أخبار مصر اليوم: مدبولي يكلف بإحياء مسار خروج بني إسرائيل ضمن مشروع التجلي الأعظم.. وظائف جديدة بمصنع الصلب في الجيزة    لجنة سكرتارية الهجرة باتحاد نقابات عمال مصر تناقش ملفات مهمة    توقيع اتفاقية تعاون لتطوير حلول رقمية مبتكرة فى مجال الرعاية الصحية باستخدام الذكاء الاصطناعى    هيئة الدواء: تصدير المستحضرات الدوائية المصرية إلى السودان    محافظ الغربية يتابع أعمال رصف وتطوير شارع عمر زعفان في بسيون    يمنيون ينظمون فعالية تضامنية مع غزة على متن سفينة إسرائيلية محتجزة    الاتحاد الأوروبي ينتقد مناورات الصين واسعة النطاق قبالة تايوان    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الفيتو الأمريكي الحاجز الوحيد أمام حصولنا على العضوية الكاملة    لاعب الترجي: سنعود لتونس بلقب دوري أبطال أفريقيا    الأرصاد تكشف مفاجأة عن الموجات الحرارية خلال صيف 2024 (فيديو)    العثور على جثة متحللة لمسن في بورسعيد    صبا مبارك تخطف الأنظار على السجادة الحمراء في مهرجان كان    أول تعليق من أحمد الفيشاوي بعد ظهوره الغريب في عرض فيلم بنقدر ظروفك    دنيا سمير غانم «روكي الغلابة» وتتحدى بالبطولة السينمائية في مواجهة تايسون    الوجودية واختياراتنا في الحياة في عرض «سبع ليالي» ب مهرجان نوادي المسرح    "الصحة": اختتام ورشة عمل "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية" بشرم الشيخ    قرار قضائي جديد بشأن التحقيقات مع سائق «ميكروباص» معدية أبو غالب (القصة كاملة)    طلاب يتضامنون مع غزة من على متن سفينة إسرائيلية يحتجزها الحوثيون    عبير فؤاد تحذر مواليد 5 أبراج في شهر يونيو: أزمات مهنية ومشكلات عاطفية    انقطاع التيار الكهربائى عن بعض أقسام مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح    محمد نور: خطة مجابهة التضليل تعتمد على 3 محاور    البورصات الأوروبية تغلق على ارتفاع.. وأسهم التكنولوجيا تصعد 1%    في إطار تنامي التعاون.. «جاد»: زيادة عدد المنح الروسية لمصر إلى 310    «بوتين» يوقّع مرسوما يسمح بمصادرة أصول تابعة للولايات المتحدة في روسيا    الفريق أول محمد زكى: قادرون على مجابهة أى تحديات تفرض علينا    انفجار مسيرتين مفخختين قرب كريات شمونة فى الجليل الأعلى شمال إسرائيل    روديجر: نريد إنهاء الموسم على القمة.. وركلة السيتي اللحظة الأفضل لي    محافظ بورسعيد يشيد بجهد كنترول امتحانات الشهادة الإعدادية    ما هو منتج كرة القدم الصحفى؟!    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال    البيئة: السعودية تستهدف إنتاج 16.2 مليون متر مكعب من المياه المحلاة يوميًا    متى وكم؟ فضول المصريين يتصاعد لمعرفة موعد إجازة عيد الأضحى 2024 وعدد الأيام    بالفيديو.. خالد الجندي: عقد مؤتمر عن السنة يُفوت الفرصة على المزايدين    خاص.. الأهلي يدعو أسرة علي معلول لحضور نهائي دوري أبطال إفريقيا    افتتاح كأس العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالمكسيك بمشاركة منتخب مصر    أجمل عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024 قصيرة وأروع الرسائل للاصدقاء    وزير الري: نبذل جهودا