تذكرت النائب – الحمد لله أنه أصبح سابقا – «عبد الرحيم الغول».. فهو كان المسئول فى الحزب الوطنى الساقط، عن المواجهة البدنية ضد نواب المعارضة.. وفى برلمان الأحزاب المفقوسة عن الإخوان والسلف.. أعلن نائب لا أعرف اسمه، عن حقه فى وراثة مكانة ودور الغول.. هذا النائب الذى قفز فى خفة ورشاقة، وحاول الاعتداء على النائب المحترم «محمد أبو حامد» لحظة أن رفع الخرطوش أمام أعضاء مجلس الشعب. وبناء عليه.. كما يقول الدكتور «محمد سعد الكتاتنى» أستطيع القول: إن الأحزاب المفقوسة عن الإخوان والسلف.. أرادت أن تجعلنا نجتر ذكريات الحزب الوطنى الساقط.. ففى هذا البرلمان «أحمد عز» جديد.. و«مفيد شهاب» جديد.. و«حمدى السيد» جديد.. و«زكريا عزمى» جديد.. إلى آخر تلك القائمة من الذين ذهبوا إلى «بورتو طرة» وخرج سكانه ليحتلوا البرلمان! حالة من الإحباط والذهول تسيطر على الرأى العام المصرى.. فقد كانت الملايين التى خرجت، لتودع ثقتها فى الأحزاب المفقوسة عن الإخوان والسلف.. لا تتصور إطلاقا أن يأتى يوم – بهذه السرعة – يدافع فيه أولئك عن وزير الداخلية والحكومة بتلك الشراسة.. فضلا عن استخدام الأغلبية الميكانيكية تصويتا وتصفيقا للتعبير عن رأيها.. وإن كان الدكتور «فتحى سرور» رهين طرة الآن، يتمتع بقدرات فى تحريك ما ملكت أيمانه من نواب الأغلبية.. فالدكتور «سعد الكتاتنى» يتعامل مع ما ملكت أيمانه من نواب بطريقة تفجر الضحكات! وبما أن السلف الصالح قالوا: «الجواب يبان من عنوانه» فنحن أمام عنوان المراوحة فى ذات المكان.. أى أن الثورة المصرية مازالت قابعة على أرض مطار التحرير.. تبحث لنفسها عن قائد يقلع بطائرتها.. وظنى أن هذا البرلمان يمكن أن يقدم لنا هذا القائد! وفى بطن هذا البرلمان ما يجعلنا نعتقد أنه حمل كاذب.. وستمضى الشهور التسعة القادمة، دون أن يلد جنينا.. وذلك ليس تشاؤما أو رجما بالغيب.. وإن حاولتم السؤال عن العلامات التى تشير لذلك.. أستطيع أن أدلكم عليها: أولا: إن هذا برلمان يضم أغلبية ساحقة لا تجيد الإنصات.. كما لا تجيد فن الحديث.. لكنهم خبراء فى لغة الإشارة!.. وإن كانت تلك الأغلبية تؤمن بموقف واحد.. فهى تعرف كيف تبكى على مشاعر أب – نائب – سقط ابنه مصابا خلال الثورة.. لكنها لا تملك إظهار علامات الحزن والغضب عندما سقط العشرات من شباب هذا الوطن خلال نصف ساعة.. وتكفى واقعة إهداء رئيس البرلمان لقطعة حلوى ألقى بها إلى أحد النواب فكان أن عبرت الأغلبية عن سعادتها بالضحك والقهقهة.. قبل أن تجف دماء الشهداء! ثانيا: إن هذا البرلمان يتعلم فن مصادرة آراء النواب.. لاحظ أن الصوت ينقطع عن معظم النواب خلال حديثهم.. لكن هناك نفر قليل من النواب الذين يجوز وصفهم بأنهم «نواب 5 نجوم» يعجز رئيس البرلمان عن قطع الصوت عنهم.. لنا فى الدكتور «عصام العريان» مثلا ونموذجا.. ومن بعده يأتى الدكتور «محمد البلتاجى»» بما يعنى أن رئيس البرلمان لديه قائمة يعجز عن تطبيق اللائحة