اتفقت 130 دولة، على فرض حد أدنى لضريبة عالمية على الشركات متعددة الجنسيات «لا تقل عن 15 %» ، وعلى وضع قواعد ضريبية جديدة تَحول دون تجنب الشركات متعددة الجنسيات دفع حصتها العادلة من الضرائب فى مختلف دول العالم التى تعمل بها. هذا الاتفاق تم التوصل له خلال أعمال المؤتمر الثانى عشر لأعضاء الإطار الشامل لبرنامج مكافحة تآكل الوعاء الضريبى ونقل الأرباح وهي 139 دولة على مستوى العالم بما فيها الدول الصناعية السبع الكبرى ونظمته منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، وشارك فى أعماله أكثر من 650 ممثلا عن الحكومات والمنظمات الدولية وعقد بخاصية الفيديو كونفرنس.
الاتفاق
أعلن ماتياس كورمان، الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية فى الميدان الاقتصادى، الذى كان يدير هذه المفاوضات فى بيان الخميس: «بعد سنوات من العمل والمفاوضات المكثفة ستضمن هذه الحزمة أن تدفع الشركات متعددة الجنسيات حصتها العادلة من الضرائب أينما تواجدت فى العالم». وشددت منظمة التعاون والتنمية فى الميدان الاقتصادى فى بيان على أن الآلية ستشكل «مساعدة ثمينة للدول» التى أنفقت كثيرًا خلال الجائحة، وعليها أن تمول عملية التعافى الاقتصادى. وشدد كورمان على أن «حزمة الإجراءات هذه لا تضع حدًا للمنافسة الضريبية، ولا تهدف إلى ذلك بل تسعى إلى الحد منها من خلال قواعد متفق عليها على صعيد متعدد الأطراف».
الشركات المستهدفة؟
يستهدف الإصلاح شركات التكنولوجيا الكبرى التى تدفع ضرائب زهيدة رغم الأرباح الكبيرة التى تحققها وتصل قيمتها عشرات مليارات وحتى مئات مليارات الدولارات، عبر إنشاء مقراتها فى دول حيث معدّل الضريبة على الشركات منخفض أو حتى منعدم. من بين هذه الشركات: آبل، أمازون، تويتر، فيس بوك
دول متحفظة
تحفظت مجموعة صغيرة من الدول ومن بينها إيرلندا والمجر واستونيا على الاتفاق الذى تم التفاوض بشأنه، ولم يوقعا على الإعلان الذى أبرم، وأكدت الحكومة الإيرلندية على لسان وزير المال، باسكال دونهوو، دعمها عموما للاتفاق مشيرة إلى أن هدفها هو إيجاد مخرج يمكن لإيرلندا دعمه
دول مؤيدة
أبرزها (الولاياتالمتحدة، فرنسا، ألمانيا، الصين، إيرلندا) انضمت الصين إلى الاتفاق، وقال الرئيس الأمريكى، جو بايدن، فى بيان تعليقًا على الاتفاق:» لن تتمكن الشركات متعددة الجنسيات بعد الآن، من أن تضع الدول المختلفة فى مواجهة بغية خفض مستوى الضريبة، وحماية أرباحها على حساب الإيرادات العامة». وأضاف: أن هذه الشركات «لن تتمكن بعد الآن من تجنب دفع حصتها العادلة من خلال إخفاء المكاسب التى حققتها فى الولاياتالمتحدة أو أى دولة أخرى تكون فيها الرسوم الضريبية أقل». أما وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، فاعتبرت بأن هذا «يوم تاريخى للدبلوماسية الاقتصادية». وأشادت ألمانيا، بالاتفاق ووصفته بأنه «خطوة جبارة نحو العدالة الضريبية». ورأى وزير الاقتصاد الفرنسى برونو لومير أنه «أهم اتفاق ضريبى دولى تم إبرامه خلال قرن». كما رحبت المفوضية الأوروبية بالاتفاق وأشار المتحدث باسم المفوضية الأوروبية دانيال فيرى، إلى أن الاتفاق، الذى رعته منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، سيمهد الطريق لحل دولى يؤمن سياسة ضريبية عالمية مبنية على التكافؤ والعدالة. وحاول المتحدث التقليل من شأن رفض ثلاث دول أعضاء فى الاتحاد قائلا: «نحن نحث كافة الدول على المشاركة فى هذا الاتفاق التاريخى وستقوم المفوضية بوضعه قيد التنفيذ سريعًا على المستوى الأوروبى حال الانتهاء منه وإقراره».
