الصراع بين العلمانيين والكنيسة ليس وليد السنوات الماضية، بل تمتد جذوره إلي مطلع القرن العشرين بعد تأسيس أول مجلس ملي حيث دار الصراع بين البطريرك كيرلس وبطرس غالي رئيس وزراء مصر ورئيس المجلس الملي وأدي إلي نفي البطريرك ومن ثم امتد الصراع إلي 1927 حول لائحة البطريرك عندما طلب الانبا يؤانس النائب البابوي تفريق المتظاهرين ضده في الكنيسة المرقسية بمحطة الرمل وكان سبب التظاهر من العلمانيين هو حقهم في الترشيح دون النص في اللائحة علي أن يكون البطريرك من الرهبان. وطوال الصراع الذي امتد حتي 1957 وقيام ثورة يوليو كانت المجالس الملية تستقوي بحكومات الوفد ورجال الدين يستقوون بحكومات الأقليات. وكان الأنبا يؤانس قد انتخب ب 70 صوتًا مقابل صوتين لحبيب جرجس ممثل العلمانيين ومؤسس مدارس الأحد وتلا الأنبا يؤانس الأنبا مكاريوس مطران أسيوط ورجال المجلس الملي وجلس علي سدة البطريركية وكان من رجال الاصلاح وقريب من المجلس الملي وانتهي به الحال إلي النفي إلي الدير من قبل المجمع المقدس بسبب صدامه مع الاكليروس حول لائحة البطريرك التي لم يرض عنها الحرس القديم من الأساقفة وعقب وفاة الأنبا مكاريوس جاء الأنبا يوساب الذي اختطفته جماعة الأمة القبطية وأودعته دير البنات إلي أن أعفاه المجمع المقدس من منصبه في 5 سبتمبر 1955 ثم نفي إلي دير المحرق حتي وفاته. وقضت الكنيسة ثلاث سنوات بدون بطريرك من 24 سبتمبر 1956 بعد أن توفي الانبا يوساب إلي 17 مارس 1959 حينما انتخب الانبا كيرلس حيث استمر الصراع بين بقايا المجلس الملي والرهبان الشباب من الحرس الجديد في مواجهة الحرس القديم وكان علي رأسهم الانبا شنودة البطريرك الحالي والأب متي المسكين ووهيب عطا الله (الانبا غورغوريوس) وغيرهم من شباب الرهبان الذين ابعدوا بنص اللائحة التي كانت تقتضي بضرورة أن يكون سن المرشح 40 عامًا وأمضي منها 15 عامًا في الحياة الرهبانية، وبعد وفاة الانبا كيرلس السادس انتخب الانبا شنودة الثالث منهم ثلاثة فائزين وسحب الطفل منير كامل ورقة باسمه وجاء الانبا شنودة، بذات اللائحة التي رفضها من قبل وكتب عنها في مجلة مدارس الأحد 1954 (كرست فيه القوانين والتقاليد الكنسية وتجاهلت ارادة الشباب ورأي حينذاك الانبا غورغوريوس اسقف البحث العلمي) وأكاد احكم بأنني اجد من العار علي كنيستنا القبطية الارثوذكسية أن تكون لها في النصف الثاني من القرن العشرين لائحة كهذه . ومن يطالع تلك اللائحة يكتشف عوارها ليس فقط بسبب عدم ديمقراطيتها بل بسبب الكثير من المواد التي عفا عليها الزمن، وعلي سبيل المثال: بأن يحضر الانتخابات مندوب حضرة صاحب الجلالة امبراطور أثيوبيا وكلاء الشريعة في المدن والبنادر وأعضاء مجلس الأمة الحاليين من الأقباط و... (أي وجهاء الأقباط) بشرط ألا تقل رواتبهم عن 40 جنيها شهريًا!! وهكذا فلا اثيوبيا امبراطورية والوجهاء لم تعد مرتباتهم أربعين جنيهًا!! لذلك يجب أن يسرع أعضاء جبهة العلمانيين بتقديم مشروع اللائحة الجديدة كما وعدوا علي لسان كمال زاخر إلي مجلس الشعب المصري عبر بعض النواب حتي يتسني النظر إلي المستقبل بعيون التطور لأن اللائحة البالية التي تحكم انتخاب البطريرك القادم ليست صالحة ويتجاوب مع الدعوة لتغييرها ليس فقط العلمانيون الأقباط بل وأكثر من عشرين اسقفًا من أعضاء المجمع المقدس.