يظل الانتماء المصرى للقارة الأفريقية فى صدارة دوائر السياسة الخارجية، بل يشكل أحد المعالم الرئيسية فى تاريخ مصر، فضلا عن دوره فى تطوير حاضر البلاد وصياغة مستقبلها، حيث يحرص الرئيس عبدالفتاح السيسى، على التواصل بصفة مستمرة مع قادة الدول الأفريقية، وذلك من خلال الزيارات المتبادلة أو الاتصالات الهاتفية ومشاركة الرئيس فى جميع الاجتماعات والقمم التى تعقد على مستوى قادة القارة. ومنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئاسة الجمهورية، سعت مصر إلى لعب دور فاعل ونشط فى مختلف آليات العمل الأفريقى المشترك، حيث حرص على تعظيم الدور المصرى فى أفريقيا، من خلال تنشيط التعاون بين مصر والأشقاء الأفارقة فى جميع المجالات، الأمر الذى انعكس فى القيام بالعديد من الزيارات واستقبال المسئولين الأفارقة فى مصر، وما شهدته تلك الزيارات من توقيع العديد من الاتفاقات الثنائية بين مصر والدول الأفريقية بهدف دعم التعاون الاقتصادى. ولا شك أن جهود وتحركات ترسيخ الدور الريادى لمصر فى القارة، توج برئاسة السيسى الاتحاد الإفريقى خلال العام الماضى، حيث واصلت مصر التعاون على المستوى الثنائى مع جميع دول القارة الأفريقية، وتابعت وتفاعلت بإيجابية مع التطورات فى القارة، الأمر الذى انعكس على حجم الزيارات المتبادلة واللقاءات رفيعة المستوى بين مصر والدول الأفريقية. كما يقوم الوزير سامح شكرى، ووزراء الحكومة المصرية بالعديد من الزيارات إلى البلدان الأفريقية لخلق فرص جديدة للتعاون وإرساء شراكات ثنائية تحقق مصالح متبادلة للشعب المصرى، والشعوب الأفريقية الشقيقة. وفى هذا الإطار جاء دور الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية فى أفريقيا التى تقوم بالمساهمة من خلال عملها فى بناء قدرات أشقائنا الأفارقة فى مختلف المجالات ثمرة واضحة لهذا النهج والتوجه المصرى لإعلاء مفهوم الشراكة والمصالح المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة لدول القارة السمراء. ومنذ عام 2014، ومع وصول السيسى إلى الحكم فى البلاد، حرصت مصر على إقامة علاقات متوازنة والاحترام والمصالح المتبادلة مع جميع دول العالم شرقا وغربا، شمالا وجنوبا وعززت روابط عميقة مع مختلف البلدان سواء مع الدول العربية والأفريقية الشقيقة، أو مع القوى الكبرى، وفى مقدمتها الولاياتالمتحدة وأوروبا واليابان والانفتاح على قوى أخرى مثل روسيا والصين. كما تشهد العلاقات بين مصر وشركائها فى آسيا زخما كبيرا يقوم على أساس تبادل المصالح، ناهيك أن العلاقات «المصرية الأوروبية» شهدت دفعة قوية خلال ال 4 أعوام الماضية، سواء على المستوى الثنائى من خلال زيارات الرئيس لكل من ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا والمجر والبرتغال، أو متعددة الأطراف من بينها آلية التعاون الثلاثى مع اليونان وقبرص، أو تطوير العلاقات إلى مستوى الشراكة مع دول «فيشجراد» من خلال المشاركة الأولى لمصر فى أعمال هذه القمة.
«مصر».. منارة الدفاع عن القضايا العربية والأفريقية ومكافحة الإرهاب فى مجلس الأمن
بعد وصول الرئيس السيسى إلى الحكم، قامت الدبلوماسية المصرية بجهود مكثفة لاستعادة الدور المصرى الريادى على الساحة الأممية، وهو ما تُوج بانتخاب مصر لعضوية المقعد غير الدائم فى مجلس الأمن الدولى عام 2015 بدعم واسع من الجمعية العامة، ما يعكس تقدير المجتمع الدولى لمصر ودورها فى الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. وخلال عضويتها فى المجلس، ركزت مصر على دعم القضايا الأفريقية والعربية وقضايا الدول النامية، إذ تمثلت أولويات مصر داخل مجلس الأمن فى الدفاع عن القضايا العربية، والأفريقية، ومكافحة الإرهاب، وتسوية النزاعات فى الشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. وجاءت عضوية مصر فى المجلس فى ظل تحديات جسيمة تواجه المنطقة، حيث عملت مصر من خلال عضويتها بالمجلس على حماية المصالح العربية، والدفع بحلول بناءة لأزمات القارة الأفريقية والدول العربية، وقد حققت عضوية مصر فى مجلس الأمن إنجازات كبيرة عكستها مواقف الوفد المصرى تجاه العديد من القضايا المهمة وعلى رأسها مكافحة الإرهاب الذى بات يهدد دول العالم كافة. وعلى مستوى العلاقات المصرية مع الدول العربية ودول الجوار: شهد عام 2019 تدشين آلية التعاون الثلاثى بين «مصر العراقالأردن» عبر عقد القمة الأولى لزعماء الدول الثلاث بمشاركة رئيس الجمهورية بالقاهرة فى 24 مارس 2019، التى تم الاتفاق خلالها على دفع التعاون والتنسيق والتكامل بين الدول الثلاث فى مختلف المجالات، فضلا عن عقد القمة الثلاثية الثانية بمشاركة رئيس الجمهورية على هامش افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك فى 22 سبتمبر 2019.
