شهد الرمضانان: الماضي وقبل الماضي ، ظاهرة انترنتية محيرة تستحق التحليل،تتلخص في احتجاب كثير من المواقع المصرية والعربية الي حد الاغلاق التام او المؤقت عن الظهور علي الشبكة، وذلك دون ضغوطات حكومية او تدخلات من قبل شرطة الانترنت ! فتحت شعار :" نعتذر للزوار الكرام لقد تم اغلاق الموقع بشكل نهائي.. من ترك شيئا لله أبدله الله خيرا منه " أعلن موقع بحر الشوق الفني ان الموقع أغلق نهائيا " وكذلك موقع حبايب الذي ضمن صدر الموقع بأدعية استغفارية كاتبا عليه:" اللهم اغفر لي ذنوبي ولوالدي.. أرجو من الجميع الدعاء الصالح وعذرا من جميع من اخطات بحقهم .. أعتذر عن ماقدمته من خدمات دردشة او نقاشات خارجة داخل المنتديات او مواد مضيعة للوقت، مع العلم انني قد بذلت مجهودا في تشفير الايميلات او ارقام الموبايلات او اي وصلات بمواقع لاتفيد ".. اما موقع طرب نت فقد اوقف نفسه بنفسه استغفارا للشهر الكريم حتي لايلهي الناس بما يحتويه من مواد فنية وخدمات لتحميل الاغاني . فأغرق صفحته الرئيسية باللون الاسود ومجموعة كلمات تقول :" الي كل من زار موقعي و سمع ما سمع وحمل ما حمل.. أرجو منه ان يستغفر عن ذنبي فقد اذنبت في حق الكثيرين ..ارجو من الله المغفرة وارجو من كل من حمل مادة تدعو الي المنكرات أن يتخلص منها.. اشهد الله اني تبت اليه توبة نصوحاً اللهم، قد بلغت اللهم فاشهد .. موقع طرب نت " .. وعلي نفس المنوال احتجب موقع "بطاقات رعودي " عبر الشهر الفضيل. هذا العام لم تحتجب تلك المواقع في رمضان، الا ان موقع "عرب توب " استمر في سياسته للعام الثالث علي التوالي واوضح لزواره بان الموقع مستمر في العمل خلال الشهر الفضيل ولكن هناك ايقاف للأقسام الغنائية بمناسبة حلول شهر رمضان مع تغيير شكل الصفحة الرئيسية للموقع بوضع فانوس رمضان. والسؤال البديهي :لماذا احتجبت المواقع في الرمضانين الماضيين ثم غيرت سياستها في هذا الرمضان ،ولم تحتجب ؟ علي النقيض ،لماذا استمرت بعض المواقع في ايقاف تحميل خدمات الاغاني في رمضان ؟ أسباب التوبة : اعتقد ان معظم المواقع التي كانت تحتجب فيما مضي قامت بذلك بهدف ترويجي بحت،فالزوار في رمضان منشغلون بمتابعة رمضان الافتراضي "اي مظاهر التعبد والاعمال الحسنة والتدين علي الشبكة " وبالتالي فإنهم عندما يسمعون ان الموقع الغنائي احتجب واحترم روحانيات الشهر الفضيل يجعلهم يشعرون بالاشتياق واللهفة لمفاجئات الموقع بعد رمضان اضافة للحب ايضا.. لكن مع تغير عادات المشاهدة خلال الشهر الفضيل مرتين خلال العشر سنوات الاخيرة ،مرة مع انكباب الناس علي "الكنبة" والمشاهدة الجماعية حيث لا تتحرك العائلة من امام التليفزيون لمتابعة تنوع الدراما وبرامج التقليد والسيت كوم والكاميرا الخفية. ومرة اخري تبلورت هذا العام بسبب الملل والتشتت من التخمة والسمنة الدرامية بفعل وجود اكثر من 60 مسلسلا مصريا علي الفضائيات بخلاف مئات البرامج الترفيهية لتتحول المشاهدة هذا العام من "الكنبة" اي المشاهدة العائلية او الجماعية الي المشاهدة الفردية الاكثر متعة عبر "الكرسي "كرسي الانترنت حيث تمغنط الشباب الي "اليوتويب " ومواقع الفيديو كشبكة الفراعنة اضافة للفيس بوك وتويتر ومواقع تحميل الاغاني . السلوك الجديد : وبالتالي فإن هذه المواقع التي كانت تحتجب فيما مضي ظنا منها ان الناس لن تدخل علي الانترنت وبالتالي فإن حجم الاعلان سيتقلص و لن يغطي المصاريف اما لان الناس مشغولة في التعبد والتهجد واما لان الناس ستتحول الي "كنب" لمشاهدة الدراما عبر التليفزيون قد تلاشي بفعل ذكاء مواقع الفيديو ويوتويب الممتلئة باعلانات المسلسلات مع ميزة خطيرة جدا موفرة لوقت ومجهود الناس الا وهي ان اليوتيوب ومواقع الفيديو سترشح لك افضل المسلسلات طبقا لاقبال الناس عليها كما ستوفر افضل اللحظات الساخنة والمهمة في كل مسلسل وبالتالي فإنه تحت الاقبال الكبير من طالبي الترفيه علي الشبكة فإن تلك المواقع عادت عن توبتها. وبالتالي فإن توبته تلك المواقع كانت "نفاقا " وليست "توبة " وكان هدفها ماديا بحتا لا اكثر ولا اقل .ومع ذلك فإنني احيي المواقع التي استمرت بإيقاف تقديم خدمات تحميل الاغاني الا من خدمة تحميل الاغاني الدينية رغم تغير عادات المشاهدة بفعل جاذبية مواقع الفيديو التي وفرت الوقت وجعلت الناس تمتلك وقتا اكبر دون اصطيادها امام الشاشة لاداء الفرائض والتعبد وفي ذات الوقت متابعة الاعمال الدرامية والبرامج التليفزيونية . إنه رمضان الافتراضي يا عزيزي الذي يمنحك الوقت "للتعبد"و كذلك الوقت "للترفيه"، فساعة وساعة.