تخوفات
واعتبرت منظمة «أوكسفام» غير الحكومية أن الدول الغنية ستستفيد خصوصًا من الاتفاق الذى يخضع رغم ذلك، مفهوم الجنات الضريبية الكبيرة للضغط. وقالت:» ترغم الدول الغنية الدول النامية على الاختيار بين اتفاق لا يخدم مصالحها، وبين غياب الاتفاق» منددة فى بيان «بشكل جديد من الاستعمار الاقتصادى».
صناعات مستثناة
وأوضح النص، أن صناعات التعدين كمثل المناجم والخدمات المالية المنظمة سوف تستبعد من هذا الجانب لكن لن تستثنى من ضريبة الحد الأدنى.
الشركات الرقمية
وقال الاتحاد المهنى للشركات الرقمية الذى يضم «أمازون»، و»فيسبوك»، إنه «ينتظر بفارغ الصبر المشاركة فى تفاصيل خطة التطبيق. وقال الاتحاد مات شرورز، إن الاتحاد يحض الدول على إلغاء الضرائب على الخدمات الرقمية الراهنة والتخلى «عن مشاريع أخرى مماثلة يتم دراستها».
التطبيق فى 2023
وحدد المشاركون فى المفاوضات مهلة حتى أكتوبر المقبل، «لاستكمال الجوانب التقنية» وتحضير «خطة تطبيق تصبح نافذة فى 2023». ويتوقع أن يقر وزراء المال فى مجموعة العشرين، الذين يجتمعون الأسبوع المقبل فى البندقية التقدم الفنى، والسياسى المسجل فى اجتماع الخميس الماضى. وكان اتفاق أول ضمن مجموعة السبع مطلع يونيو فى لندن أعطى دفعًا جديدًا للمفاوضات التى تعطلت خلال عهد دونالد ترامب، وأحياها جو بايدن، بعد دخوله البيت الأبيض.
مصر
وأكد وزير المالية المصرى، محمد معيط، أن هذا الاتفاق التاريخى يحافظ على حقوق مصر من حصيلة الضرائب على نشاط الشركات متعددة الجنسيات فى مصر، حيث إنه يكلل جهود وزارة المالية فى مكافحة عمليات نقل الأرباح والتآكل الضريبي، متوقعا أن يسهم هذا الاتفاق الدولى فى تعزيز الإيرادات الضريبية لمصر من نشاط شركات العالمية العاملة بالاقتصاد الرقمى. من جانبه قال رامى يوسف مستشار وزير المالية للسياسات الضريبية: إن مصر شاركت على مدى سنوات بجهد كبير فى صياغة هذا الاتفاق الضريبى، لافتا إلى أن مصر أعربت خلال المؤتمر عن دعمها لهذا الاتفاق الهيكلى الذى أعلنت 130 دولة بجانب مصر تأييدها إلى ما تم التوصل إليه متوقعًا انضمام دول أخرى للاتفاق مستقبلا. وأوضح أن مصر ستعمل مع أعضاء الإطار الشامل لبرنامج مكافحة تآكل الوعاء الضريبى ونقل الأرباح لوضع التفاصيل الفنية للاتفاق خلال الشهور القادمة من أجل صياغة الاتفاق النهائى بحلول أكتوبر 2021.