يسطر الأطقم الطبية ملحمة وطنية جديدة داخل مستشفيات الحجر الصحى بمختلف محافظات الجمهورية فى الحرب الشرسة التى يخوضونها لمواجهة فيروس « كورونا» المستجد، حيث يقدمون أروع الأمثلة فى التضحية والفداء لمراعاة المرضى حتى الشفاء دون التفكير فى أنفسهم أو خوفا من الإصابة به، يتركون أبناءهم وأسرهم لمدة 28 يوما متتالية دون كلل أو خوف، يقومون باستقبال المصابين وتقديم الرعاية الصحية المطلوبة لهم على أكمل وجه. ليس ذلك فقط بل تقوم الدولة بتوفير جميع أنواع الاحتياجات المطلوبة التى تساعد أبطال الجيش الأبيض من الأطباء على مجابهة هذا المرض اللعين والقضاء عليه باستخدام الأدوية الطبية بكافة أنواعها، بالإضافة إلى المستلزمات الطبية، ومستلزمات الواقيات الشخصية ومكافحة العدوى، فضلاً عن الأجهزة الطبية الحديثة، كما أن هؤلاء الأطباء يضحون بكل غال ونفيس للتغلب على هذا الوباء القاتل التى ينتشر فى كافة أنحاء الجمهورية. وتحدث عدد من أطباء مستشفى العزل ل«روزاليوسف» عن دورهم فى رعاية المرضى بالاضافة لدور الدولة فى الحفاظ على أطقمها الطبية من خطر العدوى أثناء تأدية واجبهم الوطنى. حملت الدولة المصرية على عاتقها مسئولية مكافحة فيروس كورونا المستجد منذ البداية، وقبل وصول الفيروس لمصر، عندما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن «كورونا» وباء عالمى، قتل وأصاب الآلاف من سكان مدينة «ووهان» الصينية، ومن ذلك الوقت فى نهاية يناير الماضى أن بدأت وزارة الصحة فى تجهيز مستشفى «النجيلة» بمطروح، ليكون مستشفى عزل صحى، تحسبا لوقوع حالات مصابة بفيروس كورونا، ودعت الأطقم الطبية للعمل بها مقابل مكافآت مالية كبيرة تصل إلى 20 ألف جنيه خلال ال 14 يوما المقررة للعزل الصحى بها. ثم جهزت المستشفى بجميع الإمكانيات المطلوبة من أجهزة وأدوية، وأطقم طبية مدربة فى مجالات الصدر والحميات والقلب والتخصصات ذات الصلة، وأمدتها بأجهزة التنفس الصناعى، استعدادا لاستقبال المصريين العائدين من مدينة ووهان الصينية، والذين يزيد عددهم على 300 فرد، إضافة إلى الأطقم الطبية ويصل عددهم مجتمعين نحو 650 فردا بينما يسع المستشفى 700 سرير. وفى 13 فبراير، اكتشفت أول حالة مصابة بفيروس كورونا، وهى لشخص صيني، ثم توالت الحالات بعد ذلك. وبدأت الوزارة فى إعداد عدد أكبر من المستشفيات، فجهزت 27 مستشفى كبيرا فى المحافظات، بمعدل مستشفى فى كل محافظة، فى الوقت الذى تزايدت فيه الحالات بشكل كبير، مما استدعى لعقد بروتوكولات تعاون بين كل فئات الدولة، فتعاونت الصحة مع التعليم العالى لدمج مستشفياتها فى المنظومة. وشكلت وزيرة الصحة لجنة علمية مكونة من 14 عضوا من أساتذة الجامعات، واستشاريّ وزارة الصحة، من التخصصات الإكلينيكية المختلفة والبحث العلمي، وتقوم بوضع كُتيب إرشادات لعلاج مرضى «كوفيد 19» الذين لديهم أمراض مصاحبة مثل «أمراض القلب – الضغط – السكر – الحوامل – أمراض الكلى – والأورام»، حرصا على ضمان جدوى العلاج وتقليل معدل الوفيات. كما أكدت الوزارة على إجراء تحاليل الكاشف السريع، لكافة الفرق الطبية، قبل مغادرة مستشفيات العزل، كما سيتم إخضاعهم للتحاليل أيضًا قبل العودة لاستكمال العمل مرة أخرى فى المستشفيات، وكذلك استمرار متابعة الحالات التى استجابت لبروتوكولات العلاج، وزالت عنها الأعراض الإكلينيكية مع استمرار إيجابية تحاليلهم، وذلك لنقلهم من مستشفيات العزل إلى بعض الفنادق، ونزل الشباب وغيرها، مع استمرار المتابعة الطبية لتلك الحالات لحين سلبية تحاليلها وتمام شفائها وخروجها. وأعلن د.علاء عيد، رئيس قطاع الطب الوقائى بوزارة الصحة، مؤخرا، أن كل مستشفيات وزارة الصحة مفتوحة للأطقم الطبية، وكل المصابين موجودون فى مستشفيات عزل، ومعظمهم تعافى والباقون يحصلون على الخدمة، مؤكدا على وجود 800 حالة من بين العاملين بالقطاع الصحي، ما بين طبيب وفنى وممرض ومسعف وعامل. كما أعلنت الوزارة عن استقبال ال320 مستشفى عاما ومركزيا فى مصر، لمصابى فيروس كورونا، لإجراء الفحوصات والعزل الصحى بها، وذلك بعد توفير الإمكانيات المطلوبة لذلك، وخصصت فى كل مستشفى دورا بواقع 20 سريرا للأطقم الطبية المصابى بفيروس كورونا، بإجمالى 6400 سرير فى كافة المستشفيات العامة والمركزية، باعتبار أن إصابات الفرق الطبية تتراوح بين 11 و 13% من بين المصابين، وهى النسبة التى أعلنتها منظمة الصحة العالمية سابقا. وبلغت أعداد المسحات التى أجرتها وزارة الصحة للمواطنين والأطقم الطبية، 180 ألف مسحة، بخلاف الكواشف السريعة والتى تخطت 200 ألف، وكثفت إجراء التحاليل الدورية لأطقمها الطبية، وأجرت 19 ألفا و578 تحليلا بالكاشف السريع، و8913 PCR، حتى الآن لهم. كما أعلنت وزيرة الصحة، عن إصابة 291 من الأطقم الطبية فقط بمستشفيات الحميات والصدر والعزل، من بينهم 69 طبيبا وطبيبة، لافتة إلى وفاة 11 من الأطقم الطبية، وذلك منذ بداية الجائحة وحتى الاثنين الماضي، مؤكدة أن جميع المصابين يتلقون العلاج والرعاية الطبية اللازمة بالمستشفيات.