تفتت أصوات الثورة الأولي.. فما عادت مستمرة علي مطلب موحد يبني وطناً ومستقبلاً وغداً أفضل فاستخدمت الحد الآخر من سلاح التظاهر والاعتصام.. فعلي غرار ثورة يناير التي أسقطت نظاماً فاسداً علت أصوات أخري تطالب بحقها كل علي حدة وتسعي باعتصامها وقطعها للطرق إلي إسقاط الدولة .. وبذلك تنفي عنها السلمية. تقول د. عزة كريم أستاذ علم الاجتماع: إن التأثير السلبي للاعتصامات علي الجانب الأمني والاقتصادي في المجتمع بالغ الصعوبة، والشعب وحده يدفع فاتورة كل ذلك.. وبناء عليه يجب الرجوع إلي أسباب الاعتصامات والإضرابات التي تصاعدت مع الوقت إلي قطع الطرق ففي بداية الثورة كان هناك ثقة مطلقة بين المجلس العسكري والشعب فكان الاعتصام يأخذ شكلاً مختلفاً فكان العمال يعتصمون بأماكن عملهم دون قطع الطرق والإضرار بمصالح المواطنين وخلال عام من الوعود لم يحدث أي تطور إيجابي مما تسبب في زعزعة الثقة فالشعب لم تتحقق له مطالبه واحتياجات أفراده الخاصة أو العامة فأصبح سلاح المواطنين الاعتصام والبلطجة وقطع الطرق بينما سلاح المجلس التلويح بالوعود والأسلحة النارية وكلا السلاحين غير مؤثر.. مما أدي إلي خسائر واضحة علي كافة أطياف الشعب أمنياً اقتصاديا واجتماعيا. وتؤكد د. عزة أن المجلس العسكري وحده هو من يستطيع إعادة الثقة إلي الشعب وإنهاء حالة الانفلات الأمني والبلطجة من خلال الوفاء بالوعود وعودة الأمن وإنهاء حالة الفراغ الأمني بيد قوية تقبض زمام الأمور.. ففي حادث سرقة البنك لم نر شرطياً واحداً في موقع الحادث بينما لم يجرؤ بلطجي واحد علي الظهور أمام اللجان الانتخابية لأنها في حماية الجيش وهو ما يضع علامة استفهام كبيرة ؟ حول طبيعة الأفراد المندسة والطرف الثالث والأيادي الخفية التي نسمع عنها ولم نر يداً تمتد لردعها والذود عن الوطن والدفاع عن أمن مواطنيه. في ذات السياق أشارت د.سامية السعاتي إلي أن حل تلك المشكلة في زيادة الوعي لدي المواطنين والقضاء علي فلسفة تغليب الأنا علي المصلحة العامة.. فهي تري أن ما يفعلونه ليس من أجل مصر وإعادتها لهيكل وكيان قوي.. وإنما يسعي الجميع لإضعاف هيبتها وتهديد أمنها بالسعي خلف مصلحته كفرد دون النظر إلي مصلحة مجتمع كامل خرج حديثاً من رحم الديمقراطية ليمارسها علي أرض الواقع وهو يدخلنا جميعاً في دائرة لا نهاية لها صعب الخروج منها. موقف متخاذل للدولة أما من الناحية القانونية فتقول نادية عبد الله الشربيني محامية ورئيس المؤسسة القومية لحقوق الصم والبكم منذ قيام الثورة حتي الآن لم تأخذ الدولة موقفاً جاداً لوقف التظاهرات والاعتصامات بغض النظر عن الدافع لها فهناك إجراءات للتظاهرات السلمية لا يقوم بها أحد الآن وبالتالي فالبلد في حالة فوضي عارمة فيمكن لأي مجموعة من المواطنين أي كان عددهم القيام بوقفات احتجاجية واعتصامات وقطع للطرق دون المساس بهم ولكن هذه الإجراءات كانت مفعلة قبل الثورة علي رأسها التصريح الأمني كان يخرج من قبل أمن الدولة أو مديرية الأمن لحماية وتأمين التظاهرة حتي لو لم تحصل علي التصريح يكفي إبلاغ الجهة الأمنية حتي يكون لهم صلاحية لعمل وقفة احتجاجية دون أن يكون أصحابها مساءلين قانونيا وتكون الوقفة تحت حماية الأمن. وتؤكد نادية أن تنبيه الأمن للوقفات وأماكنها وأسبابها قبل التظاهر قد يكون عامل علي تنبيه المسئولين للمشكلة قبل تصاعدها فتصبح أزمة.. وهو بالفعل ماحدث معنا عندما قررنا القيام بوقفة احتجاجية نطالب فيها بمجلس قومي للمعاقين اقتداء بالمجلس القومي لرعاية أسر الشهداء.. مما دفعني للسعي للحصول علي تصريح أمني ووصل الخبر لمكتب رئيس الوزراء الذي أبدي استعداده لتلبية المطالب وبالتالي لم يصبح هناك دافع للتظاهر . وتري نادية أن المشكلة أن الجميع ينظر إلي مطالبه الخاصة بغض النظر ما إذا كان ذلك سيؤثر سلباً بقطعه للطرق وتعطيل مصالح المواطنين « لاضرر ولا ضرار» فضلا عن سياسة الطبطبة التي تنتهجها الدولة بشكل مستفز وعدم تفعيل مواد القانون الموجودة بالفعل والتي تجرم الإضرار بالأمن الوطني وتضع كل من يحرض علي ذلك تحت طائلة القانون مثل قانون تجريم تعطيل المواصلات العامة حتي تعود هيبة الدولة كما تطالب بوضع نصوص قانونية حاسمة لمنع تظاهرات دون تصريح قانوني وهيئة تراقب الجمعيات ومؤسسات الدول وسير العمل بها وحقوق العاملين بها حتي لا تدفعهم للتظاهر مطالبين بهذه الحقوق. وعلي الرغم من إعلان د. كمال الجنزوري رئيس الوزراء أن تعطيل المواصلات العامة وقطع الطرق عقوبته تصل إلي المؤبد وربما الاعدام لكن ذلك لم يجد صدي لدي البعض والدليل استمرار الاعتصامات وقطع خطوط السكة الحديد حتي يومنا هذا.. فيما وصف الدكتور محمد القوصي وزير الأوقاف قاطعي المرافق الحيوية والطريق كمثل «الذي يقتل نفسًا». وعقب الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف علي فتوي تحريم قطع الطريق بأن قاطع الطريق هو محارب لله ورسوله ويطبق عليه حد الحرابة. وأكد بيومي أن النص القرآني ترك للقاضي حق الاختيار، ما بين القتل أو الصلب أو قطع الأيدي والأرجل من خلاف أو النفي من الأرض، لافتًا إلي أنه علي القاضي الاختيار من بين العقوبات التي نص عليها القرآن بما يتوافق مع الحجم الذي وصلت إليه الجريمة.