ما زالت الأحداث الخاصة بالأزمة الروسية الأوكرانية تتطور وسط ترجيحات أمريكية وأوروبية بهجوم روسى وشيك على أوكرانيا، وهو الأمر الذى تنفيه روسيا. وأعلنت روسيا أن بعض وحداتها المشاركة فى مناورات عسكرية ستبدأ فى العودة إلى قواعدها، ما يعطى بارقة أمل فى أن الكرملين ربما لا يخطط لغزو أوكرانيا قريبًا، رغم عدم ذكر تفاصيل بشأن الانسحاب. جاء هذا الإعلان، أمس الثلاثاء، بعد يوم من إشارة وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف إلى أن بلاده مستعدة لمواصلة مباحثات «المظالم الأمنية» التى أدت إلى الأزمة الأوكرانية، فى تغيير للنبرة بعد أسابيع من التوتر المتصاعد. مع ذلك، واصل المسئولون الغربيون التحذير من حدوث غزو فى أى لحظة، وقالوا إن بعض القوات والمعدات العسكرية الروسية تتحرك نحو الحدود. ولم يتضح موقع انتشار القوات التى قالت وزارة الدفاع الروسية إنها تنسحب، أو عدد القوات التى ستغادر، ما يزيد من صعوبة تقدير مدى أهمية هذه الخطوة. وفى لندن قال رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون: إنه «رغم وجود مؤشرات إيجابية، إلا أن روسيا بحاجة لسحب مجموعاتها القتالية التكتيكية من الحدود». وقالت وزيرة الخارجية البريطانية إن انسحابًا روسيًا كاملًا سيبعث رسالة بأن موسكو لن تغزو كييف. وأشارت الوزيرة إلى استمرار بعض التدريبات واسعة النطاق فى أنحاء البلاد. ودفعت الخطوة الروسية بسحب بعض القوات الأسواق العالمية والروبل إلى الارتفاع، لكن قادة أوكرانيا أعربوا عن شكوكهم. فقال وزير الخارجية الأوكرانى دميترو كوليبا إن «روسيا تدلى بتصريحات متباينة باستمرار، لهذا السبب لدينا قاعدة، لن نصدق عندما نسمع، سنصدق عندما نرى، عندما نرى القوات تنسحب، سنصدق بأن التصعيد توقف». كوليبا قال إن الجهود الدبلوماسية لكييف مع الحلفاء الغربيين تمكنت من تفادى قيامِ روسيا بمزيد من التصعيد على الحدود، مؤكدًا فى تصريحاتٍ صحفية، أن جهود الحوار والحل الدبلوماسى للأزمة مازالت متواصلة. وتأتى تصريحات كوليبا غداة ترك روسيا المجال مفتوحًا أمام مزيد من المحادثات مع دول الغرب، بهدف وضع حد لأزمة نجمت عن معارضة موسكو لتوسع حلف شمال الأطلسى فى شرق أوروبا، واحتمال انضمام أوكرانيا للحلف. وقال وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف، من جهته، إن الحوار مع واشنطن والناتو مهم، مؤكدًا أن المباحثات معهم بشأن الضمانات الأمنية طويلةِ الأمد ستتواصل. وأكد لافروف خلال مؤتمر صحفى مع نظيره البولندى زبيجنيو راو، أن الثقةَ مع منظمة التعاون والأمن فى أوروبا وصلت إلى أدنى مستوياتها. بدوره قال وزير خارجية بولندا: إن الأمن فى شرق أوروبا يمر بأزمة عميقة، مؤكدا أنه قدم لروسيا مقترحا للحوار عبر منظمة التعاون والأمن فى أوروبا. وتزامنا، بدأت المحادثات بين الرئيس الروسى فلاديمير بوتين والمستشار الألمانى أولاف شولتس فى موسكو، أمس الثلاثاء، فى إطار جهود دبلوماسية مستمرة منذ أسابيع، بهدف خفض التوتر بين روسيا والغرب بشأن أوكرانيا. وقال بوتين لدى بدء المحادثات «للأسف، سنخصص جزءًا كبيرًا من وقتنا اليوم لمسائل متعلقة بالوضع فى أوروبا والأمن وللمحادثات الجارية حول هذه المسألة لاسيما بما يتصل بأوكرانيا» بحسب ما نقل التلفزيون الروسى العام. من جهته قال شولتس «بالطبع، من الواضح أنه علينا الآن بحث الوضع الصعب المتعلق بالأمن فى أوروبا»، معربًا عن «سروره» للتمكن من إجراء هذه المحادثات. من جانبه، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسى، ينس ستولتنبرج، أمس، إن الإشارات الصادرة عن روسيا لمواصلة السبل الدبلوماسية بشأن أزمة أوكرانيا أمر إيجابي، لكن لا تتوافر أى مؤشرات إلى أن موسكو تسحب قواتها من الحدود. وأضاف الأمين العام لحلف «الناتو»، «هناك بعض الإشارات الروسية للرغبة فى الحوار ونحن نرحب بذلك ونشجعه». ويأتى إبداء «الناتو» لهذا التفاؤل الحذر فيما أكد الكرملين، بدء عملية سحب مقررة لجزء من القوات الروسية المنتشرة عند الحدود مع أوكرانيا، لكنه شدد على أن روسيا «ستواصل تحريك جنودها فى أنحاء البلاد كما تراه مناسبًا». وقال المتحدث باسم الكرملين دميترى بيسكوف للصحفيين: «قلنا دائما إنه بعد انتهاء التدريبات سيعود الجنود إلى قواعدهم الدائمة، ما من جديد هنا، إنها عملية عادية». وتعطى الخطوة بارقة أمل فى أن الكرملين ربما لا يخطط لغزو أوكرانيا قريبا، رغم عدم ذكر تفاصيل بشأن الانسحاب. وفى باريس قالت الحكومة الفرنسية، إن «باريس تتمسك بالحوار والدبلوماسية لخفض للتوتر على حدود أوكرانيا». وقال الناطق باسم الحكومة الفرنسية: «مازلنا بانتظار تأكيد انسحاب جزئى للقوات الروسية وإن حدث فعلا فهذه إشارة إيجابية». وأضاف الناطق باسم الحكومة الفرنسية «سنبقى فى أقصى درجات اليقظة وهناك مشاورات دولية مكثفة سيجريها الرئيس ماكرون فى الساعات المقبلة».