الغربان تحتل ال س و ي س صعب جدا ان تسير في المدينة الدافئة الجميلة الهادئة (السويس)، وأنت تأكل الأيس كريم او ساندوتش الهامبورجر او حتي قرص الطعمية، صعب جدا ان تقوم سيدة بنشر الغسيل في البلكونة،صعب جدا علي طائر النورس ان يتكاثر،فما هذا الرعب..؟! في السويس ثمة ازمة تجذرت منذ اكثر من 30 عاما اسمها (الغربان). فرغم ان عدد سكان هذه المدينة هو نصف مليون نسمة تقريبا فإن أعداد الغربان تفوق اعداد السكان اضعافا مضاعفة (طبعا لايوجد إحصاء رقمي لكن كل شيء واضح امام ناظريك إضافة لاذنيك).في شوارع المدينة لاتندهش عندما تقف الغربان بجوارك، او تفزع اذا حطت علي ام راسك. إنها اسراب فائقة الذكاء والشهية تأكل الاخضر وغير الاخضر ، لذلك لن تجد في السويس بواقي للقمامة. ثمة اساطير وحكايا مضحكة حول غربان السويس التي لم تكن موجودة قبيل التهجير، قال لي احد السائقيين هنا إن اسراب الغربان المتزايدة هي حرب بيولوجية موجهة جلبها العدو الصهيوني الي المدينة عبر باخرة ضخمة من خلال البحر! واضاف: "هنعمل ايه مع الغربان، هنتعايش معاها،فهي مفيدة جدا اذا اكلها المتلعثميو او ذوي الألسنة الثقيلة حيث تشفيهم لحومها اذا تناولوها،انا شخصيا يابيه احب ان اهدي الغربان الي اطفالي". تبقي الرواية الأصدق لاحتلال الغربان للمدينة وقد حكاها لي مستر اسامة مدير المدرسة التجريبية للغات،في ان الغربان هاجرت بعد التهجير من سيناء وسكنت البيوت المهجورة وقد افادت المدينة طوال السنيين الماضية في التخلص من افة كبيرة كانت تنخر في السويس وهي الفئران الرهيبة التي كانت تغزو البيوت بحجمها الذي يزيد علي حجم الارانب..! في نفس الوقت نفي لي رواية السائق او تعميم تعامل السوايسة مع الغربان بهذه الطريقة الشهية..! لكن الغربان قضت علي طائر النورس الجميل علي شواطيء المدينة،وهي تقف علي الغسيل المنشور علي الحبال فتحيله متسخا، ثمة أمل ظهر مؤخرا في عودة الطائر المصري القوي الجميل (ابو قردان) الذي يهابه الغراب.. وتبقي لي بعض التأملات، ما مستقبل السويس بعد خمس او عشر سنوات؟ هل ستبدأ الغربان في التمرد بأعدادها المتزايدة ومهاجمة الناس في بيوتهم وفي اماكنهم للحصول علي الطعام ؟! بديهي ان نسال اين وزارة البيئة من المكافحة ؟! يبدو انها لم تنجح، فقد قاموا بتسميم الغربان وقد مات منها عدد بسيط ثم فوجيء الناس بان الغربان لم تعد تهجم علي الطعام مرة واحدة بل ترشح فرداً ذواقة منهم بحيث اذا كان هناك سم يتناوله الفرد ليحيا البقية، ثم كانت المكافحة بإطلاق الرصاص علي الاسراب فما كانت منها الا ان افرغت غضبها في راس اصحاب البندقية. بهذه الطريقة وصل الملل الي محافظ السويس والي الاهالي. فهل فرض الغربان نفسها علي المدينة هو منطق قوة من قبلها وهل التخلص منها سيضر بالتوازن البيئي في المدينة ويعيد الفئران الضخمة اليها وهل التخلص منها مستحيل، فلا توجد تكنولوجيا بيئية تخلصنا منها ولا توجد ابتكارات او اختراعات حديثة تواجه المشكلة. ثمة سؤال اهم: أهل مدينة السويس الباسلة رمز الصمود والناس الجُمال اضحت عاقرا من مراكز بحثية تخدم المدينة ام انه لاتوجد مراكز بحثية سواء في السويس او سوهاج او كفر الشيخ تخدم المحليات وتحل المشاكل الاقليمية؟ ومن المسئول عن عدم وجود مراكز بحثية محلية تحل مشاكل الاقاليم : الحكومة ام المحافظة ..؟!