اشعر بارتياح واطمئنان حين يظهر الرئيس مبارك في وسائل الإعلام ليحدد التوجه العام للدولة في القضايا التي تهم الناس، أعتقد أن غالبية المواطنين يشاركونني نفس الشعور بالارتياح نظرا لما يتمتع به الرئيس من مصداقية، لم يحظ بها غيره من رموز الحكم والحكومة مع احترامنا للجهود التي يبذلها الجميع في خدمة البلد. مما أعرفه ويعرفه غيري كثيرون أن مصداقية الرئيس هي الوحيدة، ولا تزال، المعتمدة لدي الناس، فالرئيس كثيرا ما يتدخل لدي الرأي العام لشرح سياسة أو مشروع قانون يواجه معارضة علي أساس معلومات أو دعاية غير صحيحة تسبب ارتباكا لدي الرأي العام. أزعم أن تدخل الرئيس يكون الاختيار الوحيد الممكن لتوجيه الرأي العام نحو الرؤية الصائبة من خلال تعليقاته البسيطة علي الموضوعات المطروحة للجدل لدي الرأي العام، وأحيانا أخري يوجه السلطة المختصة إلي تغيير أو تعديل ما لا يتوافق مع الرأي العام مادام لا يسبب ضررا لمصلحة عامة. هذا الوضع الخاص الذي يتميز به الرئيس لدي المواطنين له أسبابه بالطبع وهي أسباب تتعلق بتراكم الخبرة لدي الجمهور، وأخري تتعلق بالولاء والشرعية. من المواقف التي ارتاح المواطنون لتدخل الرئيس فيها مؤخرا ما حدث في الأسبوع الماضي حين دعا الرئيس إلي اجتماع وزاري تم عرض جانب منه في التليفزيون بغرض ايضاح موقف الدولة حيال الانتشار السريع لأنفلونزا الخنازير في مصر بمناسبة اقتراب فصلي الخريف والشتاء مع دخول الموسم الدراسي السنوي الذي يبدأ عقب إجازة عيد الفطر المبارك بإذن الله. كان جدل قد ثار بسبب الإعلان عن بدء الدراسة في المدارس والجامعات في موعدها واستبعاد فكرة تأجيلها بعض الوقت خشية أن تؤدي التجمعات الطلابية إلي سرعة تفشي الوباء، وتساءل بعض الناس هل بدء الدراسة أهم من صحة المواطنين؟ الحقيقة أنني لاحظت قلقا مكتوما في محيط كبير للمعارف والأصحاب والأصدقاء من طريقة تناول هذا الموضوع قبل الاجتماع الذي دعا إليه الرئيس وأصدر فيه توجيهاته باتخاذ أقصي إجراءات الوقاية من تفشي الوباء في حالة حدوث انتشار سريع لمرض أنفلونزا الخنازير، حتي وأن تطلب ذلك تأجيل العملية التعليمية. الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة صرح عقب الاجتماع بأن لجنة المتابعة الوزارية عرضت الموقف بالكامل علي الرئيس، والإجراءات الاحترازية التي اتخذت، خاصة في ضوء متطلبات العملية التعليمية بالمدارس والجامعات، وهي مناطق ازدحام في الفصول والمدرجات مما يهيئ بيئة مواتية لانتشار العدوي في حالة وقوع إصابة بالمرض لأحد الأفراد بتلك التجمعات. أكد الجبلي أيضا أن الموقف في مصر لا يزال في إطار آمن، إلا أنه لا يمكن التنبؤ بما سيحدث غدا أو خلال عشرة أيام ولذلك لدينا خطط طوارئ تغطي مختلف الظروف. الاجتماع الوزاري الذي رأسه الرئيس نقل المشكلة نقلة كبيرة لتدخل في دائرة اهتمام المواطن العادي الذي بدأ يستشعر أن الموضوع جدي للغاية وأن عليه دورا يؤديه لحماية نفسه وأسرته وكل من يحيطون به من الإصابة بالعدوي عن طريق الالتزام بالنظافة الشخصية وعدم الاصرار علي الانخراط في الزحام. تحقق هذا الاهتمام بعد المعلومات التي قالها الوزراء المعنيون أمام الرئيس وتلخص الإجراءات الوقائية التي استعدت بها الحكومة لمواجهة الموقف في حالة التأزم، والحيلولة دون الوصول إلي تلك الحالة الحرجة ما أمكن ذلك، وتوفير الدواء للمصابين والمصل الواقي من المرض في حالة اجازته دوليا. هذه المعلومات وفرت حالة من الاهتمام المطلوب من جانب الجمهور دون أن تسبب ارتباكا أو ازعاجا في الشارع، وما أنا مقتنع به أن الإعلان عن الاستعدادات الوقائية والخطوات الاحترازية ومحاولة تنبيه الناس إلي حساسية الموقف لو تم بأي طريقة أخري ودون حضور الرئيس لكان رد فعل الشارع مختلفا ولساد جو من عدم المبالاة والارتباك بين من يصدق ومن لا يصدق. تراكم الخبرة لدي الناس ومعرفتهم بالرئيس طوال الفترة الماضية خلق ثقة راسخة لدي العامة بأن الرئيس حريص علي مصالحهم وأنه لن يسمح أبدا بالاضرار بتلك المصالح مهما كانت الظروف الضاغطة وفي أي اتجاه، بمرور الوقت ثبتت تلك العلاقة وصمدت أمام كل المحاولات لفك ارتباط الرئيس بالشعب. لم تنجح محاولات بعض الذين يبحثون عن أدوار في التأثير علي تلك العلاقة بين الرئيس وبين الشعب خلال حملات تكررت في السنوات الأخيرة مستفيدة من المناخ الديمقراطي الذي أقره الرئيس بنفسه وسمح له بالنمو والانتشار أملا في أن يساعد المناخ المنفتح إعلاميا وسياسيا علي بناء رأي عام مستنير وقوي يستطيع التمييز بين البرامج السياسية ويفرز الجادين من المتلاعبين بمصالحه. الشعب يدرك بالفطرة قوة الولاء المطلق للوطن لدي الرئيس من خلال تاريخه العسكري قبل أن يصبح رئيسا ومن ممارساته السياسية بعد أن تولي سدة الحكم في البلاد ولا تزال سياساته وقراراته تنطلق من قاعدة الولاء المطلق للوطن دون التفات لمصلحة أو انحياز لقوي سياسية داخلية أو تماش مع ضغوط خارجية. احترام الرئيس للشرعية لا يقل عن تقديسه للولاء المطلق للوطن فلم يسجل خلال فترة حكمه أي اختراق للشرعية الدستورية أو القانونية بل إنه لا يلجأ إلي استخدام سلطات الرئيس الدستورية إلا إذا تعرض الوطن لأي خطر كان. حرص الرئيس علي أمن البلد، واستقراره، والانحياز لمصالح الأغلبية العظمي للشعب، يشكل التعويذة السحرية التي تحافظ علي الثقة المتبادلة بين الرئيس وبين الشعب وتحميها، تشيع الاطمئنان بين الناس حين يتصدي الرئيس لأي موضوعات مثيرة فيقبل الناس توجيهاته لأنهم متأكدون أنه لا، ولم، ولن يسلم البلد أبدا إلي فوضي من أي نوع.