والقانون عليها.. وقد كان هناك فى زمن «فتحى سرور» قائمة مماثلة، تذكرون نجومها يتقدمهم «زكريا عزمى» و«أحمد عز» و»كمال الشاذلى».. وفيما يبدو أن القائمة التى يتعامل بها الدكتور «سعد الكتاتنى» وقعها المرشد العام لما يسمى بجماعة الإخوان المسلمين.. أما قائمة الدكتور «فتحى سرور» فقد كانت موقعة من «صفوت الشريف» المرشد العام لما كان يسمى بالحزب الوطنى الساقط! ثالثا: إن الدكتور «فتحى سرور» كان مبدعا فى شيطنة المعارضة وردعها.. فإذا بالدكتور «سعد الكتاتنى» أكثر إبداعا فى القيام بهذا الدور.. والفارق بينهما أن الدكتور «سعد الكتاتنى» لا يترك شاردة ولا واردة دون التعليق عليها.. فالرجل كان يعانى من حالة «ردع سرورى» يعالج نفسه منها بأن يتعامل كنائب – 5 نجوم – ورئيس للبرلمان فى الوقت ذاته.. وإذا كان الدكتور «فتحى سرور» قد رافقه أسدين يمثلان طليعة حراسه.. غير فرقة من التابعين فى جهاز الحراسة.. وعلى نهجه يمضى الدكتور «سعد الكتاتنى» مرفوقا بموكب يتجاوز فى أبهته وإمكانياته ما كان يرافق رئيس البرلمان المسجون.. وإن كان «فتحى سرور» قد نجح فى التعتيم على ما كان يحصل عليه من رواتب ومكافآت ومخصصات.. فإن الدكتور «سعد الكتاتنى» يحرص على رعاية هذا النجاح.. فلم يعلن على الشعب أيا من تفاصيل تلك الأسرار البرلمانية العليا! رابعا: إن الدكتور «فتحى سرور» كان بارعا فى توجيه الأنظار تجاه القضايا الفرعية، ليشغل الرأى العام عن القضايا الأساسية والساخنة.. ويبدو أن الدكتور «سعد الكتاتنى» يحرص على محاكاته فى هذا النهج.. فقد استطاع ببراعة أن يشغلنا بحكاية أنابيب البوتاجاز وقت أن كانت الدماء تسيل فى الشوارع ومواكب الشهداء تأخذ طريقها إلى المقابر.. واعتقد أنه طمس معالم مجزرة بورسعيد.. وفشل فى تقديم ملامح حل لأزمة أنابيب البوتاجاز. خامسا: كان الدكتور «فتحى سرور» يحمى البرلمان بقوة «حبيب العادلى» الأمنية الإرهابية الرادعة.. أما الدكتور «سعد الكتاتنى» فهو يحمى البرلمان بالجدران العازلة والأسلاك الشائكة مع قوة عسكرية وشرطية.. ثم أضاف إلى كل ذلك حائطاً بشرياً من شباب ما يسمى بجماعة الإخوان المسلمين.. أى أن كليهما لا يثق فى أن الشعب الذى يدعى انه انتخبه، يقدر على حمايته. سادسا: كان الدكتور «فتحى سرور» لا يأتمن أكثر من عشرة نواب على كل اللجان التى يشكلها.. فإذا بالدكتور «سعد الكتاتنى» يحرص على تصدير 10 من المبشرين برضاء المرشد فى واجهة المشهد. كل تلك عناوين للبرلمان الجديد، وعنوانه لا يختلف عن عنوان أى برلمان سابق.. اللهم إلا أن البرلمانات السابقة كانت تأتى بتزوير الانتخابات.. أما البرلمان الجديد فقد جاء بإرادة شعبية تغلى فى هذا الأيام، ويلعن كل من انتخبوه أنفسهم!.. وبما أن الخطوات الأولى تشكل مقدمات للنتائج.. فاسمحوا لى أن أرفع الراية السوداء من على الشط وأحمل الصافرة لتدوى، مناديا الجميع أن يتكاتفوا لإنقاذ من ألقى بنفسه فى منطقة دوامات تؤدى إلى الغرق!