علي مدي ثلاثة أيام دارت فعاليات ورشة عمل مهمة لاقت إقبالا شديدا من دارسي الإعلام.. الورشة كان موضوعها الاحتراف الإعلامي وأسلوبها:الشهادات الواقعية لنخبة متميزة من خبراء الإعلام في مصر قدموا خبرات سنوات طويلة من الاحتراف لمهنة الإعلام جمعوا خلالها تجاربهم الثرية المتنوعة.. بين العمل في وسائل إعلام مملوكة للدولة ووسائل إعلام خاصة، بين خبرات في وسائل إعلام وطنية ووسائل إعلام عربية ودولية، أغلبهم عملوا في أكثر من نمط من أنماط وسائل الإعلام مطبوعة ومرئية.. وهدفها: تحقيق تواصل منشود بين أجيال هذا الوطن.. جيل أكبر كافح وجاهد بذل الكثير.. عاني كثيرا.. أخفق أحيانا.. نجح غالبا.. جيل واجه تحديات.. تصدي لصعوبات عشق مهنته وعاش عمره من أجلها وجيل أصغر يحلم ويطمح.. يبحث عن قدوة ونموذج.. يبحث لنفسه عن مكان في بلاط مهنة الإعلام يحاول أن ينهل من علم وخبرة من سبقوه.. وأن يهضم كل هذه الخبرات ليقدم هو بعد ذلك إضافته وإسهامه.. تجربته.. ساعيا إلي أن تكون له بصمته.. لا أن يكون مجرد نسخة باهتة لآخرين بالتأكيد إنه جيل متميز أتاحت له ثورة تكنولوجيا الاتصال والمعلومات ما لم يكن متاحا لجيلي أو الأجيال السابقة لي.. جيل مختلف بالطبع عنا.. وهذا أمر طبيعي فهم يعيشون واقعا متغيرا.. تحديات مختلفة.. عالم غير ذلك العالم الذي عشنا فيه وكان علينا أن نتفاعل مع مشاكله ومخاوفه.. بل أوهامه. وطننا بالتأكيد في حاجة إلي هذا التواصل الذي نفتقده في كثير من الأحيان بين أجياله.. تواصل يتحقق من خلال أمور عدة أهمها أن يتعلم كل جيل من الجيل السابق له وأن ينقل ما تعلمه إلي الجيل التالي له. والاحتراف الإعلامي في مصر ما زال مشكلة.. فما زال البعض يتصور خطأ -عن قصد أو بغير قصد- أن الإعلام مهنة من لا مهنة له.. وأن أي شخص يمكن أن يصبح -بقدرة قادر كما يقولون- إعلاميا مشهورا.. لمجرد أنه اقتحم مجالها بطريقة أو بأخري.. معتمدا علي الفهلوة أو الشطارة أو الإلحاح والمطاردة لعدد من المصادر التي شاء حظها العثر أن تصبح فريسة لهذه النوعية ممن يطلقون علي أنفسهم زورا وبهتانا أنهم صحفيون وإعلاميون.. وهم أبعد ما يكونون عن ذلك.. فلا هم درسوا الإعلام.. ولا هم يملكون موهبة حقيقية في هذا المجال.. ولا هم بذلوا جهدا جادا وصادقا في تعليم أنفسهم وتدريبها علي مهارات هذا العمل.. لا هم يقرأون.. وأحيانا لا يكتبون.. بل يلقون ببعض ما جمعوه من مادة صحفية ليقوم ديسك الصحيفة بإعادة صياغتها وكتابتها بأسلوب صحفي ليصنعوا من الفسيخ شربات معتمدين علي أساليب الإثارة مبالغة.. تهويل.. تهوين.. أو يقتصر دورهم علي الاتصال التليفوني ببعض الضيوف للمشاركة في بعض البرامج أو تقديم مداخلات. وغياب الاحتراف الإعلامي -في حالات كثيرة- كان سببا من أسباب تدهور مستوي الأداء المهني في بعض الأحيان.. وارتكاب الكثير من الجرائم في حق المجتمع وحق الأفراد.. من اعتداء علي قيم المجتمع والعدوان علي ثوابته الأخلاقية.. وإهدار كرامة الأفراد وعدم