كنا نظن أن الجامعة ستكون هادئة في اليوم الأول للدراسة هذا العام.. وكان كثيرون منا يعتقدون أن الخوف من انتشار فيروس انفلونزا الخنازير سيجعل من هذا الفصل الدراسي فصلا ساكنا لا حراك فيه وأن أعداد الطلاب وكثافتهم في التواجد بالجامعة ستقل كثيرا مع العمل بالنظام الجديد وهو تواجد طلاب فرقتين فقط من طلاب بعض الكليات في اليوم الواحد.. ولكن ما حدث علي أرض الواقع جاء مغايرا للتوقعات تماما.. فقد أقبل الطلاب من جميع الفرق في كل كليات الجامعة بصورة مبالغ فيها علي الحضور إلي الجامعة.. وليس بالضبط حضور المحاضرات، بل التواجد في الحرم الجامعي والتواصل مع بعضهم البعض والتحيات المعتادة والوقفات الطويلة.. ولم تظهر الأقنعة إلا في عدد محدود جدا جدا من (الطالبات) فقط.. وإن كان عدد ليس بقليل قد وضعوا المناديل الورقية أو المعطرة علي أفواههم.. وهذا هو كل الاختلاف بين الأعوام الدراسية الماضية وهذا العام الدراسي الجديد!! وبدأ كثيرون يتساءلون حول أسباب إقبال الطلاب علي المجيء إلي الجامعة في ظل ظروف غير عادية ادعي فيها البعض بأن الذعر قد أصاب الناس ونال من الجميع.. ومما يثير التساؤل أيضا أن إقبال الطلاب علي المجيء إلي الجامعة ليس مقرونا بحب العلم أو الالتزام إذ إن كثيرين منهم لم يحضر محاضرات هذا اليوم الأول.. وتباينت الاجابات تباينا كبيرا.. فقال قائل إن هؤلاء الطلاب إنما أتوا إلي الجامعة ليعلنوا حالة التمرد علي الفيروس.. ولأنهم يودون أن يعبروا عن عدم اهتمامهم بالتحذيرات وإصرارهم علي تحدي أي شكل من أشكال التقاليد المجتمعية حتي ولو كان حفاظا علي الصحة.. ولكن آخرون يعتقدون بأن الطلاب قد اعتادوا جميعا الحضور للجامعة في أول يوم في العام الدراسي ليتقابلوا مع أصدقائهم ويهنئوا بعضهم بعضا بالعودة إلي الجامعة إذ إنها بالنسبة لهم مناسبة اجتماعية لاستعادة العلاقات التي غالبا ما تتوقف في الإجازة الصيفية.. ويقول من يعتقد بهذا الاعتقاد إن هؤلاء الشباب لا يبالون كثيرا بانتقال العدوي أو يعتقدون أنهم فوق ذلك الاحتمال لحداثة أعمارهم.. يبقي أن ننتبه إلي أن أول أيام الجامعة ليس مقياسا.. فقد أتي هؤلاء الطلاب ووقفوا وجلسوا خارج قاعات المحاضرات، وقليلون هم الذين حضروا محاضراتهم داخل القاعات.. ومن المعروف أن التواجد خارج الأماكن المغلقة لا توجد فيه خطورة كبيرة بشرط عدم التزاحم.. لكن ماذا سيحدث إذا قرر هؤلاء الطلاب أن يذهبوا للجامعة دون حضور فعلي للمحاضرات؟ هل سيكون من حق الجامعة أن تتخذ إجراءات ضد هؤلاء الطلاب حتي لا يتجمعون خارج قاعات الدرس؟ وهل سيكون هناك دور لأمن الجامعة في الحد من تلك التجمعات وحث الطلاب علي حضور المحاضرات أو الانصراف خارج الجامعة؟ أم أننا بعد كل هذه الإجراءات والجداول الجديدة ومحاولات التقليل من أعداد الطلاب داخل المدرجات سنواجه خطر انتقال الفيروس في أماكن التجمعات الاجتماعية بالجامعة؟