(واقع المسرح في مصر الآن) هو عنوان الملف الذي أعدته مجلة (ضاد) في عدد شتاء 2009 والتي يصدرها اتحاد الكتاب.. ويرصد الملف أهم الظواهر والوقائع التي تحكم حركة المسرح العربي في مصر الآن في ظل التحديات التي تشهدها الحياة الثقافية بشكل عام والهوية العربية بشكل خاص. كما يقدم الملف عددا من الشهادات لبعض من النقاد المتميزين وتحت عنوان (نحو استراتيجية للمسرح المصري) كتب الناقد محمد أبو العلا السلاموني: إن نظرة متأملة الي ما آل اليه حال المسرح الآن سوف يشعرنا بالأسي والاسف فهل من المعقول ونحن الآن في عز الموسم المسرحي الذي طالما كان يبدأ في شهر أكتوبر من كل عام وتضاء فيه خشبات المسرح في كل الانحاء أن نجد أضواء هذه المسارح غارقة في الظلمة ولا تفتح أبوابها ولا تدق دقاتها ولا تجلجل أصوات فنانيها كما كانت دائما منذ بداية القرن الماضي وحتي نهايته ما بين مسرح غنائي ودرامي وكوميدي استعراضي.. ماذا حدث للمسرح المصري حتي وصل إلي ما هو عليه الآن؟ مسارح تحرق ومسارح تغلق ومسارح تهدم ومسارح تختفي، والغريب ان أحدا لا يتحرك بحجة ان الأمر خرج من أيديهم الي أيدي من لا يرحم ولا يهتم، فهي إما بأيدي أجهزة تدعي الاصلاح والترميم أو بأيدي أجهزة الحماية والتأمين ضد الحرائق، أو بأيدي أجهزة بيروقراطية لا يعنيها أمر المسرح في شيء، وليس لها من مراجع او محاسب او معقب أو معاقب.. وهكذا تفرق دم المسرح بين الاجهزة وصار مثل قضية قيدت ضد مجهول والحقيقة ان الجاني حقا في تلك القضية ليس تلك الاجهزة بل هو قبولنا نحن لهذا الوضع المشين والمهين واستسلامنا وخضوعنا له نحن المسرحيين لما وصل اليه من نتائج سلبية واصبحنا ننظر الي المسرح باعتباره حالة ميئوسا منها. ان مسلسل اغلاق المسارح بدأ باحتراق مسرح الاوبرا الخديوية ليصبح مجرد جراج كئيب للسيارات وليشوه أجمل بقعة تاريخية في القاهرة ثم اختفاء مسرح الحكيم، وهو المسرح الوحيد الباقي في عماد الدين بشارع المسارح وبعدها تم هدم وتخريب مسرح السامر الذي كان متنفسا للفرق الاقليمية وبوتقة للتراث والمسرح الشعبي، ثم اغلاق مسرح الهناجر ومسرح أكاديمية الفنون ومسرح سيد درويش بالهرم والآن يتم اغلاق مسرح الطليعة ومسرح السلام بحجة الاصلاح والترميم، وكذلك مسرح البالون والمسرح القومي الذي ما ان يخرج من محنة حتي يدخل في محنة اخري آخرها الحريق الذي حدث نتيجة الاهمال والتسيب فضلا عن اغلاق جميع مسارح وفرق القطاع الخاص التي لم يبق منها سوي مسرح الزعيم ومسرح الفن (الذي يعاني التهديد بالغلق والزوال) بالاضافة الي اغلاق مسرح التلفزيون (مسرح يوسف السباعي) ويتساءل السلاموني: اذا كانت كارثة حريق بني سويف هي المبرر وراء اغلاق المسارح بحجة تحقيق ضمان وسائل الامان فلماذا لم يتم هذا الامر وقد مضي علي الكارثة عدة سنوات؟