وقد تتواجد أعذار داخل المدن لمثل تلك الحوادث بسبب الزحام وتأخر البعض في أعمالهم وبالتالي تحدث مشكلات من هذا النوع، أما علي الطرق السريعة خارج المدن فالمشكلات أكبر ولا توجد أعذار لأن النتائج أبشع بكثير.. تصادف أن كنت علي طريق مصر الأسكندرية الزراعي قبيل مدفع الإفطار في أول أيام رمضان ورأيت بعيني نتائج واحدة من تلك الحوادث.. وإن كنت في الحقيقة لم أشاهد الحادثة نفسها.. وأول ما رأيت هو السيارة الأجرة (بيجو سبعة راكب) التي كانت مستقرة علي رأسها علي قارعة الطريق.. وهي المرة الأولي التي أري فيها - في الحقيقة وليس في الأفلام - سيارة منقلبة سقفها للأسفل وعجلاتها للأعلي.. وعلي بعد أمتار قليلة منها يرقد علي الأرض شيخ متقدم في السن فاقد الوعي ووجهه ينزف.. وعلي بعد أمتار أخري يرقد صبي لم أتمكن من رؤية وجهه.. ثم وقف شاب ينظر الرجل المسن ويمسك رأسه بيديه وكأنه غير مصدق لما يحدث.. هل هو أحد أقارب الرجل المصاب؟ أم هو سائق السيارة؟ وعلي الجانب الآخر كان يقف ميكروباص وقد تهدم جانبه الأيمن تماما.. وجاء المتطوعون من الذين ترجلوا من سياراتهم، وبدأوا يخرجون من فيه عن طريق الشبابيك وليس الباب.. ورأيت أحدهم يخرج طفلة يبدو عليها الفزع، ولم أتمكن من معرفة ما إذا كان والداها داخل الميكروباص أم خارجه، وهل هما من الأحياء أم ماذا.. ثم وقفت سيارة نقل كبيرة شامخة لم يكن فيها ولا في سائقها أية إصابات.. هل هي التي تسببت في الحادث؟ لا أعلم.. ثم عدة سيارات أخري وقد تحطمت بعض أجزائها.. ما الذي حدث بالضبط؟ هل كان سائق البيجو مسرعا؟ ربما.. هل ما زال يوجد آخرون داخل البيجو غير المسن والصبي اللذين يفترشان الأرض؟ ربما.. هل المسن والصبي قد فارقا الحياة أم لا؟ وهل سيتم إسعافهما؟ من من أهل هؤلاء جميعا ينتظرهم علي مائدة الإفطار في أول رمضان؟ ماذا سيحدث بعد ذلك؟ إلي متي ستحدث مثل هذه الحوادث المروعة؟ لم لا تتجه أنظار القانون إلي السائقين وسيارات الأجرة والميكروباص بكل أنواعها لأنها تحمل أرواحا لا ذنب لها ولا تقود السيارة ولكن تقع هي الضحية لرعونة سائق لا يدرك مسئولية نقل هؤلاء الأبرياء.. ألا توجد طريقة لتحجيم سرعة سيارات الأجرة بحيث لا يمكن أن تزيد مثلا علي 90 كم/س؟ لماذا لا يتم سحب الرخصة نهائيا من السائق الذي يثبت تعاطيه مواد مخدرة؟ لا تغلظ العقوبات إلا علي من لا يضع حزام الأمان وشنطة الإسعافات، أما أسباب الكوارث الحقيقية فلم يلتفت لها القانون بعد..