عقد الرئيس حسني مبارك بعد ظهر أمس بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة مباحثات قمة مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، وقد امتدت المباحثات علي مأدبة غداء أقامها الرئيس مبارك للعاهل الأردني والوفد المرافق له. ويرافق العاهل الأردني وفد يضم ناصر اللوزي رئيس الديوان الملكي الأردني، وأيمن الصفدي مستشار جلالة الملك، وناصر جودة وزير الخارجية، واللواء محمد الرقاد مدير المخابرات العامة ، والسفير هاني الملقي سفير الأردن بالقاهرة. وصرح وزير الخارجية أحمد أبوالغيط خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده مع نظيره الأردني عقب المباحثات بأن القمة المصرية الاردنية تأتي في اطار المشاورات المستمرة بين الجانبين، مشيرا إلي أن المشاورات التي جرت خلال القمة تركزت حول الوضع في المنطقة بصفة عامة، والمسألة الفلسطينية بوجه خاص، وكيفية استعادة جهد السلام مرة أخري وتجاوز العقبات التي تتعرض لها هذه العملية السياسية. وقال أبوالغيط إننا تلقينا في مصر تقريرا عن المشاورات التي دارت بين الرئيس الفلسطيني أبومازن ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون مؤخرا، وأعتقد أن الاخوة في الأردن تلقوا تقريرا مماثلا. وقال أبوالغيط إننا نري أن جهد السلام يتعرض لمشكلة حقيقية، وهذه المشكلة تعود أساسا إلي تصميم الجانب الاسرائيلي علي عدم الالتزام بخطة خريطة الطريق التي تطالب بالوقف الكامل لعمليات الاستيطان، مشيرا إلي أنه من غير المنطقي أو المقبول أن يقال إننا نستطيع أن نمضي في مفاوضات، ثم نستمر في مسائل الاستيطان، وبخاصة في القدسالشرقية، ومن هنا فإننا في مصر نتفهم الرؤية الفلسطينية في هذا الخصوص، ونأمل أن يحصل الجانب الفلسطيني علي ضمانات في ضوء ما تحدث به الرئيس الامريكي. ومن جانبه قال وزير الخارجية الأردني ناصر جودة إن لقاء الرئيس مبارك والعاهل الاردني يأتي في إطار التنسيق السياسي المستمر بين الزعيمين والقيادتين، وحرصهما علي استمرار هذا التشاور والتنسيق، خاصة في ظل هذه الاجواء الصعبة التي نمر بها فيما يتعلق بالجهود المبذولة اقليميا ودوليا لإطلاق مفاوضات مباشرة، تؤدي إلي تحقيق حل الدولتين في إطار السلام الشامل والعادل الذي نسعي الي تحقيقه في منطقتنا. وقال الوزير الاردني انه يتفق تماما مع ما قاله وزير الخارجية أحمد أبوالغيط من وصف للظروف الحالية بأنها ظروف صعبة، مشيرا إلي أن هناك الكثير من العقبات علي الطريق، ومع ذلك فإن أحدا منا لا يستطيع أن يتحمل في المستقبل مسئولية إضاعة الفرصة لإنجاح جهد السلام. وشدد علي أن فرصة تحقيق السلام لاتزال موجودة، وبخاصة بعد تولي الرئيس الامريكي الحالي مسئولياته في الإدارة الجديدة وانخراطه المباشر في ملف الشرق الأوسط. وقال جودة إننا نري أن هناك عقبات وصعوبات في تجاوز الهوة بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي.. وأشار في هذا الخصوص إلي أهمية المرجعيات التي جاءت علي لسان الرئيس الامريكي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بما فيها عدم شرعية المستوطنات الاسرائيلية.. وأن كل قضايا الحل النهائي مطروحة علي الطاولة. وأعرب الوزير الاردني عن أسفه لما شهدته الفترة