إن فاتك الميري اتمرمغ في ترابه.. مقولة شهيرة ولكنها للأسف أصبحت لا تنطبق الآن علي شباب الأطباء في مصر، حيث أصبح أغلبهم يهرب من التكليف الحكومي والوظيفة الحكومية حتي وصل عددهم إلي أكثر من 11 ألفا خلال السنوات العشر الماضية في محافظة القاهرة فقط. تشير أرقام وزارة الصحة إلي أن الأطباء البشريين الذين قدموا استقالات لإلغاء تكليفهم وصل عددهم في آخر 01 سنوات إلي 01011 أطباء في محافظة القاهرة بمديرياتها المختلفة، ففي عام 0002 كان عدد المستقيلين 563 طبيبا زاد في عام 1002 إلي 084، ووصل إلي 075 في 2002، وبلغ 046 طبيبا في عام 3002، وبدءا من عام 4002 بدأ العدد يزداد بصورة لافتة للنظر حتي وصل إلي 027، واستمر في الزيادة عام 5002 حتي وصل إلي 018، وكذلك في عام 6002 وصل إلي 089، ووصل في 7002 إلي 8231، وفي العام الماضي 3162، أما هذا العام فقد استقال 4052 أطباء حتي 52 أغسطس السابق، ومن المتوقع زيادة هذا العدد حتي نهاية العام. وبلا شك فإن هذه الأرقام تدل علي مشكلة كبيرة لدي هؤلاء الأطباء الشبان والتي تدفعهم للاستقالة وترك الوظيفة مما أصبح يمثل ظاهرة تحتاج إلي فتح ملفها ومناقشتها، وتتمثل أسبابها في أن الراتب الذي يحصل عليه الطبيب المكلف لا يتجاوز 051 جنيها وهو رقم لا يمكن تصوره بالتأكيد في هذا العصر. وبالإضافة إلي ذلك فإن توزيع تكليف الأطباء علي المحافظات المختلفة لا يتم وفقا للمجموع ومحل الإقامة والحالة الصحية والاجتماعية استنادا إلي القانون رقم 92 لسنة 4791 والذي ينظم تكليف الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان وهيئات التمريض والفنيين الصحيين والفئات الطبية الفنية المساعدة حيث أصبح التلكيف حاليا يتم عن طريق نظام جديد هو نظام الحاسب الآلي بجامعة القاهرة، وتتم عملية التوزيع بطريقة آلية بحتة حسب الرغبات والمجموع مثل تنسيق الثانوية العامة دون مراعاة للظروف الصحية أو السكنية، مما يتسبب في حدوث خلل في التوزيع الجغرافي، فضلا عن التلاعب واستغلال النفوذ لكي ينتقل كل طبيب إلي محافظته أو قريته التي يقيم فيها. وهناك بعد آخر لأخطاء قانون التكليف وهو عدم السماح للطبيب المكلف بتحضير دراسات عليا إلا بعد الحصول علي النيابة والتي قد يحصل عليها بعد عام أو عامين أو ثلاثة، لذلك يقدم الطبيب استقالته لإلغاء التكليف، ثم يأخذ شهادة إلغاء التكليف ويتقدم بها للالتحاق بالدراسات العليا، وبعد يوم أو يومين يقوم الطبيب المستقيل بعمل إعادة تكليف من جديد وهو جائز قانونيا أن يلغي التكليف ثم يعيده مرة أخري. باختصار نحن في حاجة إلي إعادة النظر في تكليف الأطباء بالشكل الذي يحقق آدميتهم واستقرارهم ضمانا لتقديم خدمة طبية متميزة لجميع المرضي في جميع المحافظات.