هو ما حدث خلال اليومين الماضيين حول أزمة التذاكر التي شهدت إقبالا منقطع النظير تخللته تجاوزات من البعض وعلامات استفهام وحيرة وتساؤلات حول إلي من تصل التذاكر للجماهير أم لأعضاء الأندية! بصرف النظر فإنها نفدت جميعًا - 64 ألف تذكرة - بخلاف 2000 تذكرة للجانب الجزائري قدمها المجلس القومي للرياضة إلي السفارة الجزائر منذ عدة أيام.. ولعل ما زاد من الاحتقان بين الجانبين خاصة الجزائري هو أن منتخب مصر الذي يحتل المركز الثاني في المجموعة برصيد 10 نقاط وله سبعة أهداف وعليه أربعة أهداف بفارق ثلاثة نقاط عن الجزائر التي تحتل المركز الأول برصيد 13 نقطة ولها تسعة أهداف وعليها هدفان هو أن المنتخب الوطني ابتعد عنه أمل الوصول لكأس العالم بعد التعادل مع زامبيا بالقاهرة في الجولة الأولي بهدف لكل فريق ثم الهزيمة من الجزائر باستاد البليدة بثلاثة أهداف مقابل هدف لدرجة أن الجزائريين قاموا بالاحتفال بتأهلهم لجنوب أفريقيا ولم يصدقوا وهم يشاهدون المنتخب الوطني يقترب من بعيد رويدًا رويدًا بالفوز علي رواندا بالقاهرة بثلاثية نظيفة ثم هناك في رواندا بهدف واحد وأخيرًا زامبيا بهدف نظيف وهو ما اعتبره محاربو الصحراء صعبًا تحقيقه بأن يحصد تسع نقاط منها ست خارج الأرض وهو ما نجحت فيه كتيبة اللاعبين المصريين بقيادة المعلم حسن شحاتة المدير الفني ومعاونيه شوقي غريب المدرب العام وحمادة صدقي المدرب وأحمد سليمان مدرب حراس المرمي في تحقيقه ليرتفع رصيد المنتخب إلي عشر نقاط ويحتاج للفوز بفارق هدفين من أجل الوصول لمباراة فاصلة سوف تقام يوم 18 نوفمبر بالسودان والتي حددها الاتحاد الدولي ولاقت ارتياحًا كبيرًا بين الجهاز الفني واللاعبين والمسئولين باتحاد الكرة علي اعتبار العلاقة الوطيدة بين الشعبين وإمكانية تنظيم رحلات جماهيرية هناك.. والفوز بثلاثة أهداف نظيفة تعني تأهلنا إلي المونديال مباشرة دون الدخول في لقاء فاصل وهو ما يسعي إليه الجهاز الفني واللاعبون.. وكان حسن شحاتة قد نجح في عزل الفريق بأكمله عن المشاحنات الإعلامية من شد وجذب بمعسكر مغلق بدأ في 27 سبتمبر الماضي بالقاهرة لمدة ثلاثة أيام توجه بعدها إلي أسوان لمدة ستة أيام انتهت يوم 5 نوفمبر الماضي بلقاء ودي مع تنزانيا حقق الفوز فيه بخماسية مقابل هدف ثم عاد الفريق لمعسكره الحالي ببتروسبورت حيث الإقامة والتدريب ما بين بتروسبورت واستاد القاهرة ورفع الجهاز الفني شعار ممنوع الاقتراب أو التصوير في حين رفع اللاعبون شعار نكون أو لا نكون ولابديل عن الفوز وإسعاد 80 مليون مصري.. وكان للزيارة التي قام بها السيد جمال مبارك الأمين العام المساعد بأمانة السياسات أثر نفسي كبير في نفوس اللاعبين الذين تعهدوا له بتحقيق الفوز والتأهل للمونديال. وقد التقي الفريقان 25 مرة من قبل تم إحراز 31 هدفًا لصالح الجزائر و27 لمصلحة مصر منها 17 مباراة رسمية فاز فيها منتخب الجزائري 6 مرات ومصر 4 مرات وتعادلا سبع مرات وأحرزت الجزائر 21 هدفًا في اللقاءات الرسمية مقابل 18 هدفًا لمصر.. بالإضافة إلي 8 مباريات ودية فاز فيها