كتبت قبل ذلك عن (الصحافة السوداء)، وهو مصطلح جديد.. أملك حقوق ملكيته الفكرية في وصف الجرائد والمجلات التي تسهم في زيادة الاحتقان وتدعم مناخ التوتر الطائفي وتأججه بدون أي التزام وطني أو أخلاقي تجاه تلك التصرفات غير المنضبطة أو غير المسئولة. لقد أصبحت (الصحافة السوداء) هي واحدة من أهم أسباب صناعة التوتر الطائفي في المجتمع المصري، بل وأصبحت أهم وسيلة للتشكيك الوطني من خلال استخدام قاموس المؤامرة بما يحمله من مفردات العمالة والتخوين لكل من لا يندرج في معسكرهم الوهمي الذي يفترضون فيه أنه يمثل المعارضة الحقيقية للنظام المصري. لا أستطيع أن أتفهم منطق تلك (الصحف السوداء) في نشر وتخصيص مساحات صحفية ضخمة لقصص وحكايات غير حقيقية و(مفبركة) بدرجة تصل إلي حد التدليس والتزييف سوي المتاجرة والاسترزاق علي حساب المجتمع وأمن مواطنيه.. فالكثير والكثير مما ينشر فيها ملفق ولا يستند إلي واقع. الطريف في الأمر.. أن بعض تلك (الصحف السوداء) قد حاولت أن تقوم بتقليد جريدة "روز اليوسف" التي كان لها السبق في اتخاذ خطوات عملية في ترجمة مفهوم المواطنة بتخصيصها صفحة باسم (قساوسة ورهبان) أسبوعياً لنشر أخبار رجال الكنيسة وقيادتها بدون مناقشة العقائد واختلافاتها، ومن خلال عمل توازن صحفي بين الطوائف المسيحية في مصر. ولم تفهم تلك (الصحف السوداء) أن (تقليد) جريدة "روز اليوسف" بهذا الشكل الأعمي لا يعني أنها قد أصبحت علي غرار "روز اليوسف" مع المواطنة. ولا يعني السبق الصحفي بأي حال من الأحوال أن تقوم تلك (الصحف السوداء) بتوجيه القارئ إلي المناطق المحرمة من خلال تحليل يعتمد في أساسه علي مغالطات وافتراضات وهمية. وذلك لأن النتيجة النهائية ستكون دعوة للتحريض ضد الاستقرار الوطني للمجتمع المصري. أؤكد علي أن ما سبق؛ لا يعني.. تجاهل أو نفي واقع التوترات الطائفية في المجتمع المصري أو اعتماد منطق حرية الفكر والتعبير لأبعد مدي ممكن؛ غير أنني في الوقت نفسه أرفض تضخيم الأحداث وترويج الشائعات.. خاصة الفردية منها.. لتصويرها بشكل جمعي، كما أرفض أيضاً التهوين المخل من بعض المشكلات. أؤكد أيضاً علي أن (ناقل الطائفية.. هو في حد ذاته طائفي بغيض) كما أعتقد. وهو ما تعبر عنه مأساة الصحافة المصرية الآن.. فلقد أصبحت الجرائد والمجلات بالعشرات يومياً وأسبوعياً وشهرياً.. غير أن الجيد منها الذي يستحق القراءة لا يتعدي بأي حال من الأحوال أصابع اليد الواحدة. هذا المقال هو البداية لرصد أي تجاوز من تلك النوعية من (الصحافة السوداء)، وهو رصد باسم الجريدة وتاريخها.. لكي يكون الكلام محدداً وواضحاً بدون تعميم مخل بالشكل والمضمون.. ليس لشيء سوي لخطورة تلك الصحافة علي مستقبل هذا الوطن. و(اللي علي راسه بطحة...!!!) وكل عيد والمصريون كلهم بخير وسعادة.