لا شك أنه لا يوجد سياسي محترف أو مواطن عادي علي طول امتداد وطننا العربي وداخل لبنان بجميع فعالياته السياسية وطوائفه الثمانية عشر لا ينشد ويتمني قرب حلول ساعة الخلاص وقطع حبل السرة لولادة محكومة بالأمل والنجاح لتلك الحكومة اللبنانية المتعثرة عبر تمكين الرئيس المكلف سعد الحريري باتمام هذه المهمة اليوم قبل الغد وسرعة تعافي لبنان السيد الحر. وإن كانت تلك مهمة صعبة حتي الآن وإن لم تكن مستحيلة خاصة إذا علمنا أن لبنان بات لا يحكم إلا عبر التوافق السياسي، رغم أن قراره السياسي ظل لفترة من الوقت ومنذ الحرب الأهلية عام 1975 وحتي اتفاق الطائف عام 1989 وربما حتي خروج القوات السورية من لبنان عام 2005 كان مخطوفا وسياساته وتوجهاته تصنع في الخارج، ولكن اليوم الصورة تغيرت كثيرا وبات الفرقاء السياسيون أغلبية "14 آذار" ومعارضة "8 آذار" وباتوا علي قناعة أن كثيرا من ظروف المعادلة الداخلية في لبنان قد تغيرت بفعل المتغيرات الاقليمية والدولية، وأن كثيرًا من أوراق اللعبة السياسية ليس كلها بالطبع، باتت حاليا بأيدي اللبنانيين وحدهم ولكن البعض من الفرقاء وخاصة في فريق الممانعة "8 آذار" تحديدا مازالوا يرهنون قرارهم للخارج ويأتمرون بأجندات اقليمية معلومة للجميع. وربما قد يكون مفهوما للعديد كلمة السر التي مازالت تعطل تشكيل الحكومة وفوضي اقتسام وتوزيع الحقائب الوزارية ما بين الموالاة والمعارضة خاصة أن الفريق الأخير يسعي لوضع الحواجز والمتاريس في وجه الرئيس المكلف عبر التمسك بتوزير عدد من الوزراء الراسبين في الانتخابات الأخيرة مثلما في حالة الوزير جبران باسيل وضغوط صهره الجنرال عماد عون لوضع العصي في العجلات طيلة الوقت لإفساح المجال أمام الحصول علي حصة الأسد من الحقائب السيادية كالاتصالات والداخلية في الحكومة وإلا فالتعطيل مستمر إلي أجل غير مسمي أو كما قال علنا أمس الأول لا تشكيل للحكومة ولا توزيع للحقائب الآن وكل ذلك من أجل عيون صهره، إلا أن ما يثير العجب واللغط هذه الأيام ويستحق وقفة هو خروج رهط من فريق المعارضة وعلي رأسه الجنرال عون حاليا للبحث عن شماعات خارجية وتحديدًا من قوي إقليمية تمثل صدارة الاعتدال من العالم العربي لتوجيه سهام اتهاماته لها بالتدخل لتعطيل تشكيل الحكومة اللبنانية أو العودة إلي صناعة مجلس الوزراء اللبناني عبر حلفائها وتزايد نفوذها في بيروت بالتبني أو الضغط علي الرئيس المكلف سعد الحريري. وهنا نتحدث صراحة عن الأقوال المرسلة من قبل الجنرال عون طيلة الأيام الماضية والذي يتعمد الاشارة فيها بالغمز واللمز في القناة المصرية طورًا والاشارة مباشرة إلي تدخلات الجانب المصري طورًا آخر بالتماهي مع تسريبات عديدة مغلوطة لصحف وإعلام الممانعة 8 آذار حتي أنهم لجأوا إلي صياغة الفبركات السياسية والإعلامية بات الجانب المصري قد أجري طيلة الأيام الماضية أكثر من 34 اتصالا مع قوي 14 آذار وجماعة حزب المستقبل بزعامة الحريري الابن وكأنهم كان معهم عداد يرصد ويعد هذه الاتصالات..! وليت الأمر يتوقف عند حيلة وسرد مثل هذه الأكاذيب بل سعوا بالدس والتحريض لخلق فتنة متنقلة بين القاهرة وعديد القوي السياسية في لبنان بل وبين القاهرة ودول عربية كبري