منخب الجزائر 4 مرات ومصر مرتين وتعادلا مرتين وسجل منتخب الجزائر 10 أهداف مقابل 9 لمصر.. وأول لقاء جمع بين الفريقين كان عام 1970 في تصفيات الأمم الأفريقية وانتهي بفوز مصر واحد فقط في حين أن أكبر فوز حققته مصر علي الجزائر كان باستاد القاهرة عام 2001 بخمسة أهداف مقابل هدفين.. وأكبر فوز للجزائر علي مصر كان مرتين بنتيجة واحدة وهي ثلاثة أهداف مقابل هدف الأولي عام 1984 ببطولة كأس الأمم الأفريقية بكوت ديفوار والثانية باستاد البليدة بتصفيات كأس العالم الحالية. ومن المقرر أن تفتح أبواب الأستاد غدًا في الثالثة عصرًا وأن يدير المباراة طاقم حكام من جنوب أفريقيا بقيادة چيروم دامون ويراقبها اثنان من الاتحاد الدولي هما الدكتور كمال شداد من السودان والتونسي رشيد بن خديجة ويحضرها لفيف من كبار الشخصيات العربية والمصرية والأفريقية من وزراء وسفراء.. ووضعت لها وزارة الداخلية خطة أمنية محكمة بوجود أكثر من 50 كاميرا لمراقبة الجماهير في حالة حدوث شغب.. وتنقل المباراة أكثر من 20 محطة تليفزيونية. خطة الفراعنة للعبور يقوم الجهاز الفني في تدريبه الأخير الذي سيقام في السابعة والنصف مساء اليوم بوضع اللمسات النهائية والمراجعة الأخيرة لخطة الفريق في المواجهة المصيرية أمام الجزائر غدًا التي تشير كل المعلومات القادمة من داخل المعسكر بأنها ستكون هجومية في المقام الأول مع حذر دفاعي بطريقة لعب 3-5-2 وبلا شك فإنه توجد عناصر أساسية بالفريق لا خلاف عليها مثل عصام الحضري في حراسة المرمي وهاني سعيد وأحمد فتحي وأحمد حسن ومحمد أبو تريكة وعمرو زكي وأن الاختلاف أو الحيرة فقط حول بعض المراكز مثل مركز المساك بعد غياب وائل جمعة للإيقاف ومن يلعب بجوار هاني سعيد هل يكون أحمد فتحي بجوار أحمد سعيد أوكا وسيد معوض ناحية الشمال بخط الدفاع وأحمد المحمدي كظهير أيمن إلا أن الجهاز الفني رأي أن فتحي قصير وأن هذا المركز يحتاج للاعب طويل القامة لا سيما أن الجانب الجزائري يجيد اللعب بكرات عرضية ولديه طرفان علي مستوي عال وقد تم الاتفاق علي أن يلعب أحمد فتحي في مركز الظهير الأيمن بجوار أحمد سعيد أوكا وهاني سعيد وعبدالظاهر السقا والذي يتميز بالقامة الطويلة كما أن لديه خبرات عالية تؤهله للعب في هذا المركز كما تم التركيز معه منذ وصوله يوم الاثنين الماضي علي عامل التجانس والانسجام علي اعتبار أنه غاب عن المنتخب لمدة عامين.. أما المركز الثاني والذي كانت توجد إشكالية عليه هو مكان حسني عبد ربه بعد أن رفض شحاتة البدء باللاعب علي اعتبار إنه لم يتماثل للشفاء بنسبة مائة في المائة والجهاز الفني لا يخاطر بالدفع بأي لاعب دون أن يكون سليم تمامًا.. وكانت المفاضلة بين محمد شوقي ومحمد حمص للعب بجوار أحمد حسن وإن كان تم الاتفاق علي الدفع بحمص.. وسيقوم شحاتة باللعب برأسي حربة هما عمرو زكي وبجانبه عماد متعب الذي حسم الأفضلية له علي حساب محمد زيدان الذي حسم الدفع به في الشوط الثاني وعلي حسب سير المباراة علي أن يلعب محمد أبو تريكة تحت رأسي الحربة كرأس مثلث مقلوب.. بحيث