كبيرة لخدمة ودعم الدول الإفريقية    من الجمعة للثلاثاء | برنامج جديد للإعلامي إبراهيم فايق    قبل قصد بيت الله الحرام| قاعود: الإقلاع عن الذنوب ورد المظالم من أهم المستحبات    الجودو المصري يحجز مقعدين في أولمبياد باريس 2024    وزارة الصحة تؤكد: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرى    محافظ كفر الشيخ يتفقد السوق الدائم بغرب العاصمة    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    فيديو.. ابنة قاسم سليماني تقدم خاتم والدها ليدفن مع جثمان وزير الخارجية الإيراني    رئيس الوزراء يتابع مشروعات تطوير موقع التجلي الأعظم بسانت كاترين    رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ أسيوط يناشد المواطنين بالمشاركة في مبادرة المشروعات الخضراء الذكية    الكشف على 1021 حالة مجانًا في قافلة طبية بنجع حمادي    رئيس وزراء أيرلندا: أوروبا تقف على الجانب الخطأ لاخفاقها فى وقف إراقة الدماء بغزة    ننشر حيثيات تغريم شيرين عبد الوهاب 5 آلاف جنيه بتهمة سب المنتج محمد الشاعر    تاج الدين: مصر لديها مراكز لتجميع البلازما بمواصفات عالمية    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين بجنوب سيناء    المراكز التكنولوجية بالشرقية تستقبل 9215 طلب تصالح على مخالفات البناء    الهلال السعودي يستهدف التعاقد مع نجم برشلونة في الانتقالات الصيفية    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    حماس: معبر رفح كان وسيبقى معبرا فلسطينيا مصريا.. والاحتلال يتحمل مسئولية إغلاقه    الداخلية تضبط 484 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1356 رخصة خلال 24 ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«باليه كليوباترا».. يقتفى أثر ملكة مصر بخطواته وطقوسه الكلاسيكية
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 08 - 02 - 2024


«لا أوصى ابنتى التى ستلى العرش من بعدى أن تكون إله لشعبها تستمد سلطتها من قداسة الألوهية بل أوصيها أن تكون حاكمة رحيمة عادلة»..من وصايا نوت إله السماء لابنتها إيزيس امتدت تلك الوصية لتعيها أذن «كليوباترا» الواعية.. توليت العرش بعد صراعات وحروب ومغامرات ومكائد سياسية وعاطفية متبعة سبل أجدادها وأمها إيزيس إلهة المعرفة والعدل والحكمة.. اعتبرت كليوباترا «إيزيس» أما لها تستمع لنصائحها بقلبها وحدسها حتى أنها جاءت لتنبئها باقتراب موعد مقتل يوليوس قيصر! امرأة ممتلئة بالأحداث والفكر والعلم والمعرفة، نموذج من النساء لا يمكن اختزاله فى مجرد امرأة عاشقة، نموذج يصعب تكراره، امرأة ملهمة لكل مبدع يتناولها فى السياق الفنى الذى يراه مناسبا فى صورة سينمائية أو مسرحية أو حتى فى دراما راقصة.. أحيت فرقة باليه أوبرا القاهرة «كليوباترا» إخراج أرمينيا كامل على خشبة المسرح الكبير بأجساد راقصيها على أنغام موسيقى المايسترو محمد سعد باشا الذى ألفها خصيصا ولعبها بقيادته مع فريق أوركسترا وباليه أوبرا القاهرة، هذه المرأة الغنية مكتملة الأنوثة والتكوين العقلى والوجداني، جاءت حاضرة بقوة ليرسمها فريق الباليه ويقتفى أثرها عبر التاريخ بخطوات بلاريناته الوئيدة وفلسفته وطقوسه الكلاسيكية الرفيعة. تنذر الطبول وقرع الدفوف فى المقطوعة الموسيقية ببداية العرض بأننا على موعد مع دراما حرب..