يترقب المصريون كل عام رؤية هلال شهر رمضان المعظم، الذى اعتادوا أن يُعلنه فضيلة مفتى الديار المصرية فى المذياع أو التلفاز، كما يتابعون ما ينطق به القاضى فى المحاكم بإحالة أوراق المتهم لفضيلة المفتى لاستطلاع رأيه فى حكمها بالإعدام، وغيرها من المهام الفقهية والشرعية والقضائية. والحقيقة أن دار الإفتاء المصرية تنهض عبر 125 عامًا ؛ منذ نشأتها عام 1895 م وحتى العام 2020 م.. بدور فعال لنشر الوعى والوطنية بين جموع المواطنين فى مشارق الأرض ومغاربها، وذلك بتجديد الخطاب(والفكر) الدينى ومعالجة فوضى الفتاوى، بل وتدعم البحث الفقهى بين المشتغلين بالإفتاء فى كل بلدان العالم الإسلامي؛ حيث تقوم بدورها التاريخى والحضارى من خلال إماطة اللثام عن جوهر الدين الإسلامى الحنيف، وكشف ضلالات أدعياء الفُتيا، وذلك بالأحكام الشرعية المستندة إلى أدلة وبراهين من الكتاب والسنة الصحيحة الموثوق فى سندها، والمقاصد الكلية العليا للشريعة الإسلامية السمحة، حتى حازت دار الإفتاء المصرية ثقة العالم، بتأسيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم عام 2015 فى مصر، وفاز بمنصب الرئيس فضيلة مفتى الديار المصرية الأستاذ الدكتور شوقى علام، والأمين العام فضيلة الأستاذ الدكتور إبراهيم نجم.
ومن أهم آليات ذلك الوعى، وتلك الوطنية ؛ الموقع الإلكترونى الخدمى الذى أنشأته دار الإفتاء المصرية وبثته على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) تلبية للتقدم التكنولوجى باستخدام أحدث الوسائل لخدمة العملية الإفتائية، واستجابة للاتساع والتزايد المستمر فى حالات الفتوى، وإسهامًا منها فى ضبط واستقرار أسس وطرائق الفتوى، درءًا للفوضى والتخبط اللذين تموج بهما ساحة الفتوى الشرعية، فيقوم هذا الموقع التنويرى المهم، بنشر فتاوى دار الإفتاء على موقع دار الإفتاء المصرية، وهذه الفتاوى هى نماذج لما تصدره دار الإفتاء المصرية من فتاوى مختارة تمثل منهج الدار فى الفتوى كما تعبر عن اختياراتها الشرعية فى كثير من المسائل المطروحة على الساحة الإفتائية.. وتُنشر الفتاوى باللغة العربية، وبلغات أخرى منها: الإنجليزية، الألمانية، الفرنسية، وغيرها.. وكذلك يضطلع الموقع الإلكترونى بالتواصل مع طالبى الفتوى على المستويين المحلى والعالمي؛ حيث يتلقى قسم الفتاوى الإلكترونية بالموقع الأسئلة من جميع أنحاء العالم باللغة العربية وبغيرها من اللغات المختلفة، وذلك على القسم المختص بتلقى الأسئلة على الموقع الإلكترونى للدار، فيتولى القسم الإجابة على الفتاوى الواردة، ويقوم قسم الترجمة بترجمة الأسئلة الواردة بغير اللغة العربية لتجيب عليها أمانة الفتوى ثم يترجم قسم الترجمة الإجابة إلى لغة السائل، وذلك فضلًا عما ينشره الموقع من الأبحاث الشرعية والقضايا الإسلامية والردود على الشبهات والبيانات التى تصدرها الدار، والتى أنتجها قسم الأبحاث الشرعية من خلال شعبه المختلفة؛ كالبحوث الشرعية، والقضايا الإسلامية والفكرية، ومسائل القيم والأخلاق، والرد على الشبهات.. وأخيرًا يقوم الموقع بنشر ما تصدره دار الإفتاء المصرية من بيانات من حين لآخر.
وتمثل إدارة تكنولوجيا المعلومات، واحدة من أهم الإدارات المستحدثة بدار الإفتاء المصرية، والتى تسهم بدور كبير فى تنمية الوعى الجمعى العالمى، ومن مهامها؛ إنشاء وتحديث وصيانة البنية التحتية التكنولوجية وكذلك الميكنة الكاملة للعمل بدار الإفتاء للاستفادة من الثورة المعلوماتية وإتاحة الوصول للمعلومات بسرعة وفاعلية، لذلك فالإدارة شريكة فى أعمال أغلب إدارات الدار.. وهو ماتحقق بالفعل من خلال توفير أحدث البرامج والأجهزة والخوادم وبناء شبكات الحاسب الآلى بالدار وفروعها وربط الدار بشبكة المعلومات الدولية ومصادر المعلومات الإلكترونية لسهولة الحصول على الكتب والدوريات والأبحاث العلمية والموسوعات وإتاحتها لمستخدمى الدار داخليًا وخارجيًا ودعم وتدريب العاملين بالدار للتعامل مع هذه الثورة المعلوماتية..بالإضافة إلى ميكنة إجراءات العمل فى جميع إدارات الدار والربط والتواصل بينها لتيسير وتسهيل العمل والوصول السريع للمعلومات للعاملين بالدار بما ينعكس على عموم المواطنين والمستفيدين بالإضافة إلى ميكنة طرق ورود الفتاوى الى الدار من مقابلات شخصية وبريد وفاكس وهاتف وإنترنت. وقد حظيت دار الإفتاء المصرية عبر مسيرتها الطويلة بأصحاب الفضيلة الكرام ممن تولوا منصب مفتى الديار المصرية، وبجانبهم ومعهم صفوة من العلماء الأجلاء، وجميعهم قامات علمية وفقهية ووطنية كبيرة.
وتشرفتُ فى رحلة الحج عام 2016، بصحبة فضيلة المفتى العالم الجليل الأستاذ الدكتور شوقى علام، وفضيلة مستشار الدار العالم الجليل الأستاذ الدكتور إبراهيم نجم، مع نخبة من علماء الفقه والشريعة فى ندوة الحج الكبرى التى تنظمها سنويًا وزارة الحج والعمرة السعودية، وتدعوا إليها هؤلاء العلماء، فى أقدس بقاع الأرض وقبيل شعيرة من أهم شعائر الإسلام، ليضعوا أمام العالم رؤاهم وأفكارهم المستنيرة والمتجددة.
تحية تقدير لجهود دار الإفتاء المصرية فى نشر الوعى والوطنية لمواجهة حروب الجيل الرابع والخامس التى تستهدف هدم الدول وبالقانون تحيا مصر.
