شعار المؤتمر التاسع للحزب الوطني من أجلك أنت شعار براق ومؤثر، ويتضمن تحولاً جديداً في سياسة الحزب الحاكم بغية الوصول إلي الشارع المصري والاقتراب الفعلي من المواطن البسيط بحيث يشعر الإنسان المصري أن القرارات والإصلاحات تتم من أجله هو وليس من أجل قلة قليلة تملك السلطة والمال في زواج اقتصادي وسياسي أضر بالمجتمع المصري وأبعد المواطن عن الانتماء إلي تراب وطنه وعاداته وتقاليده ليرتمي في أحضان جماعات تحمل ثقافات مغايرة وتستخدم أخطر الأسلحة في العالم لتحريك المشاعر والنفوس إلا وهي سلاح الدين. ومن هنا أصبح معظم المجتمع المصري وشارعه يعيش في ظل ثقافة ترفض الواقع وتبتعد وتعارض ما يقدمه لها الحزب الحاكم ولا تجد سبيلاً إلا في هؤلاء الذين يتهمون الجميع بالخيانة والكفر ويوعدونهم الجنة علي الأرض إن التزموا بتعاليمهم وأفكارهم. وما أبسط المصريين وما أعمق إيمانهم المنتظر دوماً لمحرك ولهوجه وهو ما جعل حال الشارع المصري يؤول إلي تلك الفوضي الاجتماعية والأمنية، فالمسئول عن الشارع غائب في دوائر تأمين وضعه ومكانته وسلطته، والآخرون يعيثون في الأرض بكل قوتهم وكامل حريتهم فإذا الشقاق والخلافات المظهرية وإذا التعصب وإذا الفتنة قادمة بين الأهل والإخوة في ذات الدين وذات العقيدة وذات الهوية والهوي المصري. فهل حول القائمون علي الحزب ولجنة السياسات الجديدة اهتمامهم نحو النزول الفعلي إلي أرض الشارع المصري وأيضاً البحث في أسباب تلك الفوضي الأمنية والمجتمعية ولجوء العديد من الخارجين علي القانون والبلطجية في كل المجالات إلي استخدام القوة والإرهاب الفكري والفعلي في تخويف وترويع المواطن البسيط ولنبدأ بالمحليات لأنها بكل حق أساس الفساد والخراب بعد أن عاث السوس في بنيانها وتحول من يعملون بها إلي أباطرة وكيانات متسلطة لها مخالب وخيوط عنكبوتية تمتد إلي كل المجالات بل وصلت إلي بعض المواقع الأمنية والقضائية والإعلامية والتنفيذية فصالت وجالت.. مثال علي ذلك حال الشارع المصري المروري والسكني ففي كل يوم نجد اعتداء علي الأرصفة والشوارع من قبل الحي والمحافظة يبيعون المساحات المخصصة للسير أو الانتظار أو التنفس البشري لشركات الإعلانات التي شوهت منظر الشوارع وجعلته قبيحاً وغير صالح للاستهلاك الآدمي. وصمت المواطن بالرغم من أن الشارع حقه الشرعي والقومي، ولا يصح التصرف في أي شبر منه دون الرجوع إلي السلطات المختصة. ولكن المحليات فاسدة ومتسلطة تستخدم قوتها في البطش بالحق المدني للمواطن المصري. أيضاًً هناك ظاهرة جديدة ألا وهي عدم وجود أماكن خالية في الشارع المكتظ بالعربات والسكان وإن وجدت تلك الأماكن يقف بها بلطجية يحملون دفتراً بختم النسر يدعون أنه من المحافظة، هذا الدفتر يرهبون به من يتجرأ ويضع عربته للانتظار وهو يظن أنه في ملك الشعب والشارع الذي هو حقه الطبيعي حيث لا توجد أي علامة أو إشارة تثبت أن تلك البقعة قد آلت ملكيتها لأحد بعينه ولو أن هذا صحيح فهل من حق أي فرد يملك حفنة أموال أن يشتري الماء والهواء والأسفلت بحجة أن هذه الملكية العامة قد آلت إلي السادة رؤساء الأحياء ومعاونيهم أم أن السادة المحافظين من حقهم بيع وتأجير ما يرونه ملائماً لخزينة المحافظة وسياستها. والأكثر سخرية وألماً أن من يشترون الشارع والرصيف وغيره مجهولو الهوية وهم يتخفون ويحتمون خلف ستار الأمن ويدعون علاقتهم بالشرطة والحي والمحافظة كل هذا والمصري ساكت صامت يتأوه في الصحف ويصرخ في الفضائيات وقد يدردش علي الانترنت أو يفتي في النوادي والقهاوي ولا يجد سبيلاً سوي أنه يرفض أي وجه يخرج عليه من المسئولين ويقاطع ضمناً وعلنا كل شعارات التجديد والإصلاح اللهم إن كان يرغب في منصب أو ترشيح أو تعيين في مجلس محلي أو نيابي أو قيادي.. الشارع المصري بات يتوجع ويتمزق ويتصارع وصغائر الأشياء تتراكم وتكبر لتشكل عائقاً وسداً منيعاً يحجب الرؤية المستقبلية وأي محاولة للإصلاح وللتجديد لن تتم إلا إذا بدأنا من القاعدة المحلية وأثبت من يحملون شعارات جديدة أن الوطن كله من أجل المواطن وأن كل قرار وإصلاح سياسي أو اقتصادي لمصلحة المواطن المصري بحق لا أن أيكون الشعار في واد والقرار الحكومي والضريبي في واد والفتاوي في واد والبلطجية في واد والفساد في كل واد.. والإنسان المصري في بلادي يعاني ويعاني بلا مجيب أو منادي.