دراما غير عادية مفعمة بالمغامرات والغموض والإثارة والمكائد.. للوصول إلى سدة الحكم، نجح المايسترو محمد سعد باشا فى تأليف موسيقى تحمل روح مصرية أصيلة تستنشق مع أنغامها رحيق مصر القديمة، تنذر بوقوع أحداث جسام، وعلى الرغم من انتماء العمل الفنى لأحد أشكال الفنون الغربية مثل الباليه وعزف الأوركسترا بحيث وضع فى إطار درامى لفن شديد الاستثناء والخصوصية، نوعان من الفنون من أصل ثقافى غربى إلا ان الرجل نجح فى الخروج من فخ التغريب وذهب بنا إلى روح مصر القديمة فى عصور ما قبل الميلاد، أبدع بالسرد الموسيقى منذ اللحظة الأولى لأحداث حكاية كليوباترا آخر ملوك البطالمة قبل الاحتلال الرومانى على مصر وأدخلنا فى عالمها السحرى الكبير. نزاع طويل دار بين كليوباترا وشقيقها بطليموس الثالث عشر على حكم مصر بعد وفاة والدهما بطليموس الثانى عشر، انتزع أخيها منها الحكم وهربت من الإسكندرية لكنها عادت متخفية بعد علمها بوجود يوليوس قيصر الذى جاء من الإسكندرية لحل النزاع بينهما، انتهى الحل بوقوع قيصر فى حب كليوباترا، انجبت ابنهما قيصرون وتخلص قيصر من شقيقها لتنفرد وحدها بالحكم، يقتل يوليوس قيصر غدرا وتسود الفوضى فى روما حتى ينتصر اتباعه أوكتافيوس وأنطونيوس وتنحاز كليوباترا إليهما وتعدهما بالإمدادت العسكرية ثم يطلب مارك أنطونيو لقائها فى طرسوس، تعد له سفينة فاخرة تبارى المؤرخون فى وصف فخامتها وبهائها واحتوائها على أنواع شتى من العطور والبخور اقامت له حفل استقبال ضخم، احتوى على أشهى الأطعمة والخمور ورقص وغناء وموسيقى، أسرت قلبه وعقله ووقع فى شباكها مهملا مسئوليات الحكم فى روما مما دفع اوكتافيوس للانقلاب عليه وهزيمته فى موقعة أكتيوم البحرية التى رحل على إثرها أنطونيو وانتحرت كليوباترا بعد هزيمتها ورحيل حبييها. فرضت قوة شخصية كليوباترا نفسها على رقصة الباليه المحدودة بأشكال معينة من الرقص والتكنيك الحركي، حيث اضطر هنا مصمم الرقصات الخروج أحيانا ولو بشكل مؤقت فى بعض الحركات من تشكيلات الباليه المعتادة وإن ناسب الباليه فى هيئته ووقاره سرد حكايات الملوك باعتباره أحد أبرز فنون النبلاء ويوصف دائما برقص القصور، حلق المصمم مع كليوباترا فى عالمها الأنثوى الخاص، عالم تغمره الثقافة والرقى والشياكة والعلم والمعرفة، والجاذبية الأنثوية التى تبارى فى وصفها علماء التاريخ، وإن خانه التصميم فى بعض الأحيان خشية الابتعاد عن القوانين الحركية والتشكيلات الفنية التى تحكم رقصة الباليه لكنه كان يفيق على غواية تلك المرأة القوية المعتزة بأنوثتها وثقافتها ونفسها، لم تكن مجرد امرأة جميلة وقعت فى شباك الحب بينما كانت حادة الذكاء راجحة العقل، هى القائدة فى الحب والحرب، لم تهزمها العاطفة بل هزمت هى وقهرت الرجال بتلك العاطفة، زادها الله بسطة فى العلم والجسم فآتها الحكم والملك..