احترام حياتهم الخاصة وخصوصياتهم وتشويه سمعتهم واستخدام المهنة كوسيلة للابتزاز والكسب غير المشروع دون أي اعتبار لمعايير النزاهة المهنية، وفي غيبة أي ضمير مهني.. بل إن ضعف الاحتراف أو غيابه أدي في بعض الأحيان إلي مشكلة في ممارسة حرية الصحافة والإعلام بشكل مسئول اجتماعيا. من أجل هذا اجتمعت تلك النخبة من خبراء الإعلام في مصر لينقلوا خبراتهم ويتواصلوا مع الجيل الشاب من دارسي الإعلام بكلية الإعلام الأم.. المهندس أسامة الشيخ والكاتب مصطفي بكري.. الإعلامي أحمد المسلماني.. الإعلامي طارق الكاشف وتجربة أوربيت، الإعلامي معتز الدمرداش.. الإعلامي محمد ترك وتجربة MBC.. الكاتب محمد هاني والفنان محمود بركة وتجربة برنامج البيت بيتك.. المهندس عمرو شعيرة وتجربة شركة Compu me.. الإعلامية جيهان منصور والدكتور جمال مختار. ومن خلال ما طروحه قدموا قائمة بعناصر ونقاط مهم علي الإعلامي أن يراعيها حتي يصبح محترفا.. يمكن إجمالها: إدراك أن للإعلام رسالة مجتمعية وإنسانية فهو يشكل الرأي العام ويقوده. وأنه إلي جانب ذلك صناعة بمعني أن لا بنية أساسية ومقومات تتمثل في الكوادر الإعلامية والمنتج الجيد والتسويق وهو أيضًا تجارة بمعني أنه لابد أن يحقق عائدا يسمح بالاستمرار في أداء الرسالة وبالتطور ومواجهة كل جديد. فهم خصائص الجمهور وظروف تعرضه للوسائل الإعلامية المختلفة وضرورة الحرص علي كسب ثقته فجمهوري هو ميزة تسويقية والحرص علي التفاعل والتواصل المستمر مع الجمهور. اكتساب مهارات العمل في فريقه وآلياته. احترام عامل الوقت والتوقيت المحدد. الدقة في التنفيذ للمهام الموكلة لي. أهمية التطوير المستمر. التخصص، وفي الوقت نفسه الثقافة الموسوعية والإدراك لكل عناصر العملية الإعلامية المتشابكة احترام أخلاقيات المهنة وآدابها. الالتزام بالمعايير المهنية والمجتمعية والتي تتمثل في مراعاة أجندة اهتمامات الناس ومواكبة الواقع اليومي المعاش وأحداثه والحرص علي التوازن بين وجهات النظر المطروحة في أي قضية، احترام قيم المجتمع وعدم الاعتداء علي ما يعتبر ثوابت قيمية وأخلاقية والإحساس بالمسئولية. إن الفكرة الجيدة نصف النجاح، فمن المهم الحصول علي فكرة أو زاوية جديدة للمعالجة أو عمق في التعامل مع فكرة ما. القدرة علي التخيل والتفكير الإبداعي. الحرية ليست مجرد الهجوم أو الشتيمة أو معارضة الحكومة ولكن أصعب ما تواجهه حرية الإعلام من تحديات هو مواجهة الأفكار المجتمعية الرجعية التي تريد أن ترتد به إلي الوراء قرونا والحرية ليست مطلقة. الدراسة مهمة وعشق المهنة أهم. فهم آليات السوق الإعلامي المتغير من خلال البحوث والأساليب التفاعلية. عدم الانطلاق من آراء مسبقة واحترام تعدد الآراء وتنوعها والقبول بفكرة الآخر. الأسلوب الصحفي المحترم بعيدا عن التجريح وتشويه السمعة وتبادل الشتائم.. وأخيرًا الإعلام ليس وعظا، والإعلامي ليس طبيبا يقدم روشتة العلاج.. بل إن عليه أن يطرح كل الأفكار ويضعها أمام مجتمع وناسه.