في كتاب "شفرة زيدان" ينفي عادل جرجس ما جاء في رواية "عزازيل" من أن المسيحيين شوّهوا المعابد الوثنية وحوّلوها إلي كنائس، بل يري أن تلك المعابد خلت تلقائيا من رهبانها وكهنتها بعد انتشار المسيحية في مصر، ولم يطردهم المسيحيون علي حد زعم زيدان، وينتهي إلي نتيجة أن مؤلف "عزازيل" حاول لي بل كسر ذراع الحقيقة، عندما ناقش الصراع بين الوثنية والمسيحية، المقحم علي تاريخ الكنيسة، وأخيرا يصل جرجس إلي أن رواية "عزازيل" "تزوير في تزوير وتلفيق في تلفيق"، وأن كل ما تخيله زيدان في هذه الرواية هو ما تربو إليه نفسه وتتمناه، أي أنه كتبها لأغراض شخصية. يتعرض جرجس في كتابه أيضا إلي ما أسماه الحالة الإبداعية ليوسف زيدان، فهو يري أن مؤلف "عزازيل" ليس بالقصاص والروائي، فما زال يغلب عليه طابع "الهواة"، يستعرض كل المهارات الروائية سواء كان لها ضرورة بنائية أم لا، وأنه افتقد للصدق والتواصل مع قارئه لاختياره تيمة روائية بعيدة عن معاناته وصراعاته الفكرية، التي هي شرط للإبداع من وجهة نظر جرجس. كما ينتقد بناء الرواية ويصفها بالمملة والرتيبة والأوقح، وأنها مؤامرة فكرية وإرهابا فكريا و"بلطجة ثقافية"، وتعاني من اضطراب درامي، وأنها مجرد مجموعة من المقالات أو الاسكتشات الأدبية الضعيفة، وتحوي أفكارا مشوشة صيغت بأسلوب ركيك. يلمح جرجس إلي ديانة مؤلف الرواية في مواضع عدة متفرقة في كتاب "شفرة زيدان"، بل يلجأ بوضوح إلي التصريح حين يقول أن موضوع الرواية وإن كان المناداة بحرية الإنسان من أي قيود -دينية وأخلاقية- كان من الممكن تصديقه والموافقة عليه إذا صدر عن مؤلف مسيحي، لأنه قد نتج عن معاناة المؤلف مع العقيدة المسيحية مثلا، لكن كون مؤلف الرواية لا يدين بالمسيحية، تصبح لهذه المشكلة التي يطرحها -إن صحّت- غير ذات قيمة أو لا وجود لها، وما يعزز تدليس يوسف زيدان حسب رؤية جرجس، هو أننا لا نجد في الرواية أية إشارة أو إيماءة نستدل بها علي قناعات المؤلف الدينية! وفي النهاية يري جرجس أن زيدان يقدم لنا في روايته منظومة عدائية لكل ما هو ديني وأخلاقي. ويري جرجس أن "عزازيل" تمتلئ بعبارات وجمل تتهكم علي الله عز وجل وتسخر منه، يتضح منها عداوة المؤلف مع الذات العليا رأسا ومن ذلك مقولة: "تري هل يحلم الرب؟ من يدري فقد يكون هذا الكون بكل ما فيه حلم واحد من أحلامه"، ويستنتج في النهاية أن زيدان ينادي في روايته بفكر فوضوي همجي مدمر يرفض وجود الله وينادي بالشيوعية الجنسية، ويذهب إلي أبعد من ذلك بأن رواية "عزازيل" خطر علي الأمن القومي. يتهم المؤلف الدكتور زيدان بمغازلة الصهيونية عندما أثار في روايته من أن اليهودية هي أصل الديانة وأن المسيحيين أتوا ب"هولوكوست جديدة" عندما هدّموا المعابد وحوّلوا بعضها إلي كنائس بعد أن طردوا الكهنة وأحرقوهم. لكنه يتراجع في خاتمة الكتاب بتوضيح أنه لا يستطيع الجزم باحتواء الرواية علي دعوة صريحة للتطبيع مع إسرائيل، لكن علي الأقل هناك تعاطف من قبل مؤلف "عزازيل" مع تلك الدعوة إلي حد كبير، ويتضح ذلك كما يقول جرجس من تهكم زيدان علي بعض مواقف الكنيسة المعاصرة بهذا الشأن، ويتساءل مؤلف "شفرة زيدان": لماذا ذهب زيدان ببطل روايته هيبا إلي أورشليم؟ ولماذا وصف لنا جو الحجيج إلي كنيسة القيامة؟ ولماذا أسهب في الوصف في كل ما هو في أورشليم وكأنها الجنة الموعودة؟ ولماذا رأي المؤلف كل شيء جميلاً في القدس، ولم يذكر شيئا عن بحر البقر وصبرا وشاتيلا ودير ياسين؟