عمق ثقافتها وسحر حديثها وقدرتها على الجدل وطلاقة اللسان صفات أسرت بها قلوب الأحبة، حتى كتب فى وصفها أنها كانت تعشق تحصيل العلوم، تعلمت الفلسفة والخطابة وإن تهيأت لها الظروف لأصبحت أحد العلماء والفلاسفة فى عصرها، تعلمت الطب والصيدلة، اتقنت سبع لغات دفعة واحدة، وكانت البطلمية الوحيدة التى تتقن اللغة المصرية القديمة، تعرضت مصر إلى أزمة جفاف النيل وهددت بالمجاعة والطاعون لكنها أدرات تلك الأزمة ببراعة واقتدار. تمتعت هذه المرأة بالجمال الأنثوى والشخصية القيادية الساحرة وبالتالى عند التطرق إلى امرأة بهذا الغنى والثراء لابد من التدقيق فى التصميم الحركى لإظهار أبعاد وجوانب تلك الشخصية الغنية بالدراما والتى تناسب فى بهائها واعتزازها بأنوثتها وثقافتها وعقلها عرض استعراضى ضخم فهى شخصية مسرحية استعراضية بامتياز اجتمعت فيها مقومات الاستعراض الأنثوى من أناقة وحضور وشموخ وكبرياء وعلم ومعرفة، كما ذكرنا اتبع أحيانا مصمم الرقصات خوسيه بيريز خطى هذه السيدة الملكية قدمها قوية شامخة فى مشاهد محددة، وأحيانا يتراجع عن السير على خط درامى واحد فى رسم تلك الشخصية واضحة المعالم بلا مواربة، بينما حمل التصميم فى بعض المشاهد قدر من المواربة، فأحيانا يهزمها ضعفها وقد تستكين فى علاقتها بالطرف الآخر، ففى أحد المشاهد تسقط على الأرض ويجرها أحدهم فى مشهد أقرب للسحل تتعلق بساقه فى خضوع واستسلام، شخصية صاحبة ألق وكبرياء لا يمكن أن تسحب وتجر مثل الأسيرة أو العبدة الذليلة ملتصقة بإحدى ساقيه..حمل هذا المشهد عيب خطير فى قراءة شخصية كليوباترا حتى فى ضعفها، أصحاب الهيبة والكبرياء تلازمهم تلك الصفات حتى أوقات الهزيمة، فهذه امرأة فضلت الموت على الوقوع فى الأسر، وبالتالى كان أولى أن يحاكى التصميم هذا المسار فى قراءة ورسم شخصيتها على مدار العمل بالكامل، الذى تأرجح فى تقديم شخصيتها بين الهيبة والقوة ثم الخضوع والضعف فلم تسر الدراما الحركية على وتيرة واحدة، فى حين جاءت مشاهد أخرى معبرة ومفسرة مدى حجم وشموخ تلك السيدة الغير متكررة، فبما أن العمل الفنى قرر تناول امرأة صاحبة استثناء فى التاريخ كان أولى أن تقود الدراما فن الباليه حتى ولو كسرت قواعده وليس العكس، يبيح الإستثناء الخروج عن القاعدة والمعتاد خاصة وأن المصمم لم يتردد فى تطعيم رقصات الباليه بأغلب مشاهده بحركات من الرقص الفرعونى المرسوم والموثق على جدران المعابد، مزج بحرفة عالية بين شكل هيئة المصرى القديم وحركة الباليه فى التحام بديع بينهما أبدعن الراقصات فى مشهد الوصفيات بالأداء الحركى والدراما لحظة إبعاد أخيها عن غرفتها التى حاول اقتحامها بعد علمه بصحبتها ل»يوليوس قيصر»، اتحدن البلارينات فى مشهد جماعى مبهر لإقصاء هذا المعتدى عن غرفة الملكة وحمايتها برشاقة وتدفق وانسياب كأنهن قوة دافعة للأذى. انقلب مسرح دار الأوبرا واتحدت عناصر الصورة المسرحية من إضاءة وملابس فاخرة وديكور الذى تهيىء فى فخامة وأناقة بالغة لاستقبال عرش «كليوباترا»..عرش كبير على تمثال ضخم تجلس عليه فى مشهد مهيب سيدة مصر يحيطها الحرس والخدم من كل جانب تحول المسرح إلى قصر فرعونى أو معبد كبير ليسرد لنا قصة نهاية عصر البطالمة على وقع خطوات بلارينات الباليه اللاتى لانت حركتهن واتسعت ورحبت لتحتوى جزءا من عقل وروح «كليوباترا» السيدة الملهمة فى السياسة والحكم والحب والحرب!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.