شهدت الفترة القليلة الماضية نشاطاً مصرياً متعدداً وعلي مختلف المسارات تجاه إفريقيا شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً وعلي مستويات وقطاعات سياسية مختلفة.. من هنا كانت أهمية الحوار مع السفيرة مني عمر مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية لاستيضاح العديد من الأمور. رأيك في القول بأن الدور المصري فقد بوصلته في أفريقيا منذ الستينيات؟ - غير صحيح علي الاطلاق، لأن عملنا في القارة الأفريقية يتم وفق أولويات محددة واضحة وفي الستينيات وعقب الثورة المصرية كان هذا العمل يرتكز علي دعم حركات التحرر في البلاد الأفريقية ومساعدة الأخيرة علي تحقيق الاستقلال التام في إطار أن عمليات الاستقلال والتحرر من الاستعمار وقتها كانت تلقي رواجاً إعلامياً كبيراً ولكن بعد حصول معظم الدول الأفريقية علي استقلالها كان من الضروري أن يتغير الدور المصري من مرحلة دعم التحرير إلي التنوير ودعم التنمية في هذه الدول وهذا من منطلق انتمائنا الأفريقي كما أنه من مصلحة مصر إحداث تنمية في هذه الدول حتي يمكنها التفاعل معها مما يحدث رواجاً للمنتجات المصرية في جميع الأسواق الأفريقية. ووفقاً لاحتياجات كل بلد فإننا نوجه خبراءنا لمساعدة هذا البلد في المجالات الاقتصادية والعلوم والتكنولوجيا ومن هنا بدأنا نركز علي إرسال العقول المصرية والعمل بجامعات وكليات مصرية بهذه الدول، كما أننا في نفس الوقت نستقبل المواطنين الأفارقة للحصول علي دورات تدريبية في مجالات متعددة من خلال الصندوق المصري الذي أنشئ في الثمانينيات. وهل هناك منهج منظم في التحرك؟ - دائماً كان عندنا دوائر في إفريقيا ودائماً كانت دول حوض النيل لها الأولوية بالنسبة للتحركات المصرية الأفريقية فلو نظرنا إلي عمل الصندوق المصري للتعاون الفني سنجد أن 40٪ من موارده موجهة إلي دول حوض النيل وهذا يؤكد أنها في أولوياتنا وأيضاً تظل الدول الأخري في دائرة الاهتمامات المصرية. تعمدت في تصريحاتك الأخيرة التقليل من التواجد الإسرائيلي في القارة وعدم تأثيره علي مصالحنا.. هل هو استخفاف بالتواجد الإسرائيلي؟ وهل حقاً لا توجد أي خطورة منه؟ - لم أقل هذا.. ومجمل ما قلته أنه لو كانت هناك مساحة فارغة في أي مكان فالطبيعي أن دولاً أخري سيزيد نفوذها في هذه الدول وبالتالي سيقل نفوذ الدول الأخري وبالتأكيد إسرائيل مثل غيرها من الدول تسعي لتحقيق مصالحها فقط لا أكثر ولا أقل ولا نريد أن تعطي لهذه الدولة أكبر من حجمها وأكرر أن حجم الدور المصري في أفريقيا أكبر بكثير سواء من حيث التواجد الفعلي عن طريق المصريين العاملين هناك أو من حيث قبول هذه الدول للدور المصري هناك والجميع يعلن أن أكثر من 30 دولة أفريقية قطعت علاقاتها بإسرائيل عام 1973 أثناء حربها مع مصر. لكن العالم يتغير ومعه قد تتغير المواقف؟ - نعم العالم تغير لكن معظم الدول الأفريقية.. عانت من الظلم والاستعمار ولذلك فهي تشعر بمعاناة الفلسطينيين وهناك إجماع علي أن فلسطين دولة مغتصبة والاتحاد الأفريقي يصدر قراراً قوياً في جميع دوراته لمساندة الشعب الفلسطيني وبالتالي فالقناعه الأفريقية أن إسرائيل دولة تغتصب شعب وأرض فلسطين وليست دولة عادية.. لكن هذا لا ينفي أنه في حالة ما إذا كانت إسرائيل ستحقق أي مصلحة لهذه الدول فإنها لن تتراجع عن الحصول علي هذه المصلحة والإغراءات في هذا الشأن كثيرة وموجودة بالفعل. النشاط المصري المكثف الآن باتجاه إفريقيا هل يمكن اعتباره استراتيجية مصرية جديدة في التعاطي مع إفريقيا؟ - الاستراتيجية المصرية قائمة وهناك تركيز إعلامي أكثر علي النشاط المصري في إفريقيا المتمثل في الجولات الدائمة في جميع أرجاء القارة وعلي المستوي الشخصي فقد قاربت علي الانتهاء من زيارة جميع الدول الإفريقية ولم تكن هذه الزيارات مرتبطة بموضوع مياه النيل أو تحرك جهات أخري فكما أردد دائماً فالسياسة المصرية ليست رد فعل لأي حدث، البعض ظن أن التحركات المصرية وليدة وذلك بسبب تسليط الضوء الإعلامي نحو الدور المصري في إفريقيا عقب الخلاف الحواري الذي تم نقله عن اتفاق دول حوض النيل وهذا الظن خطأ لأننا نعمل منذ زمن بعيد وقبل حدوث مشكلة الاتفاق الإطاري كان هناك أكثر من اجتماع مصري إفريقي بحضور رجال أعمال مصريين وجاري حالياً تكوين شركة مصرية أفريقية تشمل كل التخصصات وهناك توجيه دائم لسفاراتنا في إفريقيا للقيام بالدور الذي تقوم به المكاتب التجارية لموافاتنا بالعروض والمناقصات المطروحة في هذه الدول لتوزيعها علي كل الشركات المصرية وهناك دور آخر تقوم به مصر في إفريقيا وهو الدور الثقافي إلا أننا في حاجة إلي تنمية هذا الدور. وماذا عن زيارة رئيس الوزراء المصري لإثيوبيا؟ - زيارة رئيس الوزراء والوفد المرافق له لإثيوبيا ستكون في 22 و23 من الشهر الجاري تسبقها زيارة تحضيرية تقوم بها وزيرة التعاون الدولي يوم 19 وهذه الزيارة يمكن إطلاق عليها اسم زيارة طرق الأبواب وسيضم الوفد المرافق لرئيس الوزراء مجموعة كبيرة من رجال الأعمال قد يصل عددهم إلي 40 رجل أعمال. هل انتهت سحابة الصيف أو الزوبعة بين مصر ودول الحوض؟ - لم تكن هناك أي زوبعة بين مصر ودول حوض النيل والتصور الصحيح أن هناك مفاوضات تجري واتفاق إطاري ثم الاتفاق علي 35 بنداً من بنوده وتبقي 3 بنود مازلنا نتفاوض عليها لأن هناك مصالح متضاربة بين الجانبين وهو ما يحدث في أي مفاوضات بين الدول المشتركة في أحواض الأنهار في العالم وقد تأخذ هذه المفاوضات عشر سنوات للاتفاق علي صيغة الاتفاق النهائي كما حدث في الاتفاق المبرم بين كندا وأمريكا الجنوبية والولايات المتحدة. العلاقة بين مصر ودول الحوض لم تتأثر بالخلاف الحواري بدليل أنه في مؤتمر الإسكندرية الأخيرة وفي ظل رفض الجانب التنزاني لبعض المقترحات المصرية وعدم التوصل إلي اتفاق وافق وزير الري المصري علي طلب الجانب التنزاني بالمساعدة في عدة مشروعات بتنزانيا.