تصارع عدة دول فى نصف الكرة الشمالى من موجة حر قاسية ناجمة من التغير المناخى، منها قارة أوروبا ومنطقة حوض البحر المتوسط وكندا. ولا تزال قارة أوروبا تواجه أسوأ موجة حر تتعرض لها دول حوض البحر المتوسط ، بسبب المنخفض الموسمى القادم من شبه القارة الهندية مما أدى لوصول درجات الحرارة لمستويات قياسية نجم عنها حرائق غابات مدمرة امتدت للبرتغال وإسبانيا وإيطاليا واليونان، مع إجلاء الآلاف من منازلهم. ويتوقع أن تضرب بريطانيا ذروة موجة الحر اليومين القادمين مع مطالبات بتعطيل الدراسة. وأعلنت الحكومة البريطانية حالة الطوارئ الوطنية لأول مرة بسبب درجات حرارة تصل إلى 40 درجة، بعد إعلان الإنذار الأحمر وهو أعلى درجة تحذير ضد حالات الطقس وهو ما يكسر الرقم القياسى البالغ 38.7 الذى وصلت إليه البلاد فى عام 2019. ونصح عمدة لندن صادق خان سكانها عدم استخدام وسائل النقل العام إلا فى حالة الضرورة القصوى، وأعلنت بعض المدارس أنها ستبقى مغلقة فى جنوبإنجلترا خلال موجة الحر. وبدورها تتعرض البرتغال بأكملها لخطر الحرائق، فمنذ الثلاثاء الماضى، ارتفعت درجات الحرارة إلى 47 درجة مئوية فى البرتغال وتخطت ال40 درجة فى إسبانيا ما جعل الريف جافا وساعد فى تأجيج الحرائق، وتُوفى أكثر من 300 شخص بسبب الحرارة فى الدولتين. وقد دمرت الحرائق 75 ألف فدان من الأراضى هذا العام، وهى المساحة الأكبر منذ عام 2017، عندما عانت البرتغال من حرائق مدمرة تسببت فى وفاة حوالى 100 شخص. وتتأثر أجزاء أخرى من البحر الأبيض المتوسط أيضًا جراء حرائق الغابات، ففى إيطاليا، أعلنت الحكومة حالة الطوارئ فى وادى «بو» القاحل، حيث أطول نهر فى البلاد، والذى لا يزيد على خيط من الماء فى بعض الأماكن. وفى فرنسا، حذّرت المؤسسة العامة للأرصاد الجوية من أنّ «الحرارة تتزايد بينما تنتشر موجة الحر فى مختلف أنحاء البلاد». كما توقّعت الأرصاد الجوية الفرنسية أن يكون اليوم الاثنين «الأكثر حرّاً فى غرب البلاد»، مشيرة إلى أن درجات الحرارة قد تصل إلى أربعين درجة فى بريتانى ونورماندى باس وأكيتان وغرب أوكسيتانى. ويكافح رجال الإطفاء فى مقاطعة جيروند، الحرائق حيث اشتعلت النيران فيما يقرب من 25 ألف فدان من الغابات منذ الثلاثاء الماضى، ووفقًا للسلطات فإنه لكبح الحرائق، تم نشر أكثر من ألف رجل إطفاء وأجبرت 12 ألف شخص على الإجلاء كإجراء احترازى، تصل درجة حرارة المنطقة نهاية هذا الأسبوع إلى 40 درجة. ويتم تحذير المتسلقين فى جبال الألب على تأجيل رحلاتهم إلى مونت بلانك بسبب خطر سقوط الصخور بسبب «الظروف المناخية الاستثنائية». واليونان هى إحدى الدول الأكثر تضررًا من الحرائق كل صيف، حيث اندلع حريق بجزيرة كريت، مهد الحضارة اليونانية وذات قيمة أثرية كبيرة، ليتم السيطرة عليه. ونتيجة اندلاع الحرائق تم إخلاء سبع بلدات ريفية، وقال رئيس بلدية مدينة أجيوس فاسيليوس، يوانيس تاتاراكيس: خلال هذا الأسبوع فقط، واجهت خدمات مكافحة الحرائق اليونانية 100 حريق فى جنوب البلاد. وفى أماكن أخرى من العالم، تسبّبت درجات الحرارة الشديدة فى حرائق الغابات خصوصاً فى شمال المغرب، حيث قضى شخص ودمّرت مساحات واسعة من الأراضى الزراعية. وتضرّر غرب كندا أيضاً بفعل حريق مدمّر اشتعل منذ الخميس فى منطقة ليتون فى شمال فانكوفر والتى كانت قد دمّرت العام الماضى بفعل موجة حر تاريخية وحرائق مدمّرة. وهذه موجة الحر الثانية التى تشهدها أوروبا فى أقل من شهر، وأصبحت موجات الحر أكثر تواترًا وشدة لفترة طويلة بسبب تغير المناخ، إذ ارتفعت درجة حرارة العالم بالفعل بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بدء العصر الصناعي. ووفقًا لخبراء المناخ «ستواصل درجات الحرارة فى الارتفاع ما لم تقم الحكومات فى جميع أنحاء العالم بإجراء تخفيضات حادة فى انبعاثات الكربون، ودعت الأممالمتحدة إلى «التحرك الآن» لمواجهة الجفاف والتصحر من أجل تجنب وقوع «كوارث بشرية». وقال الأمين التنفيذى لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو - خلال مؤتمر فى مدريد بمناسبة اليوم العالمى للجفاف: «حان وقت العمل: كل إجراء مهم». من عواقب هذه التقلبات المتطرفة، حرائق وصولا الى سيبيريا وذوبان الجليد البحرى فى القطب الشمالى والجفاف ودرجات حرارة قياسية فى جميع القارات وأعاصير وظواهر مناخية أخرى شديدة.