النزاع الكولومبي المسلح هو واحد من الموضوعات الأكثر إثارة للجدل في القارة اللاتينية ومن أكثر المسائل المعقدة والمثيرة في أمريكا الجنوبية، فقد تمكنت القوات المسلحة الثورية في كولومبيا أو " فارك " كما يطلق عليها اختصارا وعلي مدي نصف قرن من إثارة القلاقل والرعب داخل كولومبيا وخارجها - سواء عن طريق الهجمات المسلحة أو تجارة المخدرات أو تهريب السلاح أو اختطاف الرهائن وغيرها - في العديد من الأزمات السياسية مع كولومبيا ودول الجوار مما أدي لتحالف واتفاقات أمنية بين الدولة الكولومبية ودول في أوروبا يعمل بها أفراد الفارك لتقديم الدعم المادي للمنظمة في كولومبيا . كتاب " الجحيم الأخضر " للكاتب لويس إلادو بيريز يستعرض حياة الرهائن الذين تختطفهم القوات المسلحة الثورية أو الجيش الثوري الكولومبي لمساومة الدولة وهم رهائن معظمهم سياسيين أبرزهم الرهينة الفرنسية أنجريد بيتانكور المرشحة السابقة للرئاسة في بلادها والتي أمضت ست سنوات وأربعة أشهر وتسعة أيام في قبضة الفارك وأفرج عنها أخيرا قبل عدة أشهر لتخرج إلي العالم وتقود حملة للإفراج عن بقية الرهائن . ومؤلف الكتاب كان أيضا رهينة لدي القوات المسلحة الثورة ويهدف من كتابه إلي إلقاء الضوء علي الحياة القاسية للرهائن في قبضة "الفارك" والمعاناة اليومية التي يتعرضوا لها في ظروف غاية في السوء صحيا ونفسيا مما يتسبب لهم في أضرار جسدية ومعنوية بالغة حتي أنه أكد بأن معظم من هم في قبضة الجيش الثوري من رهائن يفكرون يوميا في الانتحار للخلاص من حياتهم المزرية التي يقضونها في الأسر، والكتاب نفدت منه عشرون ألف نسخة فقط بالولايات المتحدة وفنزويلا والاكوادور وإسبانيا وقد حضرت الرهينة المحررة أنجريد بيتانكور تقديم الكتاب بالعاصمة الإسبانية مدريد لتعلق خلال ندوة علي حياة الرهائن الصعبة لدي "الفارك" وحجم معاناتهم اليومية كما دعت العالم للمساعدة في فك أسرهم . وتجند الفارك حاليا ما يقرب من 12 إلي 18 ألف مقاتل وتشير مصادر منظمات غير حكومية إلي إن 20 إلي 30 في المائة من عناصرها أعمارهم دون 18 سنة وان الحضور النسائي ارتفع منذ الثمانينيات ليتراوح ما بين 30 و40 بالمائة، وتسيطر القوات المسلحة الثورية علي نحو 40 في المائة من الأراضي الكولومبية وتحديدا في منطقة الغابات الجنوبية الشرقية وسهول جبال الانديز وتدعي القوات المسلحة الثورية الدفاع عن المزارعين الفقراء ومعارضة الهيمنة الأمريكية في كولومبيا . وتعتبر المنظمة موارد البلاد الطبيعية مصدرا لتمد هذه الحركة بالتمويل الازم لأنشطتها عبر وسائل متعددة أبرزها احتجاز الرهائن للحصول علي فدية والمساهمة المباشرة وغير المباشرة في عمليات الاتجار في المخدرات .وفي العام 1982 وتحديدا بعد المؤتمر السابع للقوات المسلحة الثورية تحولت المخدرات وأموالها إلي عنصر أساسي في استراتيجية المنظمة لبسط سلطتها ونفوذها في البلاد ويقدر البعض إن المخدرات تدر علي هذه المنظمة ما لا يقل عن 300 مليون دولار سنويا.