«القاهرة» فى الصفوف الأمامية لمحاربة الإرهاب إقليميًًا ودوليًًا
كثفت مصر خلال السنوات ال 6 الماضية، وفى ضوء ما عانته ولا تزال من الإرهاب البغيض الذى راح ضحيته المئات من أبناء الشعب المصرى، خاصة من أفراد الجيش والشرطة، الجهود المحلية والإقليمية والدولية لمكافحة ظاهرة الإرهاب التى تتصاعد على مستوى العالم، حتى أصبحت مصر تقف فى الصفوف الأمامية لمحاربة الإرهاب إقليميا ودوليا، وتتعاون القاهرة مع الشركاء فى المنطقة وخارجها لمواجهة الفكر المتطرف والأنشطة الإرهابية التى تنتج عنه باعتبار مصر هى موطن الأزهر الشريف ودار الإفتاء، وهما أهم مراكز الفكر الإسلامى الوسطى على مستوى العالم. وتشارك مصر بفاعلية فى الائتلاف الدولى لمحاربة تنظيم داعش الإرهابى، حيث تولت رئاسة لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن الدولى، وقامت فى هذا الإطار بعدد من المبادرات الرامية لتعزيز التعاون والتنسيق الدوليين فى إطار مكافحة الإرهاب، ومحاولة إيجاد حلول مستدامة تستهدف التعامل مع جذور ظاهرة التطرف.
3 خطوط حمراء للتعامل مع الملف الليبى
ارتكزت الدبلوماسية والسياسة الخارجية المصرية فيما يخص الأوضاع على الساحة الليبية على 3 مبادئ تكمن فى احترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، أولها: عدم التدخل فى الشئون الداخلية لليبيا، وثانيها: الحفاظ على استقلالها السياسى، وثالثها: الالتزام بالحوار الشامل ونبذ العنف. وفى هذا الإطار استضافت مصر وعقدت العديد من الاجتماعات مع مختلف الأطراف الليبية، خاصةً البرلمانيين الليبيين، وكذا القوى الإقليمية والدولية المعنية بالأزمة فى ليبيا، فضلاً عن المشاركة بالمؤتمرات الإقليمية والدولية حول ليبيا، بهدف تناول الجهود المصرية الرامية لاستعادة الأمن والاستقرار هناك. وكذلك، الانخراط فى عملية برلين فى إطار السعى نحو إيجاد حل شامل يتضمن التعامل مع جميع عناصر الأزمة الليبية من النواحى السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها، وبما يسمح بالتوصل إلى تسوية مُستدامة للأزمة، ويُحافظ على وحدة ليبيا وسلامة أراضيها، بالإضافة إلى تنظيم مؤتمر لزعماء القبائل الليبية بهدف التوصل إلى حل سلمى يدعم الاستقرار ويسهم فى دفع جهود التنمية والتعاون فى شتى المجالات، فضلا عن محاربة الإرهاب. وفى إطار حرصها على العمل على استعادة الأمن والاستقرار فى ربوع ليبيا، قامت مصر بتشكيل اللجنة الوطنية المعنية بالأزمة الليبية، وبعد 6 سنوات من تولى القيادة السياسية، تواصل مصر دعمها للشعب الليبى الشقيق وتعمل على استعادة الاستقرار والحفاظ على وحدة وأراضى البلد الشقيق فى مواجهة التدخلات والأطماع، وهو ما عكسته مبادرة «إعلان القاهرة»، التى أطلقت فى شهر يونيو 2020 من مصر برعاية الرئيس السيسى لوقف إطلاق النار فى ليبيا وهى ما حظيت بترحيب دولى كبير.
جهود حثيثة لوقف نزيف الدم السورى
جاءت التحديات التى فرضتها تطورات الأزمة السورية واتصالها الوثيق بالأمن القومى المصرى والعربى لتدفع بالقضية السورية لصدارة أولويات تحركات السياسة الخارجية المصرية، حيث عملت مصر وما زالت جاهدةً على دعم جميع السُبل الرامية لإنهاء معاناة الشعب السورى الشقيق ووضع نهاية للصراع، مع تأكيد ضرورة الحفاظ على كيان الدولة السورية ومؤسساتها والعمل على استعادة الأمن والاستقرار فى ربوع البلاد وبين أطياف الشعب كافة، وحرصت مصر على إنجاح مهمة مبعوث الأممالمتحدة تنفيذًا لمخرجات مؤتمر جنيف ومجلس الأمن 2254. وبذلت الدبلوماسية المصرية جهودًا حثيثة لوقف نزيف الدم السورى، وتم تقديم منصة وطنية للمعارضة السورية – يقودها السوريون أنفسهم – من خلال رعاية مصر لمجموعة تستقطب معارضة وطنية معتدلة تسعى إلى التوصل لحلٍ سياسى يؤسس لدولة مدنية سورية تحافظ على وحدة أراضيها وترابط أطيافها المجتمعية والدينية، مع الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية. وتم عقد «مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية» فى يناير 2015، ثم عقد مؤتمر ثان موسع بالقاهرة فى يونيو 2015 صدرت عنه وثيقتا «خارطة الطريق» و«الميثاق الوطنى السورى»، وانطلاقاً من ثوابت الموقف المصرى المتوازن إزاء الأزمة السورية، تحرص مصر على السعى نحو دعم جهود التوصل إلى تسوية سياسية، مع تأكيد أهمية الحفاظ على وحدة واستقلال وسيادة الأراضى السورية وضمان أمن وسلامة الشعب السورى واستقرار وتماسك الدولة السورية بمؤسساتها الوطنية، فضلاً عن رفض العدوان التركى الأخير على الأراضى السورية، الموقف الذى يتسق مع المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية المصرية ويحظى بتقدير المجتمع الدولى.