إنه في حالة امتلاك الكرة سيتقدم الطرفان أحمد فتحي وسيد معوض بجانب أحمد حسن ومعهم محمد حمص ليهاجم المعلم بسبعة مهاجمين وفي حالة الضربات الثابتة والركنية سيتقدم عبدالظاهر السقا لاحتياجه في الضربات الرأسية - أما في حالة فقدان الكرة فسيتم المساندة السريعة من خطي الوسط والهجوم لا سيما أن المنافس يجيد اللعب بالهجمات المرتدة من عدة تمريرات قليلة وطويلة للوصول لمرمي عصام الحضري.. وبلا شك فإن طريقة اللعب التي ستكون 3-5-2 ستتغير علي حسب مجريات المباراة وسير أحداثها سواء كانت 4-4-2 أو 4-3-3 وقد تتم الاستعانة بمحمد بركات لرشاقته في الملعب. تشكيل المنتخب عصام الحضري في حراسة المرمي أحمد فتحي وأحمد سعيد أوكا وهاني سعيد وعبدالظاهر السقا وسيد معوض لخط الدفاع وأحمد حسني ومحمد حمص محمد بركات لخط الوسط ومحمد أبو تريكة وأمامه عمرو زكي وعماد متعب.. وعلي دكة البدلاء عبدالواحد السيد (حارس مرمي) وشريف عبدالفضيل ومعتصم سالم وأحمد عيد عبدالملك ومحمد زيدان ومحمد شوقي وأحمد رءوف. نصائح المعلم الأخيرة لكتيبته سيركز المدير الفني حسن شحاتة اليوم خلال المحاضرة النظرية وتدريب اليوم علي كل ما قاله للاعبين منذ بداية المعسكر بضبط الأعصاب وعدم الانسياق لأي محاولات استفزازية قد تحدث من الفريق المنافس أو الجماهير قد تخرج باللاعبين خارج سياق المباراة وهو ما يخطط له الجانب الجزائري مع ضرورة عدم الاعتراض علي الحكم والامتثال لقراراته والتركيز في الملعب فقط ومحاولة إحراز هدف في الشوط الأول سيكون له دور كبير في اطمئنان الجماهير والجهاز الفني واللاعبين كما أنها ستصب الضغط علي الخصم وسيبادر بالهجوم مما يؤدي إلي فتح دفاعه ووجود ثغرات به ستفتح الطريق لإحراز مزيد من الأهداف.. كما ركز شحاتة علي ضرورة لعب الكرة من لمسة واحدة والتحرك بالكرة وبدونها واللعب علي الأجناب لخلخلة دفاع المنافس والضغط علي الخصم من منتصف ملعبه والتسديد علي مرمي لوناس قاواوي حارس مرمي الجزائر من خارج منطقة الجزاء سواء من كرات ثابتة أو متحركة وسرعة الارتداد في حالة فقدان الكرة.. كما يقوم المعلم بإلهاب حماس اللاعبين بالأغاني الوطنية والجلسات النفسية. سيناريوهات المعلم كما وضع شحاتة عددًا من السيناريوهات التي قد تحدث في المباراة وأهمها طرد أي لاعب من الفريق أو الإصابة بعد الانتهاء من التغييرات الثلاثة أو نجاح المنافس في إحراز هدف بمرمي عصام الحضري وذلك بعدم اليأس وأن اللقاء مدته 90 دقيقة وأن الهدف يحرز في لحظة وأنهم لعبوا مباريات أصعب من ذلك أمام منتخبات كبيرة ونجحوا في التغلب علي المنافسين ويكفي الفوز علي إيطاليا بطلة العالم بهدف حمص في بطولة القارات وإحراز ثلاثة أهداف في مرمي البرازيل والتغلب علي كوت ديفوار والكاميرون بأربعة أهداف في بطولة أفريقيا بغانا العام الماضي وضرورة التماسك وطالب الجهاز الفني واللاعبون الجماهير بالتشجيع والمؤازرة طوال المباراة وأن تكون اللاعب رقم واحد في الملعب وقد وضحت الروح المعنوية العالية والإرادة والنصر والرغبة في تحقيق الحلم الكبير.