صديقة وحليفة عندما روج فريق التيار الوطني الحر بزعامة الجنرال عون ورفاقه في الممانعة اللبنانية بأن القاهرة هي التي سعت لتأجيل التقارب السعودي - السوري في الفترة الأخيرة بشأن الأزمة اللبنانية وما يستتبعها من حلحلة قضية تشكيل الحكومة وإحداث مصالحة لبنانية - سورية ستتوج بزيارة يتم التخطيط والإعداد من قبل رئيس الحكومة الجديد سعد الحريري في الحال. ولأن حبال الكذب والفبركات قصيرة فها هي المملكة العربية السعودية تخرج عن صمتها المعهود بعد أن فاض بها الكيل وتصدر بيانا رسميا من قبل أرفع مستوي سياسي بها في اليومين الماضيين تكذب وترفض افتراءات وأكاذيب جماعة عون وفريق المعارضة بالكامل وتعلن صراحة أن مصر الشقيقة لم تتدخل في أي وقت معها بالسلب علي خط أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية بل علي العكس فإن القاهرة كانت ومازالت تبارك أي خطوة سعودية وعربية في هذا الشأن إنطلاقا من الحرص المصري علي تصحيح المسار في لبنان وتمكين بيروت طيلة الوقت من استعادة العافية السياسية وللاستزادة فند المسئول السعودي الرسمي في بيانه عديد الأكاذيب عبر التشديد علي أن العلاقات المصرية السعودية لم تمس بأي ضرر أو تشقق بسبب أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية كما يروج لها البعض في لبنان في إشارة واضحة إلي فريق 8 آذار وإعلامه وأن ما يربط بين البلدين وزعامتيهما أكبر بكثير من مثل هذه الافتراءات وجبال الأكاذيب التي تحاك حاليا. ولأن حديث الإفك من قبل فريق الممانعة اللبناني لم ينته بعد فأنه في اعتقادي وجب التدخل والتصدي هذه المرة من قبل الدوائر الدبلوماسية المصرية بالقول والتصويب لدي الرأي العام اللبناني والعربي بحقيقة وجوهر وصلابة الموقف المصري عبر إعادة التأكيد علي المبادئ المصرية التي يشهد لها القاصي والداني بأنها لم ولن تكون يوما طرفا في التدخل أو لعب دور بلبنان أو الاصطفاف مع هذا الفريق ضد الآخر مثل الآخرين أصحاب الأجندات الإقليمية والمطامع حيث لا يزال الشعار المصري الذي طرحه الرئيس السادات منذ فوضي دموية الحرب الأهلية وحتي اليوم في عهد الرئيس مبارك ارفعوا أيديكم عن لبنان يمثل القاعدة الحاكمة لمنطلقات السياسة الخارجية المصرية في لبنان وغيرها من سائر دول الإقليم والتصدي لمثل هذه المغالطات من جديد بصحيح القول والفعل خاصة أن الدبلوماسية المصرية لن تعدم الوسيلة والخطي وتحقيق النتائج والمراد مضمون لا محالة خاصة أن تاريخ وممارسات الجنرال عون وغيره من فريق المعارضة حافل بالتناقضات. فبالأمس كان عون العدو الأول لسوريا والغالبية تعرف قصة دخول الجنرال قصر بعبدا أو الخروج منه في عام 1990 بفعل ضربات الطائرات والقصف السوري المستمر وكيف مر إلي السفارة الفرنسية في بيروت التي أمنت خروجه في جنح الظلام إلي باريس وما حدث في الذهاب إلي الكونجرس الأمريكي للمطالبة بوثيقة عقاب سوريا واليوم يعود ليصطف مع سياسات ومواقف فريق الممانعة ويسعي لتحميل القاهرة والرياض أخطاءه وأخطاء حلفائه في لبنان حتي استحق عن جدارة وصف اللبنانيين له بجنرال الهزائم واليوم بالصهر المعطل مهما كانت العواقب وزمن التعطيل.. فأين حمرة الخجل لدي الجنرال..؟!