الماضية من استمرار للإجراءات الاسرائيلية احادية الجانب، خاصة في قطاع القدسالشرقية، الذي شهد عدة حوادث تصعيدية كان من الممكن أن تتحول إلي أزمات كبري، مؤكدا أن الإجراءات أحادية الجانب هي مسألة مرفوضة من حيث المبدأ، وبخاصة فيما يتعلق بالقدسالشرقية، وما يتعلق بذلك من عمليات للاستيطان والتهجير والحفريات وغيرها، وشدد علي ان القدس بالنسبة لنا كما أكد العاهل الاردني هي خط أحمر، ويجب أن تكون رمز وعنوان السلام لأتباع الأديان السماوية الثلاثة. وأشار إلي أنه في ضوء الاجتماعات التي جرت بالأمس بين الرئيس الفلسطيني ووزير الخارجية الامريكية ومبعوث السلام الامريكي جورج ميتشيل في الامارات العربية المتحدة، يبدو ان هناك صعوبة.. والحقيقة أن علينا أن ندعم السلطة الوطنية الفلسطينية والرئيس أبومازن الذي يبدي التزاما متواصلا بالتعاون في جهود السلام.. خاصة أن أبومازن يعكس الموقف الفلسطيني، الذي هو في مجمله الموقف العربي الذي بلورته بوضوح المبادرة العربية للسلام. ورداً علي سؤال حول الضمانات المطلوبة من الجانب الاسرائيلي منعا للعبة إضاعة الوقت.. قال أبوالغيط أن الضمانات يجب أن تأتي من الولاياتالمتحدةالامريكية والمجتمع الدولي.. فعلي أمريكا أن تعلن بأكبر قدر من الوضوح التزامها بتنفيذ بما تحدثت به أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وأن تشارك بالكامل مع طرفي المفاوضات إذا ما تقرر أن تبدأ هذه المفاوضات التي لن تبدأ سوي بوجود ضمانات أمريكية ودولية. وقال أبوالغيط إنه يمكن النظر في ضمانات قد تأتي من مجلس الأمن بالاضافة إلي ضرورة تحديد الإطار الزمني الذي تتم فيه هذه المفاوضات، لأننا نشهد محاولات مستمرة لاضاعة الوقت. وشدد أبوالغيط علي ضرورة ان تلتزم إسرائيل بإطار زمني محدد لعدم اضاعة الوقت والتوصل إلي نتائج ملموسة في هذا الاطار. وردا علي مطالبة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية للرئيس الفلسطيني محمود عباس باستئناف المفاوضات مع إسرائيل دون شروط.. قال أبوالغيط: "نحن نتفهم وجهة النظر الفلسطينية، فلا نتصور أن نذهب الي مفاوضات في الوقت الذي تستمر فيه اسرائيل في الاستحواذ علي الارض وتقيم المستوطنات عليها وترفض الالتزام بأن القدسالشرقية هي القدس العربية الفلسطينية الإسلامية المسيحية "، وأشار إلي أنه إذا ما قبل الجانب الفلسطيني التفاوض علي أساس الشروط الاسرائيلية، فكأنه يسلم القدسالشرقية إلي الجانب الاسرائيلي. وحول التقرير الذي تلقته مصر والاردن من الجانب الفلسطيني عن لقاء أبومازن وكلينتون..قال أبوالغيط، أن التقرير الذي تلقيناه يعكس بدقة ما دار في اللقاء المذكور، مشيرا إلي أن ما جاء في التقرير هو نفسه ما أعلنه الفلسطينيون في وسائل الاعلام. ورداً علي سؤال لوزير الخارجية الاردني عما يمكن تساهم به بلاده في اتمام المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، قال ناصر جودة وزير خارجية الاردن، أن ملف المصالحة الفلسطينية في يد مصر، وما يمكن أن تقدمه الاردن هو التشاور والتنسيق مع الاشقاء في مصر، والاردن يدعم الجهود المصرية دعما مطلقا. وردا علي سؤال عما إذا الرئيس السو ري بشار الاسد سيزور مصر قريبا.. اكتفي ابو الغيط بالقول: "ليس لدي علما بذلك".