بعد رحلة هروب طويلة عادت السيدة هدي عبدالمنعم إلي مصر وسوف تكشف الأيام المقبلة عن المصير الذي ستئول إليه ولابد أننا سنعرف الجزاء الذي سينالها فالذين يعبثون باقتصاديات الوطن لا ينبغي لهم أن يفلتوا بما ارتكبوا من مخالفات وتجاوزات. قبل ربع قرن علي وجه التقريب نشر صنع الله إبراهيم روايته "ذات" وفيها اشارات متنوعة عن أهم موضوعات الساعة وفي هذا السياق يبدو اهتمامه مبررا بقصة السيدة هدي وهو ما نتوقف عنده في السطور التالية. - المرأة الفولاذية الظهور الأول لاسم هدي عبدالمنعم في رواية "ذات" يرتبط بموضوع إعلاني فج يحمل عنوانا مثيراً جذاباً: وجها لوجه مع سيدة هيديكو المرأة الفولاذية! في متن الإعلان تستعرض السيدة هدي بعض ملامح تاريخها الحافل وصولا إلي الحاضر المزدهر حيث تتفاني في العمل من أجل مصر: "في البداية نسأل السيدة هدي عبدالمنعم: في بريطانيا يطلقون علي مرجريت تاتشر اسم المرأة الحديدية وفي مصر لماذا يسمونك بالمرأة الفولاذية؟". تقول المرأة الفولاذية: حكاية طويلة أو تاريخ طويل بداية لا أطيل عليك لكن أقدمه بإيجاز بسيط فقد نشأت علي طاعة أبي الذي كان يضع إيمانه بالله في حبه للعمل وتقديسه له.. وفجأة سقط الأب ورحل عن عالم الدنيا إلي الآخرة بسبب العمل المتواصل ووجدت قدري أن أتحمل عبء إدارة مشروعات كبيرة في شمال أفريقيا وعدد من دول الخليج العربي وفوق كل ذلك لم ننس مصر كانت في بالنا وقلبنا وخيالنا ولم تنقطع وبعد مرور سنوات بدأت مصر تدخل أزمة اقتصادية جعلتنا نعيد حساباتنا في الخارج ونعود بكل أموالنا وخبراتنا الطويلة للمشاركة في حل الأزمة لأننا لا نعلو إلا بفضل مصر! "44" لأن الألقاب في مصر زهيدة الثمن وربما بلا ثمن علي الإطلاق فقد منحت هدي عبدالمنعم لنفسها لقبا رنانا يطلق علي السياسية البريطانية الخطيرة مارجريت تاتشر! حكايتها "التاريخية" ذات الأسلوب الإنشائي الركيك تشبه بدايات الأفلام المصرية الميلو درامية التقليدية الأب المؤمن والابنة المطيعة والموت المفاجئ نتيجة الإفراط في العمل! قدر المرأة الفولاذية الخارقة أن تتحمل عبئا لا نعرف شيئاً عن تفاصيلة لكنه عبء لا يلهيها عن حب مصر ساكنة البال والقلب والخيال! وعندما تشتد الأزمة في الوطن الحبيب تهبط المرأة المنقذة كأنها الرحمة المهداة من السماء لتشارك بعملها المجهول في العلاج الناجح للأزمة المستعصية! لا يتوقف سيل الإعلانات والتصريحات الدعائية الفجة لهدي عبدالمنعم فها هو خبر جديد تشيد فيه بسياسة الدولة في تشجيع الاستثمار ودعم المستثمرين: المرأة الفولاذية نجاحي بمصر في فترة وجيزة جاء بفضل الدولة حيث إنها تعفي جميع المستثمرين من الضرائب لمدة من خمس إلي عشر سنوات "45" - كشف المستور وسرعان ما ينكشف المستور وتظهر حقيقة المرأة ذات التاريخ العائلي الحافل والحاضر الملئ بالعطاء وحب الوطن المأزوم النيابة تتهم المرأة الفولاذية بأنها جمعت في سبع سنوات سبعين مليونا من الجنيهات واقترضت أربعين أخري من البنوك وأعلنت عن مشروعات فوق أراض لا تمتلكها واستخدمت تراخيص بناء مزورة! "46" عملية نصب معقدة متقنة تشمل الأفراد والبنوك وأساليب مريبة مشبوهة في الاغتصاب والتزوير واعتماد محسوب علي حملات إعلانية مكثفة لإخفاء روائح الفساد والنهب النهاية المنطقية في النيابة والاتهامات الموجهة إليها كفيلة بأن تقودها إلي سجن طويل ممتد لكن طبيعة العصر تتعارض مع هذه النهاية المنطقية وأخلاقيات المرحلة تأبي أن تتسع السجون لمثيلات السيدة هدي عبدالمنعم ثمة خبر صغير تنشره الصحف ويقدم نهاية أخري إختفاء المرأة الفولاذية بعد تقديمها للمحاكمة. "48" كيف لها أن تختفي وتهرب؟ من سهل عملية الهروب؟ ومقابل أي ثمن كانت هذه المساعدة التي أتاحت للمرأة الفولاذية أن تفر بملايين الجنيهات؟! الإجابة عن الأسئلة السابقة نجدها فيما تنشره صحيفة معارضة.. الوزير الذي كان مستشارا للمرأة الفولاذية بعشرة آلاف جنيه في الشهر هو الذي سهل لها الهرب بعد أن اتفق مع بعض العاملين في مطار القاهرة الدولي علي تعطيل الكمبيوتر الذي يسجل قائمة الممنوعين من السفر لحظة مرورها إلي خارج البلاد. "48" لم تكن هذه الآلاف العشرة مقابل الاستشارات الوهمية التي يقدمها الوزير لكنها مقابل خدمات جليلة عند الحاجة لا تقدر بثمن! تنتهي قصة المرأة الفولاذية بفرارها مدفوع الثمن لكن الفساد لا يتغير ولا تبدو له نهاية وتنشر جريدة "الأهالي" أن محامي عصمت السادات هو ابن عم المليونيرة الفولاذية الهاربة103"" شبكة حديدية متشعبة وليست المرأة الفولاذية إلا حلقة من حلقاتها الجهنمية!.